صفحة الكاتب : نزار حيدر

وَأَمّا مَسْؤولِيَّتُكُمْ
نزار حيدر

   واقصد المؤسسات الدينية التابعة لمدرسة الخلفاء، فانّ عليكم تقع المسؤولية الأكبر في إنقاذ دين الله من العصابات التكفيرية التي اختطفت الاسلام وصادرت التمثيل فلم يعد لكم تأثير يذكر على المسلمين الذين يتعبّدون بقراءاتكم وفتاواكم، ولذلك فانّ مسؤوليتكم كبيرة جداً وخطيرة في إطلاق الحركة التصحيحية العالمية لتوقفوا هذا الخطر الإرهابي الذي يجتاح العالم باسم الدين، وخاصة شعوبنا العربية والإسلامية، وذلك من خلال ما يلي:

   أولاً: اعادة النظر بمصادر الحديث والسِّيَر، خاصة التي تسمّونها بالصحاح، وان اوّل ما يجب الاعلان عنه هو ان هذه الكتب ليست مقدسة وهي ليست كما تقولون، لا يأتيها الباطل من بين يديها ومن خلفها، فلا ثابت الا القران الكريم. ولا نص مقدس الا القران الكريم وما دونه من الكتب والمصادر فهي اجتهادات وقراءات لعبت بها يد الزمن والانظمة السياسية التي تعاقبت على السلطة، ولذلك فهي قابلة للصح والخطأ، يمكن وضعها على المشرحة وتحت المبضع.

   ان ذلك سيفسح لكم المجال ويفتح الباب على مصراعيه لتعددية فكرية جديدة تواكب العصر وحاجاته.

   وانا هنا أشدّ على يد مجموعة المفكرين والباحثين وعدد من المشايخ الشجعان الذين أطلقوا في الفترة الاخيرة حملة فكرية وتاريخية لاسقاط قدسية (الصحاح) وقراءات السلف لدين الله، ودعوتهم لإعادة قراءة التراث بعقلية المحقق والمدقق لانصاف الاسلام ورسوله الكريم (ص) مما علق به من خزعبلات وتهم ونصوص مخجلة ومضحكة، يندى لها جبين الانسانية.

   ثانياً؛ اعادة النظر بالمناهج التعليمية الدينية والتربوية، والعمل على الغاء كل ما من شأنه نشر الكراهية بين الناس، مسلمين وغير مسلمين، وكذلك نشر الفتن والتفرقة والتمزق وثقافة التكفير والقتل والذبح.

   ثالثاً؛ استنكار كل الأحداث والوقائع التاريخية التي تساعد على نشر ثقافة القتل والذبح والتدمير، من اجل ان لا تظل هي النموذج الذي يحتذى.

   ان من المعيب حقاً ان يجتهد المشايخ من على منابر الجمعة وكراسي التدريس لتبرير قتل سِبْط رسول الله الامام الحسين عليه السلام مثلاً، او تبرير واقعة الحرة التي استباح بها النظام السياسي الاموي المدينة المنورة ثلاثة ايام فقتل جنوده الآلاف المؤلفة من الصحابة والتابعين والقراء واستباحوا الأعراض وهدموا الدور، او نراهم ينقلون قصص الذبح والقتل وشيِّ الاجساد والرؤوس المقطوعة من على كراسي الدرس وبكل فرح وفخر ونشوة، وكأنها النموذج الذي يتعبدون به.

   استنكروا التاريخ الاسود وافعاله الشنيعة، وقطّبوا وجوهكم وعبّسوا عندما تظطرّون لنقلها للنشء الجديد، ليعرف انها امر مستهجن وهو ليس نموذجاً يحتذى.

   رابعاً؛ لجم الفقهاء والخطباء والوعّاظ الذين ينشرون ثقافة العنف والكراهية وانذارهم ومن ثم طردهم من المدارس والمعاهد والجامعات الدينية، واستبدالهم بجيل جديد يستوعب المتغيرات والحاجة الانية للواقع الاسلامي، لتساهموا في بناء جيل جديد مُشبَع بثقافة الحب واحترام خصوصيات الاخر ويعتمد الحوار بالمنطق بدل السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة.

   خامساً؛ سحب تراخيص رواية الحديث من المشايخ المراهقين والمنفلتين (فقهياً).

   كما ينبغي عليكم ضبط الفتوى اذ ليس من المعقول ان تنفلت بهذه الدرجة التي نراها اليوم، فبات يدلي بها ويفتي للأمة كل من هب ودب بلا ضابطة او حدود.

   الى متى نظلّ نشهد هذه الفوضى في التدريس والتعليم والفتوى وفي كل شيء؟ اين دوركم اذن؟.

   ان الفتوى كما تعرفون جيداً ليست علماً فقط او استنباطاً وإنما هي خبرة ودراية ومعرفة بالمصالح والمفاسد قبل اي شيء اخر.

   سادساً؛ لجم فقهاء التكفير المحميّين بنظام القبيلة الفاسد، سواء في الجزيرة العربية او في قطر، فهم أساس البلاء وهم المفاقس الحقيقية والحواضن المباشرة لكل هذا الفكر التكفيري الارعن الذي دمر الامة وهدد كيانها ووحدتها.

   ان كل جماعات التطرف والارهاب الأعمى المنتشرة اليوم في العالم هي نتاج مباشر لفتاوى هؤلاء، فلقد أنتجتهم مدارسهم ومساجدهم ومعاهدهم (الدينية) ولذلك ينبغي عليكم ان تاخذوا زمام المبادرة منهم مرة اخرى، ليعود الأزهر والزيتونة وغيرها من المؤسسات المعتدلة والعقلانية منارات يسترشد بمواقفها وآرائها المسلمون ومصادر الإشعاع للفكر الاسلامي المستنير الذي يواكب العصر وحاجاته كما كان على مر العصور.

   لا ينبغي ان يظلّ فقهاء الحزب الوهابي هم المسيطرون على عقول ونفوس الناس، فان ذلك سيدمّر الامة قبل ان يدمر الامم الاخرى.

   الى متى تظل المؤسسات الدينية المعتدلة مهمشة لا نلمس منها دوراً إيجابياً فعالاً؟ والى متى يظل صوت الفقهاء المتنورون منخفضاً يطغى عليه جعير فقهاء البترودولار وجعير (فَقِيه موزة) الارعن الخرف الذي يمثّل اليوم دور بلعم بن باعوراء والسامري في هذه الامة؟.

   سابعاً؛ واخيراً، استنكروا وبشدة كل عمل ارهابي ينفّذه الارهابيون باسم دين الله، اين ما كان، بالبيان والخطاب والمقال وبكل الوسائل.

   نحن نفهم جيداً لماذا لا يستنكر فقهاء نظام القبيلة مثل هذه الجرائم الوحشيّة التي يرتكبها الارهابيون وهم يكبّرون ويهلّلون، لانهم راضين عنها، بل ان منبعها في عقولهم وافكارهم وفي منهجيّتهم التكفيريّة، ولكننا لا يمكن باي شكل من الأشكال ان نفهم لماذا تسكتون انتم وتلوذون بالصمت ازاء الارهاب؟ فلا بيان يستنكره ولا خطاب يدينه ولا اي شيء من هذا القبيل!.

   هذا امر مرفوض ، فالساكت عن الحق شيطان اخرس، كما تعلمون.

   10 كانون الثاني 2015

                      للتواصل:

E-mail: nhaidar@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/01/11



كتابة تعليق لموضوع : وَأَمّا مَسْؤولِيَّتُكُمْ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net