صفحة الكاتب : زهير الفتلاوي

الشاعر والأديب الكبير (علي الحيدري ) يبحث في سيرة الشعراء والعلماء في مجلس كاشف الغطاء الثقافي
زهير الفتلاوي

      * كان سبب كتم الكميت قصائده الهاشميات بحق أهل البيت (ع) هو أنه كان خائفاً يترقب من بطش الأمويين مختفياً عن عيونهم حتى رأى النبي(ص) في المنام فقال له (ص): أنشدني.. فأنشده الكميت بائيته المشهورة

* دخل الشاعر دعبل الخزاعي علي الإمام الرضا(ع) بمرو، فقال له: يا ابن رسول الله إني قد قلت فيك قصيدة، وآليت علي نفسي أن لا أنشدها أحداً قبلك.

زهير الفتلاوي

قدم الشاعر الكبير السيد (على الحيدري)  بحثه المفصل عن سيرة وصفات كبار العلماء والشعراء المواكبين للإحداث التي واجهت الأئمة  (ع) وذلك   في مجلس الدكتورة امال كاشف الغطاء الثقافي ، بمناسبة أربعينية الامام الحسين عليه السلام  ، الحيدري تناول في مستهل حديثه عن ما قدمه كبار شعراء اهل البيت  فضلا عن والأدباء والمفكرين وخاصة بحق ملحمة الامام الحسين( ع )، حيث ابتدأ بسيرة الشاعر محمد الحلي قائلا كان كثير العطاء ويتميز بحبه الشديد الى اهل البيت (ع) اذ اعتاد على ان  ينظم قصيده مطلع  كل سنة ولا يسمح لاي شخص ان  يطلع عليها ويقوم بالمسير الى ضريح الإمام في كربلاء ويتم الإلقاء هناك لأول مرة ،  لكنه تفاجأ بخروج شخص بدوي وقال له يا سيد حيدر اسمعني قصيدة (الله يحامي الشريعة) فقمت بإنشاد بعض الأبيات منها أمام الزائرين، وتحدث عن العظماء من الشعراء وقال ان (الكميت بن زيد)  لم يكن شاعرا  فحسب بل كان عالما وباحثا ومفسرا للقرآن الكريم وعرج على عدة صفات لشعراء أهل البيت وهم بثلاثة اصناف شاعر اختص  بمدح اهل البيت وذم أعدائهم ، وشاعر يمدحهم بشكل عام ، لكن الكميت اختص بمدحهم وكتابة اقوالهم والبحث في سيرتهم وتأليف المجلدات عنهم  لم يكن كغيره من الشعراء الذين كان لهمهم خلق حالة من الطرب والإدهاش ببراعتهم اللغوية وأساليبهم الفنية، لكي يلجوا أبواب السلطان. فقد كان يحمل في قلبه رسالة سامية تسامى بها الى قمم الفضيلة والبطولة والتضحية والإباء، رسالة أفرزتها عقيدته الراسخة بأهل البيت (ع) والتي نشأ شعره في أحضانها فأدى رسالته في أقسى الظروف وأشدها تعسفاً وظلماً وقال كلمته رغم أجواء الرعب التي زرعها الأمويون في ذلك الوقت. إنه الكميت بن زيد الأسدي شاعر أهل البيت (ع) . والباذل فيهم شعره ونفسه .

ولد أبو المستهل الكميت بن زيد الأسدي سنة 60 ه ونشأ شاعراً متقدماً مطبوعاً عالماً بلغات العرب خبير بأيامها من كبار شعراء مضر وألسنتها ومما يدل على منزلته الكبيرة في الشعر ما رواه أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني ج 15 ص 115 حيث قال:(سُئل معاذ الهرّاء: من أشعر الناس؟ قال: أمن الجاهليين أم من الإسلاميين ؟ قالوا : بل من الجاهليين فقال: أمرؤ القيس وزهير بن أبي سلمى وعبيد بن الأبرص فقالوا : فمن الإسلاميين فقال: الفرزدق وجرير والأخطل والراعي فقيل له: يا أبا محمد ما رأيناك ذكرت الكميت في من ذكرت فقال: ذاك أشعر الأولين والآخرين) .

هذا الرأي الحصيف والدقيق يعدّ شهادة كبيرة بحق شاعرنا الكبير فالمهتمون بالأدب يعرفون من هو معاذ وما مدى سعة علمه بفنون الشعر. وهناك شهادة أخرى بحق الكميت لا تقل أهمية عن هذه الشهادة جاءت من شاعر كبير هو الفرزدق وذلك عندما عرض عليه الكميت قصائده (الهاشميات) وهي أول ما قاله من الشعر وقد سترها ثم جاء الى الفرزدق فقال له: (نفث على لساني فقلتُ شعراً فأحببت أن أعرضه عليك فإن كان حسناً أمرتني بإذاعته وإن كان قبيحاً أمرتني بستره وكنتَ أولى من ستره عليّ) . ثم أنشده أبياتاً من قصيدته البائية فقال له: الفرزدق: (يا ابن أخي أذع ثم أذع فأنت والله أشعر من مضى وأشعر من بقي).

وكان سبب كتم الكميت قصائده الهاشميات بحق أهل البيت (ع) هو أنه كان خائفاً يترقب من بطش الأمويين مختفياً عن عيونهم حتى رأى النبي(ص) في المنام فقال له (ص): أنشدني.. فأنشده الكميت بائيته المشهورة:

طربتُ وما شوقاً الى البيضِ أطربُ      ولا لعباً مني وذو الشيب يلعبُ

فلما وصل الى قوله:

فما لي إلا آل أحمد شيعة         وما لي إلا مشعبُ الحقِ مشعبُ

قال (ص): إن الله قد غفر لك بهذه القصيدة .

فلما وصل الى قوله :

ألم ترني من حبِ آل محمدٍ        أروحُ وأغدو خائفاً أترقبُ

قال(ص): مِمَ خوفك ؟ قال: يا رسول الله من بني أمية .

فقال (ص): (أظهر فأن الله قد أمنك في الدنيا والآخرة) فلما فرغ من قصيدته.قال (ص) بوركت وبورك قومك. فكانت بنوا أسد تقول : فينا فضيلة ليست في العالم ليس منزل منّا إلا وفيه بركة دعاء النبي (ص). فجاهر الكميت بحبه لأهل البيت(ع) وأظهر عقيدته وولائه لهم وإخلاصه في الدفاع عن قضيتهم وآثر أن يشرّد ويطارد ويتعرض للسجن والقتل في سبيل عقيدته وولائه .

الى النفرِ البيضِ الذين بحبهم        الى الله فيما نالني أتقرّبُ

بني هاشمٍ رهطُ النبي فأننــــي         بهم ولهم أرضى مراراً وأغضبُ

خفضت لهم مني جناحَي مودةٍ       الى كنفِ عطفاه أهلٌ ومرحبُ

وكنتُ لهم من هؤلاءِ وهــؤلا           محباً على أني أُذمُ وأُغضبُ

وأُرمى وأَرمي بالعداوةِ أهلَها           وإني لأوذى فيهم وأؤنبُ

يعيرني جهّالُ قومي بحبهم            وبغضهم أدنى لعارٍ وأَعطبُ

بأيِّ كـــــتابٍ أَمْ بأَيةٍ ســـنةٍ              ترى حبهم عاراً عليَّ وتحسبُ

ستقرعُ منها سنَّ خزيانَ نادمٍ           أذا اليوم ضمَّ الناكثينَ العصبصبَ

فمالي الا آل أحمدَ شيعةً              ومالي الا مشعبُ الحقِ مشعبُ

وهذه الأبيات تعطي صورة واضحة على إيمان الشاعر بقضيته واستماته في الدفاع عنها وهي من قصائد (الهاشميات) التي تعدّ من عيون الشعر العربي، فهذه (الملحمة)ــ أي الهاشميات ـــ تمثل ثورة أدبية وفكرية في منطلقاته، وتشكل صرخة رفض بوجه الطغيان الأموي . وإضافة الى بعدها العقائدي فأنها تمثل الذروة في الشعر العربي فلا يمكن للباحث في التاريخ الإسلامي ان يستغني عنها لما لها من أهمية في إعطاء صورة واضحة عن فترة من أقسى فترات التاريخ الإسلامي صوّرت من قبل شاعر عايش هذه الفترة وصوّرها تصويراً دقيقاً ونال نصيباً وافراً من الظلم والاضطهاد والتشريد من قبل حكامها. أنها فترة البربرية الاموية التي زرعت الرعب في البلاد الإسلامية وألقت بظلال الجاهلية على أجوائها.

 يقول أحمد أمين المصري رغم نزعته المعادية للشيعة وانحرافه عن أهل البيت (ع) في كتابه ضحى الإسلام ج 1 ص 27 عن الحكم الأموي: (الحق أن الحكم الأموي لم يكن حكماً إسلامياً يسوى فيه بين الناس ويكافئ المحسن عربياً كان أو مولى ويعاقب المجرم عربياً كان أو مولى، وانما الحكم فيه عربي والحكام خدمة للعرب وكانت تسود العرب فيه النزعة الجاهلية لا النزعة الإسلامية) هذه الحقيقة لم يستطع إخفاءها أحد مهما حاول أن يتملق لأسياده النواصب.

في تلك الفترة الدموية صدح الكميت بـ (هاشمياته) التي أفرغ فيها عقيدته الناطقة بمظلومية أهل البيت (ع) والصارخة بالرفض بوجه الحكم الأموي وسجل مواقف مشرّفة وشجاعة في نصرة الحق وأهله .

 من لقلـبٍ متيَّأمٍ مســـتهامِ       غير ما صبوةٍ ولا أحلامِ

بل هواي الذي أجن وأبدي      لبني هاشمٍ أجلَّ الأنامِ

قال أبو الفرج في (الأغاني) وابن عساكر في (تاريخ الشام) : ( كان في الكميت عشر خصال لم تكن في شاعر، كان خطيب أسد، وفقيه الشيعة، وحافظ القرآن، ثبت الجنان، كاتباً حسن الخط، نسابة وجدل، وهو أول من ناظر في التشيع ورامياً لم يكن في أسد أرمى منه، فارس، شجاع، سخياً، ديناً .

ويقول شيخنا المفيد: (الكميت ممن استشهد بشعره في كتاب الله وأجمع أهل العلم على فصاحته ومعرفته باللغة ورئاسته في النظم وجلالته في العرب) وهذه الصفات التي تحلّى بها شاعرنا قد سخّرها في سبيل قضية أهل البيت (ع) فكتب اسمه بحروف الخلود في سجل الخالدين ولا تزال قصائده الخالدة مصدراً لطلاب الحقيقة.

ورغم أن هذه القصائد قد أصابها ما أصاب شاعرها من محاولات التلف والإخفاء إلا أن القضية التي حملتها كانت أقوى من كل هذه المحاولات يقول الشيخ عبد الحسين الأميني في موسوعته الخالدة (الغدير) ج (2) ص (266) في معرض حديثه عن شاعرنا الكميت:(الهاشميات من غرر قصائد الكميت المقدرة بخمسمائة وثمانية وسبعين بيتاً غير انه عاثت في طبعها يد النشر ـــ الأمينة على ودائع العلم ـــ فنقصت منها شيئاً كثيراً لا يستهان به).

ورغم هذه المحاولات الدنيئة لإخفاء هذه القصائد الا ان ما كان لله ينمو فقد حفظت كتب التاريخ والسير والمصادر الأخرى هذه القصائد وخاصة أنه قرأ أغلبها على الإمامين الباقر والصادق (ع). كما كان لأهميتها وما تضمنته من علم كثير لا يستغنى عنه أثرا في بقائها يقول ياقوت الحموي في (معجم الأدباء) ج 1 ص 410 (قال ابن عبدة النساب: ما عرف النسّاب أنساب العرب على حقيقتها حتى قال الكميت (النزاريات)ــ الهاشميات ــ فأظهر بها علماً كثيراً ولقد نظرت في شعره فما رأيت أحداً أعلم منه بالعرب وأيامها فلما سمعت هذا جمعت شعره فكان عوني في التصنيف لأيام العرب).

ولمكانة هذه القصائد التي احتلتها بين الشعر العربي فقد شرحها الأستاذ محمد محمود الرافعي المصري والأستاذ محمد شاكر الخياط النابلسي كما خمسها الكثير من الشعراء والأعلام في عصور مختلفة منهم الشيخ ملّا عبد الله الزيوري البغدادي والعلامة الشيخ محمد السماوي والسيد محمد صادق آل صدر الدين الكاظمي.

وللكميت مع أئمة الهدى صلوات الله عليهم علاقة وثيقة جسدتها مواقف الكميت المخلصة والصادقة في الدفاع عنهم بشعره ونفسه رغم اضطهاد الأمويين لكل من يتصل بأهل البيت (ع) من الشيعة الا ان كل ذلك لم يمنع الكميت من الجهر بحبهم ومدحهم وقد رويت المصادر الكثير من الروايات في اجتماع الكميت بالأئمة (ع) من ذلك اجتماعه بالإمام الباقر (ع) فقرأ الكميت قصيدته الميمية التي تبلغ أكثر من مائة بيت فلما وصل الى قوله في رثاء الإمام الحسين (ع) :

وقتيلٍ بالطفِ غُودر منه         بين غوغاءِ أمةٍ وطغامِ

تركبُ الطيرُ كالمجاسدِ منه       مع هابٍ من الترابِ هيامِ

وتطيلُ المرزآتُ المقاليتُ         عليه القعودَ بعد القيامِ

يتعرّفنَّ حرَّ وجهٍ عليه            عقبةُ السروِ ظاهراً والوسامِ

قتلَ الادعياءُ إذ قتلوه             أكرمَ الشاربينَ صوبَ الغمامِ

بكى الامام الباقر (ع) وتوجه نحو الكعبة الشريفة وقال ثلاث مرات: (اللهم ارحم الكميت واغفر له) ثم قال:( يا كميت هذه مائة ألف قد جمعتها لك من أهل بيتي) فقال الكميت: (لا والله لا يعلم أحدٌ أني آخذ منها حتى يكون الله (عز وجل) الذي يكافئني. ولكن تكرمني بقميص من قُمصك) فأعطاه الإمام (ع).

ويدخل الكميت على الإمام الصادق(ع) ويقرأ عليه قصيدته اللامية فيرفع الإمام (ع) يديه ويقول : (اللهم اغفر للكميت ما قدم وأخر وما أسر وأعلن وأعطه حتى يرضى) ثم أعطاه (ع) ألف دينار وكسوة فقال له الكميت:(والله ما أحببتكم للدنيا ولو أردتها لأتيت من هي في يديه، ولكنني أحببتكم للآخرة فأما الثياب التي أصابت أجسادكم فإني أقبلها لبركتها وأما المال فلا أقبله)

كما دعا للكميت الإمام السجاد (ع) بقوله:(اللهم ان الكميت جاد في آل رسولك وذرية نبيك نفسه حين ضن الناس وأظهر ما كتمه غيره) وهذه الشهادات من قبل ثلاثة من أئمة الهدى بحق أهل البيت(ع) بحق الكميت جاءت عن جدارة واستحقاق فهم (ع) كانوا يعلمون ان مدحه لهم ونيله من مناوئيهم لم يكن الا لله ولرسوله فكانوا يلحون عليه في قبول صلاتهم وعطاياهم مع إكبارهم محله فيفضل أخذ ما يمس أجسادهم الطاهرة من ثياب على الأموال الجزيلة. كما شهد للكميت عبد الله الجعفري بقوله لبني هاشم: (هذا الكميت قال فيكم الشعر حين صمت الناس عن فضلكم وعرّض دمه لبني أمية).

لقد نذر الكميت عمره لآل محمد باذلاً فيهم نفسه رغم ما تعرض له طوال حياته من ظلم الأمويين حتى دعا له الإمام السجاد بقوله: (اللهم أحيه سعيداً وأمته شهيداً وأره الجزاء عاجلاً وأجزل له جزيل المثوبة آجلاً) فقد عاش الكميت سعيداً بحب أهل البيت(ع) ومات عليه شهيداً على يد جلاوزة بني أمية سنة 126 ففاضت روحه الطاهرة وهي تلهج بحب آل محمد كما ينقل عن المستهل بن الكميت فيقول: (حضرت أبي عند الموت وهو يجود بنفسه وأغمي عليه ثم أفاق ففتح عينيه ثم قال: (اللهم آل محمد اللهم آل محمد اللهم آل محمد). وعن شاعر أخر لأهل البيت ع وهو الفرزدق تحدث عنه الحيدري وذكر أهم الصفات والمزايا التي يتمتع بها الفرزدق وذكر اهم القصائد والمعلقات الشعرية التي القها بحق ال البيت (ع ) كما تحدث الحيدري عن الشاعر إسماعيل بن محمد بن يزيد بن وداع الحميري الذي ولد  سنة ( 105 هـ ) بعُمان ، ونشأ في حضانة والديه الإباضيَّين المعاديين لآل البيت ( عليهم السلام ) ، إلى‏ أن عقل وشعر فهجرهما . فذهب إلى البصرة واتصل بالأمير عقبة بن سَلم ، وتزلَّف لديه حتى‏ مات والداهُ ، فورثهما ثم غادر البصرة ومكث في   الكوفة ، وأخذ فيها الحديث عن الأعمش ، وعاش متردِّداً بينهما .منزلته : لم تفتأ الشيعة تبجِّل كل مُتهالك في ولاء أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وتقدِّر له مكانة عظيمة ، وتُكْبر منه ما أكبره الله سبحانه ورسوله ( صلى الله عليه وآله ) من منصَّة العظمة .أضف إلى ذلك تقدير الأئمة ( عليهم السلام ) لسعيه المشكور في الإشادة بذكرهم والذبِّ عنهم ، والبثُّ لفضائلهم ، وتظاهره بموالاتهم ، وإكثاره من مدائحهم . فإن ما كان يصدر منه من تلكم المظاهر لم تكن إلا تزلُّفاً منه إلى المولى‏ سبحانه ، وأداءً لأجر الرسالة ، وصلةً للصادع بها ( صلى الله عليه وآله ) .ولقد كاشف في ذلك كله أبويه الناصبيَّين الخارجيَّين ، فكان معجزة وقته في التلفُّع بهذه المآثر كلها ، والتظاهر بهذا المظهر الطاهر ، ومنبته ذلك المنبت الخبيث ، فما كان الشيعي يوم ذاك يجد من واجبه الديني إلا إكباره وخفض الجناح عند عظمته . 1

يــــا بــــايــع الدين بــــدنــــياه * لــــيــــس بهـــــذا أمــــــــر الله

من أين أبغضت علي الوصي؟ *  وأحــــمد قــــد كــــان يرضـــاه

مــــن الــــذي أحــمد في بينهم * يــــوم " غـــدير الخم " ناداه ؟

أقــــامه مــــن بــــين أصحابه * وهــــم حــــواليــــه فــــسمـــاه

: هــــذا علـــــي بن أبي طالب * مــــولى لمــــن قــد كنت مولاه

فــــوال مــــن والاه يـا ذا العلا * وعــــاد مــــن قــــد كان عاداه

2

هلا وقفت على المكــان المعــشب * بـــين الطـــويلع فاللوى مــن كبكب

 ويقول فيها :

وبخــــم إذ قــــال الإلــــه بعــزمه : * قم يــــا محــــمد في البرية فاخطب

وانصــــب أبا حــــسن لقـــومك إنه * هــــاد وما بلغــــت إن لـــــم تنصب

فــــدعاه ثم دعــــاهم فــــأقـــامــــه * لهـم فبــــين مصــــدق ومــــكــــذب

جعــــل الــــولاية بعــــده لمهـــــذب * مــــا كــــان يجعــــلها لغــير مهذب

ولــــه مناقــــب لا تــــرام مـتى يرد * ساع تــــناول بعــــضها بــــتـــذبذب

إنــــا نــــدين بحــــب آل محــــمــــد * ديــــنا ومــــن يحــــبهم يستــــوجب

منــــا الــــمودة والـــولاء ومن يرد * بــــدلا بــــآل محــــمد لا يحــــبــــب

ومــــتى يــــمت يرد الجحيم ولا يرد * حـــوض الرسول وإن يرده يضرب

ضــــرب المحــــاذر أن تعــر ركابه * بالســــوط سالــــفة البعـير الأجرب

وكأن قــــلبي حــــين يــــذكر أحمدا * ووصي أحــــمد نيــط من ذي مخلبا الى أخر القصيدة ، وتحدث الحيدري عن شاعر اهل البيت دعبل الخزاعي قائلا كان يحب اهل البيت عليهم السلام حبا جما ، وكان يحمل خشبته التي توقع ان يصلب فيها على ضهرة ، ولا يبلي في الموت واستمر بتنظيم القصائد الشعرية بحق  اهل البيت  حتى نظم قصيدته المشهورة : قصيدة "مدارس آيات خلت من تلاوة" لدعبل الخزاعي من القصائد الشهيرة التي أنشدت في حق أهل البيت ويبلغ عدد أبياتها إلي 120 بيتا ويتطرّق الشاعر من خلالها الي فضائل اهل البيت(ع) والظلامات التي وقعت في حقّهم.

دخل الشاعر دعبل الخزاعي علي الإمام الرضا(ع) بمرو، فقال له: يا ابن رسول الله إني قد قلت فيك قصيدة، وآليت علي نفسي أن لا أنشدها أحداً قبلك.

فقال الإمام (عليه السلام): (هاتها).

فأنشده:

مدارسُ آيات خلت من تلاوة   ومنزلُ وحيٍ مقفرُ العرصات

بكيت لرسم الدار من عرفات وأجريتُ دمع العين بالعبرات
وبان عرى صبري وهاجت صبابتي رسوم ديار قد عفت وعرات
مدارس آيات خلت من تلاوة ومنزل وحي مقفر العرصات
لآل رسول الله بالخيف من منى وبالبيت والتعريف والجمرات
ديار لعبد الله بالخيف من منى وللسيد الداعي إلى الصلوات
ديار علي والحسين وجعفر وحمزة والسجاد ذي الثفنات
ديار لعبد الله والفضل صنوه نجي رسول الله في الخلوات
وسبطي رسول الله وابني وصيّه ووارث علم الله والحسنات
منازل وحي الله ينزل بينها على أحمد المذكور في السورات
منازل قوم يهتدى بهداهم وتؤمن منهم زلة العثرات
منازل كانت للصلاة وللتقى وللصوم والتطهير والحسنات
واستمر بإنشاد القصيدة، حتّي بلغ إلي البيت التالي:
أري فيئهم في غيرهم متقسّما           وأيديهم من فيئهم صفرات

 بكي الإمام الرّضا (ع) وقال له: (صدقت يا خزاعي).

 فلما بلغ إلي قوله:

 اذا وتروا مدّوا إلي واتريهم                     أكفّاً عن الأوتار منقبضات
 
جعل الإمام (ع) يقلّب كفيه ويقول: (أجل والله منقبضات).

وحينما أنشده هذا البيت:

لقد خفت في الدّنيا وأيام سعيها           وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي

قال الإمام (ع):(آمنك الله يوم الفزع الأكبر).
فلما انتهي إلي البيت التالي:

وقبر ببغداد لنفس زكية                    تضمّنها الرحمن في الغرفات
قال له الإمام (ع): (أفلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك)؟
فقال دعبل: بلي يا ابن رسول الله.

فقال الإمام (ع):
وقبر بطوس يا لها من مصيبة            توقّد بالأحشاء في الحرقات
إلي الحشر حتي يبعث الله قائما        يفرّج عنّآ الهم والكربات
فقال دعبل : يا ابن رسول الله ، هذا القبر الذي بطوس قبر من هو ؟!!

فقال ( عليه السلام ) : ( قبري ، ولا تنقضي الأيام والليالي حتى يصير طوس مختلف شيعتي وزوّاري ، ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفوراً له ) .
ثم نهض الإمام ( عليه السلام ) بعد فراغ دعبل من إنشاد القصيدة ، وأمره أن لا يبرح من موضعه ، ودخل الدار فأرسل له بيد الخادم صرَّة فيها مائة دينار .
فقال دعبل : والله ما لهذا جئت ، ولا قلت هذه القصيدة طمعاً في شيء يصل إليَّ ، وردَّ الصرَّة .
وسأل ثوباً من ثياب الإمام ( عليه السلام ) ليتبرَّك ويتشرَّف به .

فأنفذ إليه الإمام ( عليه السلام ) جُبَّةَ خزٍّ مع الصرَّة ، فأخذ دعبل الصرَّة والجُبَّة وانصرف .  كما ذكر السيد الشاعر الكبير حيدر الحلي واهم صفاته  والقصائد التي نضمها ، وكانا يمتازان بالسياسة والادب والانحياز التام الى مواقف اهل البيت عليهم السلام ، وعرج على الشاعر محمد الحبوبي ومسيرته في النضال والفكر والأدب والسياسة تلا ذلك مداخلات الحضور الذين اغنوا الأمسية بنقاشات هامة وبناءة ساهمت بايضاح ا لتضحيات الكبيرة  لاهل البيت الكرام عليهم السلام ومواقفهم في الدفاع عن حقوق الإنسان ورفض الظلم والعبودية ونصرة الحق ، وفي ختم الجلسة قدموا الشكر والثناء الى عميدة المجلس الدكتورة آمال كاشف الغطاء على استضافتهم وتقديم تلك المواضيع الرصينة والمفيدة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زهير الفتلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/02



كتابة تعليق لموضوع : الشاعر والأديب الكبير (علي الحيدري ) يبحث في سيرة الشعراء والعلماء في مجلس كاشف الغطاء الثقافي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net