صفحة الكاتب : مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

التهديد الجهادي لأمن دول مجلس التعاون الخليجي
مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حوراء رشيد مهدي الياسري
 
 ما يزال خطر وصول الجماعات الإرهابية وتأثيرها المدمر من العراق إلى دول مجلس التعاون الخليجي يؤثر وبشكل كبير على طبيعة رسم ملامح العلاقة ما بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي، فقد كان التوجه السائد لدى هذه الدول أن العراق يمثل مصدر تهديد لأمنها الداخلي والخارجي، إلا أن تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في العراق وسوريا ودول الربيع العربي أدى إلى تبلور قناعات جديدة لدى حكومات هذه الدول الخليجية بشكل مغاير عما كان سابقا خاصة بعد أن تم الكشف عن تشكيل شبكات متخصصة لتجنيد الشباب ضمن صفوف داعش الإرهابية خصوصا بعد تزايد تأثير الدعاة أمثال العريفي والعرعور الذين دأبوا على دعوة الشباب للقتال في صفوف هذه الجماعات الإرهابية من باب الجهاد في سبيل الله. 
ان دول مجلس التعاون الخليج ظلت تواجه تهديدات اتسمت بالتنوع من حيث طبيعتها، إلا أنها في المرحلة الحالية تواجه تهديدا من نوع آخر وهذا يعود لعدة أسباب أهمها:- 
(1) التهديد من قبل الجماعات الإسلامية الراديكالية وعلى رأسها ما يعرف بـ (الدولة الإسلامية في العراق والشام – داعش) والتي راحت تشكل خطرا يتمحور من خلال التهديدات التي تطلقها باتجاه الكويت والسعودية المحاطة من الشمال والجنوب بأسوار هذا الخطر. 
(2) وجود حواضن فكرية وإيديولوجية لهذه الجماعات في بعض الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية والكويت وقطر. 
(3) تجدد عوامل عدم الاستقرار والأسباب الدافعة لها في بعض دول مجلس التعاون وخصوصا في البحرين والسعودية، بالإضافة إلى توتر العلاقات ما بين المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة من جهة وقطر المدعومة من تركيا من جهة أخرى. 
(4) تراجع في مستوى الالتزام الأمريكي اتجاه امن الدول الخليجية في إطار تراجع على مستوى كوني في أفغانستان والمغرب العربي وتحول الاهتمام إلى فضاءات أخرى مثل الأزمة الأوكرانية. 
(5) مظاهر التوتر الطائفي الواضح في المنطقة وإرهاصات حرب طائفية راحت تتنامى في سوريا ولبنان، ودول الخليج ليست بمنأى عن هذه التوترات وخاصة في البحرين والسعودية وقطر. 
وما يزال القلق والخوف يسيطر على دول مجلس التعاون الخليجي من تفاقم وانتقال التهديد الإرهابي لما يعرف ب (داعش) إلى بلدانهم بعد أن دخل العراق وسيطر على اكبر ثاني مدينة فيه وعاث فيها فسادا بالإضافة إلى بعض المدن الأخرى، وبالرغم من تصنيف السعودية لداعش على أنها منظمة إرهابية وإقرارها بذلك، إلا أن هناك عدد من القضايا الشائكة والعالقة ما بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي وتعتبر دول الخليج هذه القضايا مهددة لأمنها وبدرجات متفاوتة ومن أهم هذه القضايا ما يلي:- 
(أ) الاهتمام الخليجي بمستقبل السنة السياسي في العراق خصوصا بعد أن أصبحت السلطة تدار من قبل الشيعة وهذا يمثل توترا مستمرا ما بين العراق وبعض الدول الخليجية وأبرزها السعودية وقطر بدرجة كبيرة والبحرين بدرجة قليلة، وهذا كان واضحا عبر التصريحات التي تطلقها السعودية وقطر بين الحين والأخر. 
(ب) القلق الذي تعيشه هذه الدول بسبب العلاقة الرابطة ما بين العراق وإيران واعتقادها بان العراق متصل بإيران ومرتبط بها ارتباطا قويا، وهذا يعد متغيرا مهما في العلاقات بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي وخاصة السعودية التي تفضل ان يكون هناك سياسة مستقلة نسبيا للعراق عن إيران. 
(ج) في المقابل فان العراق ما يزال يتوجس خوفا من استمرار بعض الأطراف والقوى في دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتها السعودية وقطر من خلال تمويل التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها داعش في العراق والشام. 
أصبحت دول مجلس التعاون الخليجي تتخوف كثيرا من خطر الجماعات الجهادية لكونها هي أول من قدم لها الدعم سواء كان بصورة مباشرة أم غير مباشرة، وهي اليوم تسعى وبشتى الطرق إلى إبعاد تأثيرها وخطرها عنها بعد سعي تنظيم داعش الإرهابي للوصول إليها وكان هذا على لسان الناطق باسم الجماعة (أبو محمد العدناني). 
وسعت المملكة العربية السعودية بشتى الوسائل إلى إبعاد نفسها عن الإرهاب وما تتعرض له البلدان التي طالتها مطرقة الجماعات الإرهابية (داعش) وذلك من خلال عقد سلسلة من الاتفاقيات والمعاهدات مع الولايات المتحدة من اجل تجاوز خطر هذه الجماعات، كما قامت قطر بعقد اتفاقية تعاون مشترك مع المملكة المتحدة من خلال رصد جميع المحاولات التي تسعى الجماعات الجهادية الإرهابية إلى تنفيذها على أراضيها أو محاولتها الدخول إلى أراضيهـا. 
ولكن على الرغم من ذلك فان احتمالية امتداد تأثير ما يجري في العراق بات مصدر قلق كبير لأمن دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال المؤشرات التالية:- 
(1) الخطر الطائفي الذي تكرسه هذه الأزمة ليس فقط في العراق وإنما في منطقة الخليج ككل. 
(2) أن تنظيم داعش الإرهابي لا يستهدف دولة دون أخرى ولا يقتصر على الداخل العراقي فقط وإنما مخططه يشمل جميع دول المنطقة وتحديدا دول مجلس التعاون الخليجي وهذا وفقا لما تعكسه الخارطة الجديدة للعراق التي نشرت مؤخرا من قبل التنظيم والتي شملت حدودها دولة الكويت. 
(3) أن نجاح تنظيم داعش في إعلان الخلافة وقيامها على أراضي العراق سوريا فرض تهديدات عديدة ليس بسبب التداعيات السلبية على بنية الدولة الوطنية التي نشأت فيها، وإنما بسبب أثر انتشارها الذي قد يحدث نتيجة نجاح تجربة تأسيس أمارة ما دون تمكن الدولة من مواجهتها ووضع حد لانتشارها. 
في ضوء ما تقدم يتضح لنا، أن مواجهة خطر التطرف الجهادي يمثل مصلحة إقليمية، لذلك على دول الخليج عدم الاكتفاء بالإجراءات الأمنية الاحترازية في التعامل مع انخراط مواطنين خليجيين في أعمال قتالية في الخارج لان الاكتفاء بمثل هذه الإجراءات يبدو أمرا غير كاف في التعامل مع هكذا أزمة تهدد امن دول المنطقة ككل ومن ضمنها دول مجلس التعاون الخليجي، وان تجاهل ما يحدث في العراق سيترك تأثيراته السلبية على دول الخليج، وعليه فان التعاون والتنسيق العراقي - الخليجي بات أمرا ضروريا من اجل الخروج من هذا الوضع الحرج بأقل خسائر ممكنة.
* باحثة مشاركة في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/27



كتابة تعليق لموضوع : التهديد الجهادي لأمن دول مجلس التعاون الخليجي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net