صفحة الكاتب : حميد آل جويبر

حجُّنا ... هذه المخادعة الكبرى
حميد آل جويبر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

منذ ان وعيت على الاشياء وانا اتلقى - كما يتلقى الملايين من غيري - تمنيات خالصة وصادقة بحياة قادمة افضل ببركة عيد الاضحى . وبمرور السنوات ذاب وتلاشى ذلك الصدق لان هذه الامنيات تحولت بقدرة قادر الى حزم من الالكترونات الجامدة التي لا تختزن اي شحنة عاطفية انما تقال من باب سد العتب والبعض يتفنن في اخراجها من باب النرجسية واظهار المواهب لا غير فاذا فتشت جوفه لم تجد رائحة لصدق المشاعر . ومنذ ذلك الوقت حيث كنت اتلاقف كرة القدم المثقبة كغربال كان الدعاء بنصرة الاسلام والمسلمين لا يعلوه الا "لبيك اللهم لبيك ، ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك " ... وكلما ارتفعت هذه الدعوات الى السماء ومن الديار المقدسة كلما شعرت ان دعاء هذه الملايين محجوب عن السماء التي تقول في محكم كتابها "ادعوني استجب لكم " لكن الاجابة ليست محبوسة فحسب انما تتنزل نتائجها معكوسة في الغالب . ندعو بلم الشمل فيظهر لنا شيخ وهابي اخر على الارجح اعور . ثم ندعو بالنصرة على الظالمين فينط لنا جيش النصرة . ثم نبتهل الى الله ان ينجينا من الكرب العظيم فيظهر داعش المغبر ملوحا بسكينه العمياء التي لا تفرق بين رقاب الأضاحي والبشر . ونتضرع بان يحرق الله الزرع والضرع والنسل في بلاد الكفر فنتفاجا بان ثلثي اراضينا اما عاقر واما محبوس عنها القطر ولا تجدي بها اقام صلاة الاستسقاء ليل نهار . حصة العراق سنويا آلاف الحجاج وايران اضعافها ومجموع الدول العربية تتجاوز المليونين . جميع هؤلاء قطعوا كل هذه المسافات الشاقة وانفقوا الاموال العزيزة رخيصة طلبا للتقرب لله وضمان مغفرته واعلان التوبة النصوح والتعهد بحبس النفس الامارة عن الذنوب . لو اخرجنا الاطفال القصر والعجزة القاصرين من الجنسين لكان لدينا مجتمع حاج كامل الدسم في غضون سنوات قليلة ويفترض ان هؤلاء جميعا عادوا من الديار المقدسة بقلوب اكثر قداسة فالانسان بناء الله الذي لا ينازعه حجر او مدر . ترى اين اثار كل هذا التضرع والدعاء والتوسل والانابة والتوبة والخضوع والخشوع الي ترخص فيه كريمات الدموع . في سورية المكلومة ودعتُ ايام َعزها صديقا عزيزا وهو من وجوه المجتمع العراقي متوجها لحج بيت الله الذي استطاع اليه سبيلا ، والتقت دموعنا اثناء العناق . كان يبكي تشوقا للقاء وانا ابكي لظرف بائس كنت امر به لا يضمن لي كلفة سفر من منطقة السيدة زينب الى القزاز بالمايكروباص . ومضى بعد ذلك كل الى غايته ، والتقينا بعد ذلك بنحو نصف عام تقريبا وفوجئت بان شخصيته ما قبل الحج كانت اقرب الى الله والاخلاق منها بعد الحج . سالته : ايه فلان اراك تغيرت كثيرا بعد رحلتك الى مكة فرد علي بكل ثقة ان تاثير الحج تلاشى عندما نزلت في مطار بيروت والتقيت اول حسناء في شارع الحمراء !!! مضيفا : لكنني اخطط لغزوة حج آخرى هذا العام . سالته مذهولا وما الجدوى من حج قادم وان تراب مكة لايزال عالقا في ملابسك . رد علي بثقة : اريد ان اعيش قريبا الى الله ولو اسبوعين فقط ... ماذا عن خمسين اسبوعا آخر !!! علمه عند الله . اتحدث عن العراق لاني منه فالسقوط الذي ينحدر اليه البعض - خاصة المسؤولين - لضمان وجودهم في قائمة الحجيج لا يمارسه حتى قتلة مسلمي الروهينجا . وهنا يتدخل المال القذر والعلاقات المشبوهة وآفة المحسوبية وولائم "الرحمن" كل هذا فقط من اجل ان يحج بيت الله الحرام حتى وان سلب "الغلابة" حصصهم . فاذا كان سيدا منسوبا لسلالة علي بن ابي طالب "عليه السلام " فانه بلغ المجد من اطرافه واصبح اسمه الحاج السيد فلان العلاني وهذه ضمانة كافية لصعوده الى كرسي البرلمان حتى لو كان منافسه هيلاسي لاسي . هل اتضحت الصورة الان لماذا قلبي محجوب ونفسي معيوب وعقلي مغلوب وهواي غالب والسماء لا تمطر الا دواعش وقواعد ونواصر ... و بقية القائمة تاتي قريبا فلا تستعجلوها .

 IRAQHAMID@GMAIL.COM


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حميد آل جويبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/10/04



كتابة تعليق لموضوع : حجُّنا ... هذه المخادعة الكبرى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net