صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح 243 سورة الحج الشريفة
حيدر الحد راوي


بسم الله الرحمن الرحيم

الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ{56}
تؤكد الآية الكريمة (  الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ ) , الملك والسلطان يوم القيامة لله تعالى وحده , (  يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ) , بين الخلق , المؤمنين والكفار , (  فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) , بعد حكمه عز وجل ستكون هناك فئتين , الفئة الاولى من قبل الله تعالى ايمانها وما قدمت من اعمال صالحة , فأثابهم على ذلك جنات النعيم فضلا منه عز وجل .     

وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ{57}
تنعطف الآية الكريمة لتذكر الفئة الاخرى (  وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا ) , فئة الذين كفروا بالله تعالى وكذبوا بما جاءت به الرسل والانبياء "ع" , (  فَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ) , فتلك الفئة مصيرها العذاب الخالد .    

وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ{58}
تبين الآية الكريمة (  وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ) , الذين هاجروا من مكة الى المدينة , بعد هجرتهم قد يتعرضوا الى احد امرين :
1-    (  ثُمَّ قُتِلُوا ) : في الجهاد او غدرا .
2-    (  أَوْ مَاتُوا ) : و من مات منهم بمرض وغيره , لكنهم ثابتين على الايمان .        
هذه الشريحة مهما كان سبب موتهم , هم  في جملة (  لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقاً حَسَناً ) , الجنة , او منازل ودرجات خاصة فيها , (  وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) , افضل واجزل من اعطى , يرزق من يشاء بغير حساب .    

لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ{59}
تؤكد الآية الكريمة (  لَيُدْخِلَنَّهُم مُّدْخَلاً يَرْضَوْنَهُ ) ,  من المؤكد انه في الجنة , لكنه اشارة الى مقامات ومنازل رفيعة فيها , (  وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ ) , (  لَعَلِيمٌ ) , بحالهم واحوالهم , (  حَلِيمٌ ) , لا يعاجلهم بالعقاب .     

ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ{60}
تبين الآية الكريمة (  ذَلِكَ ) , الذي قصصناه عليك , (  وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ) , ايما مؤمن عاقب كافرا بمثل ما تعرض له من العقاب منه , (  ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ ) , ثم وقع عليه الظلم من الكفار مرة اخرى , (  لَيَنصُرَنَّهُ اللَّهُ ) , وعدا منه تعالى له بالنصر , (  إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ) , كثير العفو والمغفرة للمؤمنين .         

ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ{61}
تبين الآية الكريمة (  ذَلِكَ ) , النصر , (  بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ ) , بيانا انه تعالى قادر على تقليب الامور , ومداولة الاشياء المتعاكسة او المتناقضة , (  وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) , (  سَمِيعٌ ) , يسمع قول المؤمن والكافر , (  بَصِيرٌ ) , بهما , فيثيب من يستحق الثواب , ويعاقب من يستحق العقاب .      

ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ{62}
تبين الآية الكريمة مؤكدة (  ذَلِكَ ) , النصر ايضا , او ذلك الوصف بكمال القدرة والعلم , (  بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ ) , فيه ما يكفي من اثبات ان الله تعالى هو الحق الثابت , (  وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ ) , اما بخلاف ذلك , وهو ما يعبدون سواه من الاصنام وغيرها فهو الباطل , الذي لا ثبات له , ولا دليل , (  وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) , (  الْعَلِيُّ ) , على خلقه ذاتا وصفاتا وافعالا , قدرة وقهرا , تدبيرا وغلبة , (  الْكَبِيرُ ) , كذلك في ذاته وصفاته وافعاله , فهو اكبر من ان يوصف جل وعلا .     

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ{63}
تضمنت الآية الكريمة استفهام تقرير (  أَلَمْ تَرَ ) , الم تعلم , (  أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً ) , الغيث , (  فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ) , بأنواع النبات , (  إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) , (  لَطِيفٌ ) , يصل علمه وقدرته واحاطته جل وعلا لكل شيء مهما كان صغيرا , (  خَبِيرٌ ) , بكل ما ظهر وبطن .      

لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ{64}
تبين الآية الكريمة على نحو التأكيد المطلق :
1-    (  لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ) : ملكا وخلقا .
2-    (  وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) :  (  الْغَنِيُّ ) , عن خلقه وملكه , (  الْحَمِيدُ ) , المستحق للحمد بصفاته وافعاله , كثير الحمد لأوليائه .     

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{65}
تضمنت الآية الكريمة استفهام تقرير , جاء فيه (  أَلَمْ تَرَ ) الم تعلم :
1-    (  أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ ) : المفسرون الاوائل يذهبون الى انها البهائم , كما يذهب الى ذلك السيوطي في تفسير الجلالين , اما المعاصرين فيذهبون الى انها كل ما احتوت عليه الارض من المنافع , بأن جعلها الله تعالى مسخرة مذللة للإنسان القادر على الانتفاع بها , مهيأة معدة لمن تمكن من الانتفاع منها . 
2-    (  وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ) : السفن التي تجوب البحار , بما تحمل من مسافرين واحمال اخرى , (  بِأَمْرِهِ ) , بأذنه عز وجل , بعد ان هيأ لها الاسباب لذلك .    
3-    (  وَيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ) : يؤكد النص المبارك ان الله تعالى هيأ من الاسباب ما يحفظ السماء لئلا تقع على الارض فيهلك اهلها , الا بأمره ومشيئته عز وجل .     
تختتم الآية الكريمة بــ ( إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ) , يبين النص المبارك انه عز وجل رؤوف رحيم بالناس كافة , المؤمن منهم والكافر , فيما سخر وامسك "حفظ" هذه الاشياء , منة منه جل وعلا وتفضلا . 

وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ{66}
تبين الآية الكريمة المراحل التي مرّ وسيمر بها الانسان :
1-    (  وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ) : بالإنشاء , او من النطفة . 
2-    (  ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ) : عند انقضاء الاجل .
3-    (  ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ) : الى البعث   
تختتم الآية الكريمة في بيان شامل عن حال اكثر الناس (  إِنَّ الْإِنسَانَ لَكَفُورٌ ) , كثير الجحود لنعم ربه جل وعلا بتوحيده وشكره , بالرغم من ظهورها واستفادته منها .  


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/07



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح 243 سورة الحج الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net