صفحة الكاتب : مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

سر بكاء الصديقة الزهراء عليها السلام
مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
[ما هو سر شدة بكاء  الصديقة الزهراء (ع) ]
 
تثار على المنابر قضية الزهراء عليها السلام ومحنتها ومظلوميتها وعادة ما يتطرق الخطيب الى بكائها عليها السلام وبناء امير المؤمنين عليه السلام بيتا لها وسمي بيت الأحزان لتبكي آمنا الزهراء فيه بعد شكوى المهاجرين من بكائها.
 
فما قولكم في رواية بحار الانوار وبيت الأحزان ؟
هل كان بكائها مسموع لأهل المدينة ؟
وهل يجوز للمرأة ان تبكي بصوت مرتفع يسمعه الرجال؟
وما هدف الزهراء عليها السلام من البكاء ليلا ونهارا ؟ هل لمكانة الرسول وقربها منه ؟ ام لأمور اخرى أعمق من ذلك؟
 
الجواب :
يتضح في نقاط :
1- ان البكاء فعل ممدوح في القرآن بينما الفرح مذموم غالبا .
 
2- إن صوت المرأة المنهي عن سماعه الرجال هو الذي اشار اليه القرآن ولاتخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ،
فالتغنج والترقق في الصوت هو المحرم الذي يثير الفتنة لدى الطرف اﻵخر .
 
اما صوت البكاء والحزن والجزع فهو يكسر جمود وقساوة القلوب ولذلك فان التواريخ مجمعة على ان بكاؤها كان يثير الحزن والغم  والضجر والكمد لديهم لا الخفة و الميول فمن ثم ضجوا واعترضوا وتأذوا.
 
3- ان في القرآن جملة من الشواهد على ان صوت المرأة مع الحشمة و جو العفاف ليس محلا للنهي لاسيما مع تتويجه بهدف سامي مقدس
نظير قوله تعالى ((يامريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين)) .
والخطاب بلحاظ اعتكافها في بيت المقدس .
 
وقوله تعالى ((وماكنت لديهم إذ يلقون اقلامهم ايهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون )).
وهذا في البيت المقدس .
وقد وصف القرآن بالطهارة والطهر مرتين وبالاصطفاء .
 
مع انه يضرب الله مريم مثلا وقدوة
كقوله تعالى ((وضرب الله مثلا للذين ءامنوا …ومريم بنت عمران التي احصنت فرجها ))
 
وقوله تعالى ((فإما ترين من البشر فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا  فأتت به قومها تحمله قالوا يامريم لقد جئت شيئا فريا …فأشارت اليه قالوا كيف نكلم)) .
وغيرها من المهمات الالهية التي قامت بها مريم في محافل مواجهة للرجال لكن في اداء من الحشمة والعفاف .
 
وقوله تعالى في شأن ابنتي النبي شعيب ((ولما ورد ماء مدين وجد عليه امة من الناس ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ماخطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وابونا شيخ كبير …..فجاءته احداهما تمشي على استحياء قالت ان ابي يدعوك ليجزيك ….فلما جاءه ….قالت احداهما يأبت استأجره …))
وغيرها من الموارد التي استعرضها القرآن عن المصطفيات والصالحات .
 
4- ان بكاؤها يحمل ابعاد وغايات هامة وسنة فاطمية عظيمة
منها :
بيان اهمية وعظمة النبي (ص) وضرورة التعلق بشخصيته وبالتالي التأسي والاقتداء به والاستنان بسنته وهذا لا يحصل الا ان يبقى النبي ص صورته حاضرة وماثلة راهنة في النفوس والعقول وهو لايحصل الا بشدة تذكره واحياء اسمه وهذا في قبال اصحاب السقيفة من كان يعبد محمد فان محمد قد مات ومن كان يعبد الله …. فلاحظ  هذا الشعار لهم فان محمد قد مات بينما شعار فاطمة ان ذكر النبي ص حي لا يندرس .
 
شعار السقيفة ان شدة التعلق من كان يعبد محمد بينما شعار فاطمة الايمان بمحمد هيمان نوري إلهي .
لاسيما ان رحيله (ص)  لازال في اوائله والبداية بعد رحيلة سنة تخط وترسم لأجيال المسلمين والمؤمنين وهي كيفية ودرجة التعلق بالنبي ص .
 
ففاطمة النور والقدس سنت في الدين سنة كبرى وهي شدة التعلق بالنبي (ص) في قبال السقيفة وقريش التي تسعى بكل جهدها لطمس ذكره واماتة اسمه .
 
الم تحرق السلطة المستولية على مقاليد امور المسلمين  كتب الحديث النبوي وعاقبا الصحابة على ذلك بل قاما بالاقامة الجبرية لهم لئلا ينتشرون في البلاد فينشرون الحديث النبوي .
الى غير ذلك من طمس آثار الجغرافية ذات معالم بالمشاهد النبوية والاعظم تغيير سنن النبي (ص ). الى غير ذلك من ماقامت به السقيفة لمواجهة السنة النبوية .
 
ولذلك من اعظم صفات اميرالمؤمنين علي (ع)  هي اتباع سنن نبيه (ص) .
ففي مقابل كل ذلك كان دور فاطمة (ع) لاحياء ذكرى النبي (ص) في نفوس الصدر الاول تتداعى للاجيال اللاحقة .
 
فلاحظ يومنا الراهن كيف يحيي النصارى ذكرى ميلاد المسيح الكرسمس فيقيمون العالم والكرة الارضية ولايقعدون .وهو احياء وتعظيم ميلاد نبي من اولي العزم لكنه اين من سيد الانبياء (ص) بينما المسلمون والمؤمنون لايقومون بعشر من معشار مما يقوم به اولئك للاسف.
 
  مع ان القرآن يبين ان لا سعادة ولا خلاص للبشر من الازمات الا بالتعلق بشخصية سيد الانبياء حيث لم يصف نبيا ولا وصيا بالاوصاف التي ذكرها له نظير انك لعلى خلق عظيم اي قدوة للعالمين ليرتقي البشر الى المعالي .
 
ومنها ان البكاء من الواضح انه يحمل ايضا طابعا اعتراضيا على نهج السقيفة وانه على نقيض سنة النبي (ص) وهديه ومنهاجه ومن ثم لمس المستوليين على الامور مدى خطورة الشحن الذي توقده الزهراء (ع) في النفوس جراء بكائها وتذكير الامة بالنبي (ص) مما يعيد للنفوس حيوية تعلقها بالنبي ص ووصاياه وفي هذا تجييش واستنهاض للامة تجاه مشروع السقيفة .
 
ومنها لشدة تعلق الزهراء (ع) بالنبي ص وفي هذه الشدة المنقطعة النظير التي فاقت العلاقة بين يعقوب ويوسف وهما نبيين والعلاقة التي بين العقيلة والحسين (ع) والعلاقة بين زين العابدين (ع) وابيه الحسين (ع) كما روي انه ع مع كونه بكى طيلة حياته على ابيه الا انه تفجع لشدة تفجع جدته (ع)
هذه العلاقة المتميزة للصديقة (ع) بابيها لامحالة متميزة لانها بين اعظم شخصية في الخلق وبين اعظم شخصية تاتي في الرتبة الثالثة بعد ابيها ولايعرف النبي (ص) احد بقدرها بعد علي اميرالمؤمنين (ع) فمع كل هذه العوامل كيف لا تنجذب الصديقة لابيها بهذا الحجم .
 
وقد ورد متواترا عنهم (ع) ان اعظم مصيبة على كل انسان هو فقده لرسول الله ص ولن يصاب احد باعظم خسارة ومصاب من فقده لرسول الله (ص) .
وهذه الحقيقة التي باح بها اهل البيت (ع) تنم عن مدى الكمال الذي يفقده كل انسان من فقده للنبي (ص)
وكيف حينئذ الحال مع من يدرك هذه الحقيقة وينهل من النبي (ص) اعظم مايمكن لاحد ان يسعد ويتكامل بالنبي (ص )
ثم كل ذلك تربية وتعليم للصديقة ع لكل البشر والمخلوقات ان التعلق بالنبي ص لابد ان يكون بعد التعلق بالله تعالى بهذا الحجم كما وكيفا لينال بذلك اكمل التكامل والتطور .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مكتب سماحة آية الله الشيخ محمد السند (دام ظله)
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/01/17



كتابة تعليق لموضوع : سر بكاء الصديقة الزهراء عليها السلام
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net