صفحة الكاتب : سمير القريشي

الأمام الحسين ..المثل الأعلى والمعشوق الأزلي
سمير القريشي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مهما تطورت الحياة ماديا وشكليا أو أنها اتجهت نحو الحضارة الحديثة كما يحب البعض أن يسمي  بها الحياة المادية ..يبقى الإنسان يحن ويئن إلى الحياة الروحية المعنوية ..تلك الحياة المجردة عن أي نوايا وأغراض شخصية ..حياة تمثل حقيقة الإنسان وجوهره وأفضليته على باقي ما خلق الله تبارك وتعالى والتي امتاز بها عن باقي الموجودات ..آلا أن هذه الحياة الروحية قد تموت أو تضمحل أو تفقد صفاتها السامية بسبب اتجاه الإنسان بشكل طبيعي إلى الحياة المادية التي يعيشها والتي تفرض عليه بشكل أو بآخر أن يكون ماديا في تعامله وسلوكه بدرجة كبيرة ولذلك يحتاج الإنسان إلى من يوقظه من سبات المادة القاتل ..وهذا من وظيفة الدين فهو المحرك لكل المكنون الفطري داخل الإنسان. وتنشيط العوامل الروحية وجعلها ندا قويا للمادة وبالتالي المحافظة على حقيقة الإنسان الروحية والتي بها صار الإنسان إنسانا..ومن هنا ينبثق تساؤل مهم وهو هل الدين مجرد شرائع وعقائد وأفكار. أو أن للدين السماوي تجسيد اكبر من ذلك ؟؟
الدين واقعا عقائد وشرائع وأخلاق وفكر وفلسفة لكن الأهم من ذلك المثل الأعلى الذي تتجسد فيه هذه القيم الدينية  المقدسة
..المثل الذي نرى من خلاله حركية العقائد والشرائع والأخلاق ..كان أمير المؤمنين علي ابن طالب يقول أنا القران الناطق ..قبال القران الصامت ..والإسلام الحنيف أعظم الأديان السماوية التي قدمت المثل الروحية لكل الإنسانية لتحرك فيها الشعور الروحي والغيبي والذي وحده يستطيع أن يقدم للإنسان الحقائق التي يبحث عنها أو يصحح  تلك الأوهام التي آخذها عن نفسه وعن الكون والوجود واعتبرها حقائق .مع أنها وهم كبير!!
ولديمومة العلاقة بين المثل الأعلى وبين الإنسان يحتاج إلى علاقة حب ووئام ومودة وكلما تجردت العلاقة عن الأغراض الشخصية كلما دامت وارتقت إلى المستوى الرفيع ...وهنا يأتي دور المثل التي يتعلق به الإنسان ودورها في صناعة وتكامل الإنسان ..والإمام الحسين صلوات الله عليه صاغ أعظم ملاحم العشق وفجر أروع ثورة حب  وعشق في عالم الوجود ليكون صلوات الله عليه الرائد العظيم في تعلق الإنسان بإنسانيته وخروجه من براثن الحيوانية البهيمية ..
لا نريد أن نقدم النماذج التي قدمتها عاشوراء على محراب العشق ..ولا نريد أن نفصل ما فعل عشق الحسين بأصحاب الحسين صلوات الله عليه .ولا نريد أن نفصل ما قاله جون وعابس وحبيب ابن مظاهر وزهير ابن القين في ذلك اليوم الرهيب العظيم ..
فهؤلاء الرجال كانوا يتكلمون ويفعلون بدافع الحب للحسين صلوات الله عليه ,المثل الأعلى الذي تجسدت فيه القيم الإنسانية الروحية ..القيم التي كانوا يرونها في أنفسهم بعد أن طهرت من براثن المادة وخلصت من شوائب الهوى ..ولذلك كان حبهم للحسين هو حب لأنفسهم بقدر ما هو حب للحسين ..بعبارة أخرى حين يكتشف المرء ذاته بذات عليا كاملة نقيه صافية طاهرة, فانه يتعلق بها ....
ولذلك حب المثل العليا هو حب للصفات الإنسانية الكاملة وهو حب للعقل والوعي والكمال والإخلاص .وهذا يعني أن حقيقة المثل العليا تكتشف من قبل الواصلين والكمل فيرون حينها أن حب المثل العليا هو حب واجب لأنه يخرجهم من الظلم إلى النور .من الجهل إلى العلم ..من البهيمة إلى الإنسانية ..بالوقت الذي يعرفون فيه أن حب المثل العليا هو السبيل الوحيد لوصول الإنسان إلى حقيقته  ولا سبيل غيره ..وان للدين  وجهان الحب والبغض كما جاء في بعض الراويات الشريفة ..لكن لا بد للمرء من السير في سبيل العشق حتى يصل إلى الغاية ..
ومن اجل تميز الدين الإسلامي بفضل مثله العليا والتي يعد منها الأمام الحسين علما كبيرا دين روحي ومعنوي وعملي جاء ليحرر الإنسان من قيوده الكثيرة لينطلق به  إلى حياة الروح التي  تضع كل شيء  في موضعه الصحيح من  الحياة ..
أذان حب الحسين ليس نافذة روحية آو وسيلة نتقرب بها إلى الله تعالى فقط أو انه واسطة ننزل بها الغيث وندفع به البلاء ..وليس لان الحسين أماما معصوما فرضت علينا طاعته بقوة النص والعقيدة والاستدلال الفقهي والعقلي ..وليس الحسين مثلا أعلى لان جده رسول الله وأمه الزهراء وأبيه أمير المؤمنين صلوات الله عليهم فقط ..
الحسين مثلا أعلى لأنه الدليل الذي يستدل به على إنسانية الإنسان وكرامته في الدنيا والآخرة. ولان حبه صلوات الله عليه السبيل أو السر الذي يمكن من خلاله إن يكتشف الإنسان ذاته التي فطر عليها ..فكل إنسان يريد إن يصل إلى حقيقته عليه بحب الحسين صلوات الله عليه  حبا حقيقيا وسيعرف حقيقته ...
وبعد ما تقدم سينكشف سر الرواية التي تروى فيها عن رسول الله صلوات الله عليه والتي يقول فيها ( أن لولدي الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تنطفئ إلى يوم القيامة )..لان حب الحسين رفيق التكامل الإنساني. ولان واقعه الطف قدمت الحسين كمثل أعلى للإنسانية  لكن علينا أن نعرف آن الحسين اكبر من الطف واكبر من القتل وان كانت الطف واجهه قدمت الحسين آلا انه صلوات الله عليه رفيق كل من يريد أن يصل إلى وجوده الواقعي الذي فطر عليه  إلى يوم القيامة ..
السلام عليك يا سيد الشهداء وأبا الأحرار


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سمير القريشي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/10/29



كتابة تعليق لموضوع : الأمام الحسين ..المثل الأعلى والمعشوق الأزلي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net