صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح251 سورة المؤمنون الشريفة
حيدر الحد راوي


بسم الله الرحمن الرحيم

بَلْ قَالُوا مِثْلَ مَا قَالَ الْأَوَّلُونَ{81}
تنقل الآية الكريمة صورة عما قاله كفار مكة , هو عين ما قالته الاقوام السابقة . 

قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ{82}
تروي الآية الكريمة استنكارهم ليوم البعث (  قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً ) , نموت وترجع اجسادنا للتراب , لا يبقى منها سوى العظام , (  أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ ) , بعد كل ذلك تعود اجسامنا كما كانت .  

لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ{83}
تستمر الآية الكريمة بالرواية على السنتهم (  لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِن قَبْلُ ) , تضمن النص المبارك اعترافهم ان البعث ليس بالأمر الجديد عليهم , بل انهم على معرفة تامة به , فقد سمعوا وعرفوا ان ابائهم قد وعدوا به ايضا , (  إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) , ثم انهم يعدونه من الاساطير والحكايات المتوارثة ليس الا .   

قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{84}
الآية الكريمة تخاطب النبي الكريم محمد "ص واله" (قُل لِّمَنِ الْأَرْضُ وَمَن فِيهَا ) , ان يسألهم عن الارض ومن فيها , من خالقها ومالكها ومدبرها ؟ , (  إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) , ان كان لديكم علم فأجيبوني ! .    

سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ{85}
تروي الآية الكريمة ان جوابهم سيكون اعترافا منهم بالله تعالى ذكره (  سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) , سبب اعترافهم هذا يصب في محورين :
1-    ان اعراب مكة كانوا يؤمنون بالله تعالى مجده , لكنهم يشركون الاصنام في عبادته طلبا لشفاعتها عندها وايضا لتقربهم زلفى لديه حسب مزاعمهم .
2-    ان العقل الصحيح والصريح والفطرة السليمة تدلهم وترشدهم الى الخالق والمدبر هو الله تعالى مجده .
(  قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) , طالما وان الامر كذلك , وها قد علمتم ان الخالق والمالك هو الله تعالى سواء كانت معرفتكم به جل وعلا من مواريث دين الحنيفية او مما يرشد اليه العقل الصريح , فلماذا لا تتعظون فتدركون ان من ابتدأ الخلق قادر على اعادته , كما وان ابتداء الخلق ليس أهون من أعادته . 

قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ{86}
الآية الكريمة تخاطب النبي الكريم محمد "ص واله" ان يسألهم سؤالا اخر (  قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) , بعد ان سألهم "ص واله" عن الارض ومالكها "خلقا وتدبيرا" يوجههم السؤال عن خالق ومالك ومدبر ما هو اكبر من الارض :
1-    (  قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ ) : حيث ان السموات السبع اكبر خلقا من الارض .
2-    (  وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) : اما العرش فهو اكبر من السموات السبع .

سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ{87}
تروي الآية الكريمة ان جوابهم الحتمي سيكون ( سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) , لنفس الاسباب المتقدمة , (  قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ ) , طالما وانكم تقرون بذلك , اليس حريا بكم ان تخشون عذابه ان عبدتم غيره جل وعلا ؟ ! .

قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ{88}
تخاطب الآية الكريمة النبي الكريم محمد "ص واله" ان يطرح عليهم تساءلا ثالثا (  قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ) , المالك المطلق لكل شيء , (  وَهُوَ يُجِيرُ ) , يغيث ويحرس ويجير من استجار به او من شاءت ارادته اجارته , (  وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ ) , ولا يمكن لاحد أيا كان ان  يغاث او يجار من اراد الله تعالى هلاكه , ( إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) , اجيبوني ان كنتم تعلمون ؟ ! .   

سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ{89}
تروي الآية الكريمة جوابهم الحتمي (  سَيَقُولُونَ لِلَّهِ ) , لنفس الاسباب المتقدمة , (  قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ ) , ان كنتم تعلمون ذلك وتدركونه , فكيف تخدعون وتصرفون عن عبادته جل وعلا , وتعكفون على عبادة غيره جل وعلا , وبعد كل ما ظهر لكم من الادلة ؟ ! .   

بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ{90}
تبين الآية الكريمة مؤكدة (بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ ) , التوحيد والوعد بالنشور , (  وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) , في شركهم وانكارهم ليوم البعث .     

مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ{91}
تبين الآية الكريمة مثبتة (  مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ ) , ما اتخذ الله تعالى ذكره ولدا , (  لتقدسه عن مماثلة أحد ) "1" ,  (  وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ ) , وايضا ما كان معه جل وعلا الها معبودا , يشاركه في الالوهية والخلق , ( إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ ) , لو كانا الهين خالقين اثنين , لتفرد وانفرد كل خالق بخلقه , (  وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) , و لجرت بينهما مغالبات وحروب واقتتال , كما هو حال ملوك الدنيا , ولأختل نظام الكون , لانشغال الالهة بالقتال والحروب ... الخ , اذا هذا الكون المحكم الصنع والتدبير يدل على خالق ومدبر واحد , لا شريك له ولا مثيل , (  سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) , تنزيها له جل وعلا عما ينسبونه ويصفونه له جل وعلا من الولد والشريك .   

عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ{92}
تؤكد الآية الكريمة انه جل وعلا (  عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ) , عالما بما طرق حواس الخلق وما لم يطرقها , ما وصل اليها وما لم يصلها , (  فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) , تعظيما وتنزيها له جل وعلا عما ينسبون له ويصفونه به جل وعلا .  
عن الصادق عليه السلام ( الغيب ما لم يكن والشهادة ما قد كان ) . "2"



الهامش :
1-    تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني .
2-    تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني , تفسير البرهان ج4 للسيد هاشم الحسيني البحراني . 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/18



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح251 سورة المؤمنون الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net