صفحة الكاتب : خيري القروي

دعوة للعزوف عن أكل لحم الاسماك الحية..! أرواح معذبة لحيوانات جميلة ومسالمة ...!!
خيري القروي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مرر يده تحت بطن سمكة كبيرة ما زالت حية , فعل ذلك بخفة ومهارة واحتراف , وكانت السمكة تتلوى فوق باطن كفه وبطنها البيضاء اللدنة يسيل لها لعاب المتشوقين الى اكل لحم السمك المسكوف , واخذ الزبون يساوم البائع على السعر , وطالت فترة المساومة , وما زالت السمكة المسكينة فوق كف الرجل البائع تتعذب وتتلوى من الالم , فاتحة فمها وخياشيمها تقاوم الاختناق بينما راس سكينة حادة مغروس في لحمها الشديد الطراوة .. وبعد مساومة طويلة اتفق الطرفان على السعر المطلوب , حينئذ انغرز راس السكين عميقا في لحم  السمكة الحية متفننا في عملية تشريحها وشقها الى نصفين .. !!
كم استغرقت فترة المساومة ما بين البائع والمشتري .. دقيقة .. دقيقتين .. خمسة دقائق ..؟
في حسابنا نحن البشر لا يكون الوقت مهما الا بقدر استعجال البائع على البيع واستعجال المشتري على الشراء , لا يكون الوقت مهما الا بقدر مصالحنا ومكاسبنا . لكن هل فكرنا بمعنى مرور الوقت بالنسبة لهذا الحيوان المسكين المعلق مابين الحياة والموت ..؟
العذاب الذي تشعر به السمكة وهي معلقة في الهواء هو نفس العذاب الذي نعاني منه ونحن غاطسين تحت الماء ..!!
والله وحده يعلم مقدار الالم الذي تعانيه سمكة حبس عنها الهواء المذاب في الماء ومهما كان الوقت قصيرا .. الوقت قصيرا في نظرنا نحن البشر الذين نتنفس الهواء ولا نشعر بالاختناق لكن هذا الوقت بالنسبة لهذا الحيوان المنتزع من بيئته , هي المعاناة وهي الكرب العظيم ..!!
كم واحد منا احس بكابوس الشعور بالاختناق في فصل الشتاء حينما نحكم لف الاغطية السميكة حول اجسادنا فينفذ الاوكسجين من الهواء المحصور تحت الغطاء فنستيقظ من نومنا ونحن في اسوء حال من الرعب والهلع وكأن قيامتنا قد قامت لولا لطف الله ..!!
سالت احد بائعي السمك المتواجدين في الاسواق , وكانت الاسماك التي في حوض عربته الخشبية في حالة يرثى لها من التعب والاعياء لقلة الماء في داخل الحوض , فهي في حالة ما بين الحياة والموت , سالته :
 
_ الا تشعر بمعاناة هذه الحيوانات وهي بين الحياة والموت , الا يهتز ضميرك وانت ترى هذه المخلوقات الجميلة وهي تتعذب , تتعذب بسببك انت لانك لم توفر لها الماء الكافي لبقائها على قيد الحياة بطريقة ترضي الله سبحانه وتعالى الذي خلقها من اجلنا , خلقها لناكلها لا لنتلذذ بتعذبها وهي حية وبهذه الطريقة القاسية ..؟
نظر في عيني نظرة طويلة فاحصة وكأنه ينظر في عيني مخلوق هبط عليه فجاة من السماء وقال وكأنه يؤنبني على إبداء مثل هذا الراي الغريب الذي لم يسمعه من قبل :
 
_ سبحان الله .. هناك من يفجر نفسه في الاسواق ويقتل الابرياء بالجملة ولا يسال نفسه عن الذنب الذي اقترفوه , وهناك من يدفن الناس في مقابر جماعية وهم احياء ..وانت الان تحاسبني على سمكة تركتها بلا ماء ..!!
هل شعرت بالخجل للكلام الذي سمعته من هذا الشاب المكافح في معيشته ..!!
من حقه ان يؤنبني .. ومن حقي ان اشعر بالخجل ..
لكن كلام الحق يجب ان يقال في احسن الظروف وفي اسوء الظروف , على حد سواء .
جمعت شتات شجاعتي محاولا اخراج نفسي من وهدة خجلي وقلت له :
 
_ ليس لنا كلام مع الذين قست قلوبهم فكانت هي كالحجارة او هي اشد قسوة , لان من الحجارة ما يتشقق فيخرج منها الماء , بل كلامي معك انت الانسان البسيط , المكافح , المجاهد , لماذا لا تحافظ على حلية ونقاوة مكسبك , لتحل البركة في هذا الرزق الحلال , فيكون رزقا طيبا لا شائبة فيه .. ان ديننا اجاز لنا ذبح الحيوانات لاكل لحومها , لكنه نهانا عن تعذيب هذه الحيوانات. وذلك بقول النبي محمد (ص) ليحد احدكم حديدته ويريح ذبيحته , كما يكره ذبح الحيوان وهو عطشان الا بعد عرضه على الماء .. نفعل ذلك حتى لا تقسوا قلوبنا , وتضمحل انسانيتنا , لنستحق ان نكون خلفاء الله على ارضه .
قال وهو يحرك بعض الاسماك التي انحسر عنها الماء فاشرفت على الموت ويرش عليها بعض من الماء المتبقي في الحوض :
 
_ لقد طال وقوفك وكثر كلامك ولا ارى فائدة من وراء كل ذلك .. قل لي كم سمكة تريد ان تشتري بعد كل هذه المواعظ والنصائح ؟
_ ولا سمكة واحدة اشتري منك ..!!
_ لماذا ؟
_ هذه اسماك طال تعذيبها وهي حية , ولا استسيغ اكل لحم حيوان تألم طويلا قبل ان يموت .
_ هل تريد القول ان اكلها حرام .. !!
_ لا ليس حراما .. ولكنه خلاف التقوى والورع .
نظر الي نظرة العاقل الى مجنون وقال :
_ انت واحد من اثنين .. اما ملك هابط من السماء , او مجنون هارب من مستشفى الشماعية !!
اجبته قائلا :
_ لست ملكا ولا مجنونا .. بل انا انسان لا يريد ان يتجرد عن انسانيته , ان لم يعجبك كلامي , فسوف انصرف عنك , أرجو ان تتذكر كلامي هذا حينما تخلو الى نفسك , ولا تسوء الظن بي ان ما قلته لك هو الكالم الصحيح . ان ما سمعته مني هو الحق . ولكن طريق الحق اصبح موحشا , بل هو كذلك في كل زمان . واذكرك بقول الامام علي , ذلك الانسان الذي ظلم من معاصريه , وما زال مظلوما حتى هذا اليوم (لا تستوحشوا السير في طريق الحق وان قل سالكيه)
تركته وهو في حالة من الذهول لا يريد ان يصدق ما سمعه مني .
لم يمض وقت طويل , حتى رايته وهو يدفع عربته الخشبيه نحو مدخل شارع الشيخ عمر مناديا على بضاعته وهو لا يكف عن رش الماء على الاسماك التي مازالت حية تتلوى وتتعذب ولا تريد ان تموت يسهولة . لم يخطر على باله انه مسؤول عن تعذيب هذه المخلوقات الرائعة , وان الله سوف يحاسبه على ذلك لان الله رحيم ويريد للانسان ان يتصف بالرحمة ايضا ولا يريد له ان يكون قاسي القلب متحجر العواطف .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خيري القروي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/09



كتابة تعليق لموضوع : دعوة للعزوف عن أكل لحم الاسماك الحية..! أرواح معذبة لحيوانات جميلة ومسالمة ...!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net