يبدو أنّ موضوع الانقلاب الذي قاده بعض قيادي حزب الدعوة الإسلامية ضدّ زعيمهم نوري المالكي وتآمرهم عليه وخيناتهم له , أصبح يقضّ مضاجعهم ويؤرقهم بالرغم من اختبائهم وراء شمّاعة مصلحة الحزب العليا , فالمتآمرون جميعا يرددون نفس الأسطوانة المشروخة بأنّ قرار تغيير نوري المالكي قد تمّ اتخاذه من قبل قيادة الحزب , وإنّ قرار قيادة الحزب جاء استجابة لمطالب المرجعية الدينية العليا التي طالبت بالتغيير وكذلك الكتل السياسية التي تشترك في العملية السياسية , وها هو علي العلاق القيادي في حزب الدعوة الإسلامية والنائب عن ائتلاف دولة القانون يدلي بتصريح اطلعت عليه المسلّة قال فيه ( إنّ قضية تغيير الحكومة السابقة ليست شخصية , إنما قضية حزب إسلامي كبير وهو حزب الدعوة الإسلامية وأنا جزء من القرار الذي صنعته القيادة وهو جماعي وليس شخصي ) .
ويبدو واضحا من خلال التصريح أنّ الرجل يريد أن يبعد التهمة عنه ويخفي حقيقة الدور الذي لعبه في هذا الانقلاب , وهذه ليست المرّة الأولى التي يدلي بها السيد علي العلاق بمثل هذه التبريرات التي يستهدف من خلالها إبعاد الأنظار عن سقيفته التي عقدت في بيته والتي بويع فيها حيدر العبادي رئيسا للوزراء , وبما أنّ الحديث يدور حول مصلحة الحزب , فلا بدّ لنا أن نقف قليلا مع السيد العلاق باعتباره قياديا في حزب إسلامي , فالأحزاب العلمانية تنطلق بمفهوم المصلحة من اعتبارات فن إدارة الممكن والغاية تبرر الوسيلة , خلافا للأحزاب الإسلامية التي تعتبر مرضاة الله سبحانه وتعالى هو الغاية والوسيلة , وليس من مرضاة الله سبحانه وتعالى الالتفاف على الشرعية الانتخابية والدستورية بهذا الشكل المخجل الفاقد للقيم والأخلاق , وأي قرار يتحدّث عنه السيد علي العلاق وقيادة الدعوة وشورى الحزب قد أعادت ترشيح نوري المالكي بالإجماع في هذا الاجتماع المشترك للقيادة والشورى , فهل ينكر العلاق حصول هذا الاجتماع ؟ , وهل قرار ترشيح رئيس الوزراء محصور لحزب الدعوة أم لائتلاف دولة القانون ؟ وهل أحيط ائتلاف دولة القانون علما بهذا التغيير ؟ .
فإذا كان نوري المالكي قد رضخ أخيرا وتنازل عن استحقاقه الشرعي والدستوري , فهذا الرضوخ لا يختلف عن رضوخ علي بن أبي طالب بعد اجتماع سقيفة بني ساعدة ومبايعته للخليفة الأول , وبهذه المناسبة أقول للسيد علي العلاق , مهما حاولتم أن تبرروا , فإنّكم في نظر العراقيين متآمرون على زعيمكم , ولا تعدون أكثر من طلاب شرهين للسلطة والجاه والمال , وما قمتم به لا يمت بصلة لقيم الدعوة الإسلامية الأصيلة , وإذا كنت قد أصبحت نائبا بأصوات حنان الفتلاوي عن الحلة , فتيّقن أنّ أبناء الحلة لن يمنحوك ثقتهم بعد العمل المشين الذي تزّعمته أنت ورفاقك الآخرون .