صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

أنثى وهي تتلوى
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الشعبُ العراقي شعب حضاري عظيم يتحمل اللكمات والكدمات، ويعشق الصراخ، ويخضع للجبابرة عبر تاريخه، يشتمهم من وراء الحيطان، ويخدمهم قبالة العيان، ولا يقرّ له قرار منذ خلق الله السموات والأرضين، وعدد فيه الحضارات، فبلاد الرافدين هي البلاد الوحيدة التي تتعدد فيها الحضارات، بين الآشوري والسومري والأكدي، عدا الحضارات الوافدة كالفارسية والرومانية، وتأثيرات المحيط والغزوات التي لم تترك شيئا إلا وزرعت فيه نطفة لها، فكأنها مغتصب يضاجع أنثى وهي تتلوى وتصرخ بقسوة ولا يجيبها من أحد سوى همسات المارة، ورجل يقول للمغتص:(هلا تنحيت جانبا لئلا يراك الناس)!.

بينما تفتخر كل شعوب الأرض بثقافة واحدة وإرث حضاري واحد، كما هو في الحضارتين الفارسية والصينية اللتين حافظتا على نسق متصل من الفهم والطبيعة والتفكير والتدبير والإدارة، حتى كأنك لا تفرق بين قوم هاتين الحضارتين قبل ألفي سنة واليوم، بينما نتفاخر نحن بأننا جئنا من أصول شتى، ومن مذاهب وقوميات مختلفة، الى أن أوصلنا هذا التفاخر الى صراع مقيت، وخلاف عميق، واختلاف لا قرار له، فتغيرت العادات والطباع والسلوكيات.

الأخلاق التي تحكم حركة المجتمع تتهاوى للأسف، وهناك مظاهر فساد في الضمير والنفوس، والأخطر في العراق هو صعود موجة دينية عارمة، لكنها تقابل بصعود للفاسدين، والسراق، والقتلة، وعصابات الخطف التي تطلب فدية، وتهدد حياة الناس، بينما تقف الحكومة عاجزة. يتحدث الناس عن عشرات حوادث الخطف من أجل فدية، يقوم الخاطفون ،وهم من ذات المناطق المستهدفة بالجرائم، بخطف الضحية ونقله الى مكان سريّ، ثم الإتصال بذويه لطلب فدية مالية، ويهددون بقتل ابنهم في حال لم يسارعوا الى تقديم المبلغ المالي المطلوب، وهو كبير في العادة.

لايوجد تحرك حقيقي من وزارة الداخلية العراقية التي تتماهل، أو تنشغل بإعادة هيكلة دوائرها، وإبعاد العديد من قادتها الفاشلين في الفترة السابقة، بينما يطالب مواطنون كثيرون بمعالجة ظاهرة الخطف التي استفحلت، وتعدت كل الحدود، وصار كل مواطن في بغداد عرضة للخطف والابتزاز من عصابات، أغلب أفرادها عاطلون عن العمل، أو منحرفون أو شاذون، ولا يمكن في مثل هذه الظروف الصبر طويلا لاعتبارات مرتبطة بنوع الشخصية العراقية، فالتماهل، أو الفشل الحكومي قد يدفع الناس الى الاستعانة بجهات ومجموعات مسلحة لطلب الحماية، أو لاتخاذ تدابير منها شراء أسلحة شخصية، وتحويل المجتمع الى مجموعات متضادة، تبحث عن حياتها من خلال العنف فقط.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/06



كتابة تعليق لموضوع : أنثى وهي تتلوى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net