صفحة الكاتب : جعفر المهاجر

العيد رمز للتعاطف والمداراة بين المسلمين
جعفر المهاجر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم:
ولا تستوي الحسنة ولا السيئة أدفع بالتي هي أحسن فأذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم . وما يلقاها ألا الذين صبروا وما يلقاها ألا ذو حظ عظيم . 33-34فصلت. 
تمر أمتنا الأسلامية اليوم بظروف عصيبة ومصائب كبيرة ومتشعبه لكثرة الفتن التي تحيط بها   ولتزايدالمدعين والمرجفين والمنافقين والعنصريين الذين يغلفون أحاديثهم بالشعارات الخاوية التي لاتصلح من شأن الأمة أبدا وأنما تزيدها ضعفا وتخاذلا أمام أعدائها بمن يدعي بأنه مصلح للأمة وأنه هو المسلم الحقيقي وغيره ليس بمسلم  ويعمل بعكس مايدعي فيرفع عقيرته صباح مساء ليخرج من فمه كل مايسيئ ألى وحدة الأمة الأسلامية بأثارة النعرات الطائفية والعنصرية التي نبذها الأسلام وحاربها دون هوادة واعتبرها من النعرات الجاهلية الضلالية المقيتة  فوجه
 أمثال هؤلاء الذين ينعقون في  هذه الفضائيات الضلالية التي  انعدمت ضمائرمن أوجدها وزرعها سهاما غادرة في خاصرة الأمه الأسلامية  معوله   ليقوم بتهديم كل القيم الأخلاقية التي جاء بها الأسلام وأخذ يبث  الفتن  بين صفوف المسلمين ويزيد من تباعدهم ومعاداتهم لبعضهم  تحت العنوان البراق والمهلهل( الحوار الصريح بعد التراويح) الذي يحمل في طياته سما زعافا وأحقادا جاهلية طائفية عمياء.تريد بالأمة سوءا وتتجاهل كل  مايفعله العدو الصهيوني من جرائم وكل التجنيات التي تصدر من أعداء  الدين الأسلامي بحق نبيه الكريم ص وكتاب الله الخالد القرآن
 وتركز على أثارة النعرات المذهبية بين المسلمين لكي تحقق الغرض الخبيث والمريب التي وجدت من أجله.  وهناك نفر من الذين ابتليت بهم هذه الأمة استمرؤا سفك دماء الأبرياء من يخالفهم في الرأي خلافا  للعقيدة الأسلامية الحقة التي تحض على بث روح المحبة والتسامح والتعاطف بين المسلمين وتحقن دماءهم. فقدم هذا النفر الضال أعظم خدمه لأعداء الأسلام  لكي  يتهموه بكل صفة سيئة  لايقرها عقل ولا منطق ولا عرف ولا أخلاق.  ووسط هذه المصائب التي  تعصف بالأمة الأسلامية يوشك شهر رمضان الكريم أن يودعنا والعيد على الأبواب الذي يعتبر محطة لمراجعة النفس
 ومحاسبتها وتوجيهها نحو قيم الخيروالتعاطف  والمحبة والسلام وهي من الصفات التي  نادى  بها الأسلام من أول لحظة وجوده.ونبذ كل من يسعى لبث الفتن بين المسلمين.
والمسلم الحقيقي هو من  اهتدى بهدى الأسلام المحمدي الخالي من كل شائبة وغسل قلبه من كل الأدران التي تحاول أن تغريه عن مسار هذا الدين السماوي العظيم الذي جاء لأصلاح النفوس وتوجيه العقول وصقلها في هذا النور الباهر والساطع والمتكامل . وحسن الخلق هو نظام عقده ومحور فلكه وجوهر استمراره بعد أن وصف رب السماوات والأرض نبيه الكريم محمد ص بتلك الآية الراقية السامية (وأنك لعلى خلق عظيم ) وخاطب رسول الأنسانية أمته   بذلك الحديث الشريف : (أفاضلكم أحسنكم أخلاقا ، الموطئون أكنافا الذين يألفون ويؤلفون وتوطأ رحالهم . )والأكناف جمع كنف وهو الناحية
 أو الجانب . فما أعظمها من كلمات نطق بها نبي الرحمة والهدى وهو المسامح وهو العافي عمن ظلموه وآذوه  وهو الذي كان يصفح الصفح الجميل طول حياته فأين نحن اليوم من ذلك الخلق القويم الراقي ؟ وأين نحن اليوم من هذا الدين القيم الذي احترم آدميتنا وطالبنا بأن نبتعد عن كل المساوئ والأمراض الأجتماعية التي باتت  تعشعش بين ظهرانينا وتنتشر كما تنتشر النار في الهشيم ؟ والله أن الألم يعصرني عصرا حين أجد   موظفا أجنبيا هنا لايدين بدين  يبتسم في وجهي وينجز معاملتي على أكمل وجه ويودعني بأجمل الكلمات وأرى أخي في الوطن والدين يتجهم في وجهي ويحاول أن
 يبتزني ويعرقل معاملتي . وهذا مالمسته كثيرا في وطني   وهو مثل بسيط أليس هذا السلوك وغيره من المصائب ؟ وديننا ينهى عن كل سيئة وانحراف وظلم وابتزاز؟فكيف بالذي يقدم على سفك دماء الناس الأبرياء في هذا الشهر العظيم الكريم باسم الأسلام ويفتخر ويتباهى بذلك في مواقع الأنترنيت .؟ أليست هذه الأفعال  الشنيعة والجرائم المنكرة هي من أعظم المصائب التي تعاني منها أمتنا الأسلامية في هذا الزمن؟وقد أمرنا الله أن نكون بارين ومقسطين  مع من هم ليسوا على ديننا ولم يسبئوا ألينا حيث يقول سبحانه في هذه الآية الكريمة بسم الله الرحمن الرحيم : (لاينهاكم
 الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا أليهم أن الله يحب المقسطين. )8-الممتحنه فالقرآن الكريم حث على البر والأحسان بحق غير المسلم وهذه الآية تدل دلالة قاطعة على سماحة الأسلام ونظرته الأنسانية العظيمة  والمسلم الحقيقي يكرم أخيه الأنسان الآخر ويداريه طالما أنه لايحاربه ولا يسفه دينه . لقد وقف رسول الأنسانية أحتراما لجنازة شاهدها فقيل له يارسول الله أنه ليس بمسلم فأجابهم بالقول (أوليست نفسا ؟) ورأى الأمام علي ع  شيخا كبيرا عاجزا لجأ ألى التسول فسأل عنه وعن حالته فقالوا له ياأمير المؤمنين أنه
 نصراني فقال الأمام علي ع : (أستعملتموه حتى أذا كبر وعجز منعتموه العطاء ؟  وأمر أن ينفق عليه من بيت مال المسلمين مادام حيا يرزق. وكما قال ع لمالك بن الأشتر في وصيته (الناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق. )
 فلماذا تمر علينا هذه المناسبات الدينية العظيمة التي جعلها الله محطات للتفكير والتأمل ومراجعة النفس والبعض يزداد عتوا وظلما ويحاول بشتى الطرق والأساليب الوحشية أن  يعكس صورة   سيئة عن هذا الأسلام هذا الدين السماوي النقي كقرص الشمس؟ لماذا ييتم الأطفال وترمل النساء ويحرمون من أبنائهم في العيد لكي يطفئ هؤلاء الحاقدون المجرمون المفسدون في الأرض  جمرات حقدهم في قتلهم دون أي ذنب؟لماذا وتدمر بيوت المسلمين في شهر التعاطف والأحسان والمحبة دون رادع من ضمير أو وازع أنساني أذا بقي منهما شيئ ؟ولماذا يهدد المسلمون في مناسبة العيد الذي
 جعله الله فرصة للتخلص من المساوئ  بالويل والثبور وعظائم الأمور؟ ألم يقل الله في محكم كتابه العزيز بسم الله الرحمن الرحيم  (أن الله يأمر بالعدل والأحسان وأيتاء ذي القربى   وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون . ) 90-النحل . ترى متى يتذكرويتعظ  من استولت عليه شياطينه وغاب عقله  وتمرغ في أوحال الرذائل والدنايا والكبائر  من المحرمات التي تردي بصاحبها في أدنى مهاوي السقوط حيث يتحول ألى وحش مفترس ضد أبناء جلدته   ومعول خطير لتدمير المجتمع .؟ولصالح من يحدث كل هذا المنكر الجلي والواضح لكل مسلم حق فهم الأسلام على حقيقته ؟
واليوم عراقنا العزيز الذي هو جزء غال من هذه الأمة الأسلامية بحاجة ألى من يداوي جراحه  ويصلح ماأفسده المفسدون  ويصلح ذات البين ويعطف على مساكينه وأرامله وأيتامه الذين غصت بهم أرض العراق بمنح مافضل الله عليه من نعم وخيرات لأن في أموالهم حق للسائل والمحروم والميسورون مطالبون بالألتفات ألى بني جلدتهم من الذين عصفت بهم المحن والمصائب تلك العوائل التي فقدت أبناءها ومعيليها والعراقيون أصحاب نخوة وشهامة وكرم ونبل وهم أهل لذلك والمساعدات التي يقدمونها لأخوانهم وأخواتهم الذين هم بأمس الحاجة ألى من يعطف عليهم ويرحمهم ويداريهم  والله
 لايضيع أجر من أحسن عملا وأكرام اليتيم والأرملة والمهجروالمريض المحتاج والبائس الفقير  من أعظم الحسنات خاصة في العيد الذي جعله الله نبراسا للمحبة والألفة والتكافل حتى لايشعر من قست عليه الحياة بالغربة عن مجتمعه وهذا هو جوهر الأسلام الذي طالب كل مسلم بالعمل قبل القول .وفرصة العيد هي من أعظم الفرص لأن يبتعد المسلم عن الحقد والأنانية وحب الذات والبحث عن المكاسب المادية والمغانم الشخصية على حساب الجماهير المعدمة والمحرومة التي تعاني من  شظف العيش والأهمال منذ عقود وعقود وفي هذا كلام كثير والحديث فيه ذو شجون .والتجار عليهم أن
 يتقوا الله ولا يكون همهم الوحيد  الربح  والثراء الفاحش على حساب الطبقات الضعيفة ماديا في المجتمع. 
لقد كان المجتمع العراقي مجتمع تآلف ومحبة وأخاء وشريعتنا الأسلامية تحث   دائما على الصفح والتسامح والرحمة ومداراة الناس والتعاطف معهم ومشاركتهم أحزانهم وأفراحهم وهذا رسول الأنسانية ص يقول : (أعقل الناس أشدهم مداراة للناس)وخير المداراة ماكان لوجه الله وهي المداراة التي تنبع من ضمير نقي ونفس تقية مؤمنة بالله ورسوله وكل هذه الأمور تدخل في مداراة الناس وتقوية أواصر المحبة بين أبناء المجتمع الواحد لو أحس كل أنسان بأن الظلم والحيف قد رفع عنه وعاش في وطنه موفور الحرية والكرامة .   وهذا أمام المتقين علي بن أبي طالب يوصي أبنه الحسن ع
 فيقول:والأمام علي لايوصي أبنه الحسن فقط بل يوصي جميع المسلمين في كلامه حيث يقول ع : (أحمل نفسك من أخيك عند صرفه على الصله ،وعند حدوده على اللطف والمقاربة،وعند جموده على البذل،وعند تباعده عن الدنو، وعند شدته على اللين ،وعند جرمه عن العذر ،حتى كأنك له عبد ،وكأنه ذو نعمة عليك، )وقال الشاعر: طوبى لعبد تقي- لم يأل في الخير جهدا
وقال آخر: الخير يبقى وأن طال الزمان به-
            والشر أخبث ماأوعيت من  زاد
ومجتمعنا العراقي مازال بخير أن شاء الله رغم كل المسيئين والباغين والأنانيين والمفسدين  والبعض من  السياسيين الذين تهافتوا على مصالحهم الخاصة وأهملوا من وضعوا ثقتهم فيهم وركبهم الغرور والتعالي وهوى النفس وانحرفوا عن جادة الحق والصواب.
وليس لي ألا أن أقول والعيد على الأبواب بارك الله بكل نفس مؤمنة صادقة مع نفسها ومع ربها ومع مجتمعها تسعى للتخفيف من آلام البؤساء والمحرومين  ومداراتهم  ومداواة  جراحهم وحض على  تحقيق العدالة في المجتمع  وحفظ  الله   عراقنا العزيز وشعبه الكريم  من كيد الكائدين وغدر الغادرين وهدى الله السياسيين ألى الطريق الأصوب لأنقاذ شعبهم من هذه المحنة التي يمر بها بسم الله الرحمن الرحيم: (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون. ) 117-هود.
جعفر المهاجر/السويد
7/9/2010

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جعفر المهاجر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/09/07



كتابة تعليق لموضوع : العيد رمز للتعاطف والمداراة بين المسلمين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net