صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الطائفي عاطفي!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لماذا يكون الشخص طائفيا؟!

 

تساؤل يستحق منا التفاعل العقلاني , وإستحضار الجواب الواضح والصريح , لكي نعرف سلوكنا , ونتعلم مهارات تصحيح مسارات تفاعلاتنا , وتحرير طاقاتنا من متاهات التبديد والخسران.

 

السلوك الطائفي سلوك إنفعالي شديد العاطفة , ومشحون بالقوة السلبية اللازمة لتعزيز نمائه وتأكيد دوره.

 

ولا يمكن عزل الطائفية عن العاطفة.

 

ذلك أن العاطفة المتأججة تتملك العقل وتسخره لأغراضها , وتحوّله إلى آلة لتبرير إتجاهاتها وتحقيق تداعياتها , فيكون العقل عبارة عن آلة للتبرير والإسقاط والإنكار , والتأسيس لآليات الخداع والتضليل الضرورية لإنقطاع الطائفي عن واقعه الذاتي والموضوعي.

 

فالطائفي يقوم بأعمال تتقاطع مع أبسط ما يقره دينه وعقيدته , لكنه يسوّغ ذلك بإنحرافات تفكير , ويقيّد عقله بإرادة العاطفة الفاعلة فيه , والماحقة لمنطق الحقيقة وطبائع الأمور والأشياء.

 

أي أن الطائفي عبارة عن كتلة منفعلة مشتعلة لا تعرف الإخماد , بل تزداد تأججا بتفاعلها مع أمثالها , حتى لتجد الطائفيين قد صنعوا طائفة من نار ودخان , وكأنها الجحيم الذي يأكلهم وغيرهم , لأن في ذلك السلوك رغبة التحول إلى سجير , وإنتحار فردي وجماعي تفرضه إرادة الإنفعال الأعمى واللاواعي المُضلَّل , الذي تذكيه وتديمه جمرات جمع المتنافرات في وعاء الذات.

 

ترى كيف يتحول الشخص إلى طائفي؟

يبدو أن للتربية دور فعال في صناعة النفس الطائفية , والسلوك الطائفي , لأن التربية ترفد الأعماق بمفردات تتفاعل وتتكاثف لتصنع حالتها المعبرة عنها , فيما يبدر من الشخص كفرد أو كمجموعة.

 

وفي المجتمعات التي تجهل أصول التربية المعاصرة , فأن الوالدين يؤسسان للطائفية , فعندما يعاني الطفل من الحرمان الأبوي أو الأمومة , وتبقى حاجاته ناقصة , فأنه سيسعى لتعويضها وإرضائها في مراحل عمرية أخرى , وبهذا يحقق نكوصا في سلوكه.

 

والإنتماء العاطفي للأب أو الأم , إن لم يصل إلى غايته , ويشبع الرغبة الكامنة في أعماق الشخص , فأنه يترك فراغا , أو تجويفا يؤثر على السلوك ويتطلب إمتلاءً , وعندها يكون ميالا للتعويض عن الفقدان الذي عاناه.

 

وتكون الطائفة أو الفئة أو الحزب الأم أو الأب , ولكن بطاقات إنفعالية محتقنة وعالية الضغط والشدة , لكي تحقق التعويض ومعاناة الفقدان المريرة.

 

ولهذا فأن السلوك الطائفي يكون منفعلا , ولا يخضع للمنطق , ويمتاز بالإندفاعية العالية والتأثيرات الماحقة , ومحكوم بالخوف من فقدان الإنتماء المعوِّض عن فقدان الإرضاء والإشباع للحاجات الأساسية ,  التي أصابها الحرمان بسبب الجهل والتعسف التربوي الذي عاشه الشخص, فنشأت عنده عاهات نفسية وإضطرابات سلوكية تستوعبها آليات التعصب المُرضية للحاجات الجائعة فيه.

 

إن آليات التربية البالية المكررة , وعدم التواكب مع معطيات العصر , وفهم الضرورات السلوكية والحاجات الأساسية , التي على الوالدين إرضائها عند أطفالهم , ترسم خارطة مستقبل السلوك العائلي والإجتماعي , وترفد المجتمع بحالات سلبية مدمرة , كالطائفية وأخواتها. 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/01/26



كتابة تعليق لموضوع : الطائفي عاطفي!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net