صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

واحسيناه!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

واحسيناه!
حبيب المصطفى , جرحنا نادى زمانا قد غفا , ديننا يشكو اضطرابا عاصفا , والكتاب في حياةٍ إنتفى , والقتيل ابن أم شاكست , جوهر الدين وجازت ما عفا , قد نُحِرنا بسلاحٍ عندنا , بعضنا طاشتْ وبعضٌ إشتفى , آهةٌ جاءت وأخرى بعدها , وعدوٌ بأسانا إحتفى!!

واحسيناه!
تطلقها كل ذرة تراب في مدن السلام والآلام والفواحش والإنتقام , تبحث فيها عن الله والإسلام , والصدق في الذود عن قيمٍ تمزقت , ومبادئ تصادرت , ورحمة تصاغرت , وأوجاع تفاقمت وتمذهبت!

واحسيناه!
ترددها الأطيار والأشجار , لكي يستعيد البشر المألوس بعض رشده , ويستفيق إلى نفسه ويرحم دينه الذي تحول إلى عدو كبير له ومدمر فعال لِما يمت بصلة إليه.

واحسيناه!
صرخة حق يحملها الباطل في زماننا الخائب المهزوم ,  ليؤكد ما هو ضدها ويسعى بقوة إلى قتلها وإتلاف معانيها , وتدمير فحواها وإسقاطها من عليائها ودفنها في أوحال الذل والهوان , والغضب وطعنها بخناجر الجهل والأمية والنكران.
إنها ضياء حق يتم إطفاءه بالأدعياء والمرائين والمنافقين الساعين إلى كراسي البطش والجريمة والغدر بالقيم الإنسانية.

واحسيناه!
أرانا ندعي , والظلام بالجموع احتفى , مالنا دين ولكن عندنا , مذهب الجهل كدين يصطفى , والحياة في زمانٍ هوننا , فكأنا كقطيعٍ نقتفى!

واحسيناه!
نخوة ضمير في زمن بلا ضمير وحياة بلا قيمة ومعنى وأمل , فالبشر الساعي إلى حتفه قد داس الضمير بقدميه وتجاهله وقتله, فما عادت الأعماق موطنا له, بل أن الأحجار يصرخ في قلبها الضمير وليست الصدور, الضمير الذي يموت في دنيا البشر المشحون بالسوء والتحامل والإنقضاض على أخيه , لأنه يشهد أن لا إله إلا الله ولأنه عربي مسلم مثله!
وبإسم راية الحسين الشماء يتم إيذاء الحسين كل يوم ألف مرة , وطعن الأولياء والصالحين في قلوبهم مرات ومرات.
والجموع تشهد بالدين وتحمل راياته , التي تعني أنها أعلنت حربا على الدين والضمير والحق المبين!

واحسيناه!
صولة غيرة على المبادئ والقيم والدين, في زمن لا يعرف الغيرة بل الخنوع والتوسل والإذلال , والمسير على خطى الظلم والغدر والدمار وذلك باسم الدين!

واحسيناه!
أصبحت في زماننا المقهور ضد الحسين (ع) وضد مبادئه , وتحولت إلى خنجر في قلب الدين , ووسيلة للقضاء على الوجود الإسلامي العربي , وتحطيم الأمجاد ورميها بالبهتان وتشويه التأريخ , وتجريد العربي من هويته وذاته ودفعه إلى غير دينه, وبإسم هذه الصرخة السامية النقية الصافية الطاهرة الأبية , التي إخترقت الزمن وتجذرت في كون الوجود , ورددتها النجوم ورحل صداها في أعالي المديات والأكوان , باسم صرخة الحق والشموخ والعزم والعقيدة والمبدأ, يراد دفن الإسلام بالأشلاء والدماء والأنين ليكون دينا للغابرين!

واحسيناه!
ترددها المئذنة الملوية , وقبة علي الهادي والحسن العسكري , وقبة موسى الكاظم , ومنائر الجوامع العراقية بأسرها , وقباب ومنائر القيم والأخلاق والمثل والعلاء والحمية الشامخة في بلاد الرافدين, والتي أخذت تخشى من الرياح السوداء المصنوعة في جحيمات التيارات البشرية الشريرة , التي تتحرك فوق الأرض بعنفوان وكأنها تحولت إلى طوفان أسود يريد أن يفجر أركان العقل والروح والضمير العربي المسلم!

واحسيناه!
وأم غادرت , مجدها الزاهي بليل المنتفى , وتناهت لحضيض بائس , وتطامت في سحيقات الجفى , وتراءت كالذليل تشتكي , عزة الدين وتأتي الأجحفا!

واحسيناه!
صداها يتنامى في الأكوان ,  وتتقاذفها النجوم ويحملها القمر , ويرمي بها إلى الجموع البائسة على الأرض المشحونة بالأسى , ليخرجها من ضلالها الفكري وجهلها القهري , ويوقظها من أخلاق القطيع والإنقياد للكراسي المهينة , وينتشلها من براثن الظالمين ,  الذين يتخذون الدين وسيلة لإمتهان القيم والأخلاق وتمزيق الإنتماء وبناء المآسي الدنيوية , التي أبكت الحجر وأرعبت النجوم والقمر وما إستفاق من غيه البشر!

واحسيناه!
أكوان "لا" المتوجة بالصدق والقوة والأمل والحياة, والشامخة بصلابة وإصرار بوجه الباطل , الذي تراه مهزوما برغم ما أوتي من قوة مادية ظاهرة , وجحافل قطيع تنعق خلف رايات الجور والطغيان البشري , المدان بكل بديهيات الوضوح ودلائل الأزمان.
"لا" التي إنتصرت وتجسدت معانيها وخاب من أراد بها سوءا ومارس القهر والعدوان, لكنها تقف اليوم مأسورة بالحشود الراقصة على أنغام التضليل والكراهية , والتطبيل للفناء المرعب الجديد الذي تقترفه طوابير الذل والخنوع والعبيد!

واحسيناه!
إشراقة الإيمان في ظلام الكفر والنكران ,  ونور محبة في قلب الكراهية والإنتقام والإمتهان. وصوت شريف طاهر نقي منبعث من أعماق الإنسان, وأنها الكلمة التي تفصل ما بين الحق والباطل والخسران ,  وهي التي تجسد معاني الدين وتحمل رسالة محمد (ص) بنقائها وقوتها, وتؤكدها في العصور والأزمان.
إنها التحدي والإصرار والقوة والإقتدار الروحي والمعنوي الجبار.
وهي الشعلة الأبدية الوضاءة التي تقف براقة لتشير إلى الطريق الصحيح , الذي تقتدي به البشرية في تعبيرها السامي الخلاق عن الحياة المطعمة بمُثل السماء والنقاء.

واحسيناه!
كلمة تخترق الآفاق والجدران , وتطوف في بحر المعاني والإمعان, وتؤكد أن البشر من غير صدق وإيمان ومحبة لا يرتقي إلى عالم الإنسان!

واحسيناه!
وربي عالم , أمة خابت وجاءت مؤسفا , تتهاوى في شقاق مرعب , تنكر الله وتؤذي المصطفى ,
وتعيش في عداء ساخط , وهواها لا تريد المُسعفا!

يا سيدي الحسين!
ما أحوجنا إلى مُثلك وقيمك وأخلاقك وقوتك في الدفاع عن الدين, ونحن ننحدر من سيئ إلى أسوأ, ومن مسلمين إلى أعداء أشداء للإسلام , يقتل بعضنا بعضا ونكّفر أنفسنا ونسير في دروب  الإنتحار والدمار , التي أعدت لنا ونحن الساهون المغفلون الجاهلون, فنرعى ما يضرك ويؤذي دينك ودين أبيك وجدك, ونمتهن رسالتك ونعصي مبادئك ونؤلم أجدادك وأحفادك ونغضِب رب العالمين.

يا سيدي الحسين!
لقد بلغ السيل الزبى
وصار المسلم عدوا لأخيه المسلم.
وبجهدنا جميعا قد أفلح الراغبون بما لا نرغب, وغمرت السعادة من اكتفى بنا لتحقيق مآربه والجميع يقولون:
يا أمة غنمت من بلائها الأمم
"يا أمة ضحكت من جهلها الأمم"
يا أمة هربت من فواحشها الأمم
ونحن الراكضون كالمآليس في باحة الجنون والتداعي على الغوابر والأوهام.

يا سيدي الحسين!
فهل تمد إلينا يد الخلاص من هذا الجحيم المسعور , ومن مواقد الضلالات والثبور , التي نصطلي بها فلا نعرف الحياة وما علينا أن نؤديه فيها , ونحن سكارى الغي والتضليل والتطبيل وراء النواعق والخسران اللذيذ!

واحسيناه!
أستنجد بك وبجدك وأبيك , وأرتقي إلى معانيك وأنوار معاليك , وأسترشد برسالتك الشماء المعطرة بالصفات العلياء , في مواجهة محنة الأمة التي فقدت دليلها وأحرقت منهجها , لتنوح وتبكي على حياتها الغائبة في صناديق العماء السوداء , الضائعة في بحر المأساة المتفاقمة البلاء.

فهل ستوقظ صرخة "واحسيناه" النائمين على أرصفة البغضاء والكراهية والأحقاد , والمُخدَّرين بسموم الضلالة والجهل والكفران.
وهل نستعين ببعضنا للحفاظ على الدين, أم نستعين على بعضنا لكي نمزق الدين؟!

يا سيدي الحسين!
الدين...الدين!
فالأمة تهرول حول الكرسي المهين , وكأنها تحسب أن في  ذلك دين!!
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/02



كتابة تعليق لموضوع : واحسيناه!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net