صفحة الكاتب : جمعة عبد الله

مهزلة النفاق السياسي : قانون اجتثاث البعث
جمعة عبد الله

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


حين سقطت النازية في المانيا , اتفق على تشريع قانون اجتثاث النازية , اي تحريمها وحرمانها من الحقوق السياسية , ومن يروج لها يحكم بتهمة قانون العقوبات بجرم ( تعكير الصفو العام ) . واحترم تطبيق هذا القانون بالكامل ,  من جميع الاطراف السياسية , ومن الحكومات المتعاقبة طوال العقود من السنين الطويلة  , ومازال ساري المفعول بالتنفيذ الكامل غير المنقوص والمعدل , رغم المتغيرات السياسية  الحاصلة في العالم والمانيا , ورغم ان الظروف التي  اختلفت جذرياً عن السابق , ورغم تبدل التحالفات الاقليمية والدولية والسياسية , وانتقال المانيا الى الاستقرار السياسي والاقتصادي , وطفرات من  التقدم والتطور , بانها اصبحت قوة عظمى في العالم وفي اوربا . لانهم حافظوا على القيم والمبادئ السياسية , التي تخدم بلادهم وتصون المصالح العليا للوطن , بانها فوق اي اعتبار , وفوق الميول والاتجاهات  والمصالح الحزبية والشخصية .... وفي العراق بعد سقوط الحقبة البعثية , واصدار قانون اجتثاث البعث او قانون ( المسائلة والعدالة ) , لكن الاحزاب الاسلامية ( السنية والشيعية ) افرغت هذا القانون من مضمونه وهدفه ومقصده , واطلقت عليه النار لتقتله في مهده , وتحول قانون اجتثاث البعث  الى جيفة ميتة , فقد فتحت هذه الاحزاب ابوابها مشرعة لاحتضان اتباع البعث واعوانه في صفوفها ومنحهم براءة الذمة وصك الغفران , وتسلق اعوان البعث الى سلم قيادة هذه الاحزاب , من خلال الانخراط الواسع لهم  , خوفاً من مصيرهم المجهول آنذاك , وتسلموا المناصب والمواقع السياسية الرفيعة , وفي قمة هرم الدولة , وفي الحكومة والبرلمان , وتولي مسؤولية المؤسسة العسكرية والامنية , التي اصبحت تدار باشرافهم المباشر , وتتحرك وفق وتوجيهاتهم واوامرهم وقراراتهم بحرية تامة . رغم ان الكثير من اعوان البعث ملطخة ايديهم بدماء الشعب , حيث شارك الكثير منهم في الجرائم الرهيبة والمروعة , من الاعدامات الجماعية والتعذيب الوحشي , ومن المقابر الجماعية , وحركة الانفال واستخدام السلاح الكيماوية , والمساهمة بوحشية جهنمية في حملات البطش والتنكيل , من خلال مؤسساتهم الاجرامية , مثل فدائيي صدام . الجهاز الخاص . جيش القدس , مؤسسات الامن والمخابرات والسرديب السرية وقصر النهاية ( فندق السعادة ) كل هذه الجرائم الوحشية الرهيبة , تحولت في زمن حكم الاحزاب الاسلامية ( السنية والشيعية ) وفي ظل قانون اجتثاث البعث , تحولت الى اوسمة الشجاعة والرجولة  والشرف والتقدير  والتكريم , بحيث صارت حظوظ اتباع واعوان البعث , اكثر من حظوظ  المواطنين  الاخرين في الحقوق والمواطنة , تحت بركات الاحزاب الاسلامية وصكوك الغفران . هذه الثقة المطلقة في اعوان واتباع البعث , ساهمت بدور كبير وحاسم في تدهور العراق نحو الانحدار وهاوية الخطر  , وانحراف العملية السياسية عن جادة الصواب , وفقدان الامن والامان والاستقرار , وخاصة واعوان البعث يديرون تحت اشرافهم المؤسسة العسكرية والامنية , وكثير من اعوان البعث لهم اليد الطولى في تصاعد الارهاب الدموي ودعم العصابات الارهابية في الاجرام  , الذي يحصد المواطنين الابرياء كل يوم , ومن مهازل القدر الاسود , بان نفس الاشخاص في القيادات العسكرية ,  الذين  سلموا بغداد دون مقاومة الى الاحتلال الامريكي , نفس هؤلاء الارذال سلموا الموصل الى داعش دون مقاومة . هذه النتائج الفادحة التي اصابت العراق , نتيجة تحول قانون اجتثاث البعث الى جيفة عفنة , تحت بركات ورعاية الاحزاب الاسلامية ( السنية والشيعية ) , التي انهمكت بشهية وحشية في الفرهدة والنهب والسرقة وبناء امبراطوريات مالية من المال الحرام , واللعب على الحبلين في الازدواجية , بمنح بركات الغفران الى اتباع واعوان البعث , والتشبث في الجيفة العفنة , قانون اجتثاث البعث , انه نفاق سياسي وضحك على ذقون الشعب , والقيادات البعثية التي في يدها الحل والربط , تتغازل بحب ومودة وحنين فياض الى رفاقهم في تنظيم داعش المجرم , انها لعبة بعثية تحت سمع وبصر الاحزاب الاسلامية , والشعب يدفع الثمن الباهظ بالمجازر وسفك الدماء


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جمعة عبد الله
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/01/26



كتابة تعليق لموضوع : مهزلة النفاق السياسي : قانون اجتثاث البعث
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net