صفحة الكاتب : غسان الكاتب

حديث.. من ذاكرة الانتخابات
غسان الكاتب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

على ضفاف نهر دجلة ببغداد جمعتنا قبل خمسة اعوام دعوة غداء من احد السياسيين بعد ظهور نتائج الانتخابات التشريعية لعام ٢٠١٠ ، وكان محور الحديث في حينها حول الانتخابات واسباب خروج الرجل من البرلمان وخسارته للانتخابات رغم انه استوفى كل الشروط للفوز ، وقام بكل ما يجب عليه فعله قبل الحملة الانتخابية واثناءها ، ومما يزيد بالتعجب ان الرجل يمتلك كاريزما كانت تزيد من حظوظه امام منافسيه خصوصا انه ترشح في مسقط رأسه وبمنطقة مؤيدة وتعرفه منذ صغره.

نتيجة الحديث انتهت الى ان سبب الخسارة يعود لامرين:

الاول - ان طبيعة الشعب العراقي تحب السلطة؛ لتنظر اليها؛ تصفق لها؛ تمجد قياداتها وتنفذ اوامرهم حتى لو كانت خاطئة او قصيرة النظر.

الثاني - هو انتقال الرجل من ائتلاف السلطة في حينها؛ بعد ان وجد ان حظوظ ائتلافه لا تسعفه عمليا للفوز بولاية ثانية لان السلطة تخلق اعداءا فما بالك لو رافقها الفشل؛ الى قائمة اخرى.. ائتلاف أيضا كان يشارك السلطة لكنه لا يتمتع بها.

ولان الشعب يحب السلطة فلم يصوت له وغرق مركبه حسب قوله ، وبعد مرور اربعة اعوام كان الرجل قد فهم المعادلة وعاد الى ائتلاف السلطة ليربح دون عناء وفي منطقة لا تعرفه اصلا ولم يزرها الا قبل الانتخابات باسبوع واحد ، وليعود الى البرلمان لكن دون ان ينظر إلينا او يدعونا للنقاش حول كيفية الفوز لانه فهم ان مركبه لن يغرق ما دام قريب من مراكب السلطة وسائر في ركبها.

هذا الموضوع يجرنا الى حديث التغيير الذي رافق تشكيل الحكومة الحالية الذي تثار حوله التساؤلات ، فالحقيقة ان لا تغيير جوهري قد طرأ او حدث لا في نتائج الانتخابات التشريعية ولا في المراكز القيادية في الدولة لحد الان ، لان السلطة كانت وما زالت في كماشة احزاب معينة تشكل التكتلات البرلمانية المخضرمة الفائزة في الانتخابات الماضية ، فرئاسة الجمهورية لم تخرج من جعبة التحالف الكردستاني ورئاسة البرلمان استقرت لمتحدون ورثة القائمة العراقية ، ورئاسة مجلس الوزراء في قائمة دولة القانون وحزب الدعوة الاسلامية ومنذ عشرة اعوام . وتلك هي الرئاسات الثلاث وتلك هي السلطة لم تتغير ولم تتبدل.. حتى في ادنى المناصب لانها ببساطة تخضع للمحاصصة بين الفائزين ، وجوه تغيرت نعم ولكن النهج واحد والسياسات باقية والمصالح ثابتة ومشتركة ولن تتغير.

فمن يدعو للتغيير او يدافع عنه ليسأل نفسه.. عن اي تغيير يتحدث ؟ عن احزاب ذاقت حلاوة السلطة واستطعمت مزاياها وخبرت امرها وكيفية الحفاظ عليها بعيدا عن الشعب ، ام عن شعب قد يكون مستعدا للتصويت لذات الاحزاب والتكتلات مئات المرات في الانتخابات القادمة والتي بعدها حتى لو ذاق الويل والضيق والفناء بالتفجيرات والمفخخات والفساد والازمات المالية والاقتصادية.

انه خيار الديمقراطية المر في ظل غياب الوعي ومأساة شعب ابتلى بها مع بعض السياسيين ممن لا يفقهون سوى لغة السلطة والارقام الانتخابية والجاه والنفوذ والمصلحة الحزبية والفئوية ، وان كان تصحيح بعض السياسيين من سيرتهم في ادارة الدولة والحكم بعيد المنال في الوقت الحالي او مستحيلا ، فاننا نأمل من المثقفين ووجهاء المجتمع قيادة حراك يرفع من درجة الوعي السياسي لدى الجمهور يضاهي ويزيد عما يشهده شارع المتنبي من حراك ثقافي في كل يوم جمعة ، حراك يحمل املا ووعي بالتغيير بعيد عن تأثيرات السلطة ورجالات السياسة ، يرفضهم ويرفض تسلقهم فوق جراحاته او التعامل معهم ، يرصد سلبيات الحكم ويثقف خلاف ما تسعى ، يصوت للتغيير؛ للامل والمستقبل لا للماضي ومرشحي السلطة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


غسان الكاتب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/02/02



كتابة تعليق لموضوع : حديث.. من ذاكرة الانتخابات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net