صفحة الكاتب : د . موسى الحسيني

باقر الصراف من التراث الثوري الشعبي عند الشيعة العرب
د . موسى الحسيني

- هذه المقالة مهداة للشاعر الذي كتب القصيدة موضوع البحث، والرادود الذي قرأها، وجميع اللاطمين، وكل شيعي ملتزم بخط آل البيت والتشيع العلوي، أخص بالذكر الدكتور عادل رضا الذي تسائل مرة في مقالة "ماذا بعد ياموسى" وستظل "بعد" هذه مفتوحة حتى انتصار خط التشيع العلوي .

 اذاعت  محطة صوت الحق التي تبث برامجها في بغداد عبر احد موجات الاف. ام، وفي مختلف انحاء العالم، عبر غرفة صوت الحق على الانترنت، مساء يوم 4/8/2005، تسجيلا لاحد شعائر العزاء الحسينية، قرأ فيها الرادود ( القارئ ) قصيدة بعنوان "والله عار عالرجال النائمة"، اتصلت بمباشرة بالاخ ضياء الكواز طالبا منه اعادتها، بل ووضعها بشكل كامل على صفحة شبكة اخبار العرااق ، ليعود لها من يشاء، لاهمية ما ورد بها من معاني عميقة ، قد لا تكون واضحة حتى لبعض مثقفي الشيعة انفسهم  .
 
ولذلك  قررت القيام بكتابة مقدمة لها لترجمة هذه المعاني، لانها تمثل صفحة مشرقة من التراث الثوري الشيعي العربي، العلوي، الحسيني، وتفرزه عن اولئك المتاجرين بالتشيع واسم الامام علي والحسين . كما انها تسجل لصفحة مشرقة من صفحات النضال الشعبي ضد الاحتلال الذي برز من خلال الانتفاضة الصدرية الاولى. هذا اضافة الى ما تعكسه القصيدة من تشخيص واقعي لطبيعة العدو المحتل، الذي يحمل قناعا اميركيا، الا ان هويته الحقيقية تظل اسرائيلية .

 العزاء الحسيني :

اعتاد الشيعة ان يقيموا مثل تلك الشعائر في عاشوراء (الايام العشرة الاولى من شهر محرم كل سنة) وفي كل مدينة او منطقة شيعية، ينتقلون بعدها وتحديدا يوم 20 صفر الى مدينة كربلاء لاداء نفس الشعائر هناك، ويذهبون جماعات باسم المناطق او المدن الى هناك، وتسمى هذه الجماعات "مواكب"، ويرفعون عادة الاعلام السوداء والخضراء امام هذه المواكب وهي تسير لاطمة على الصدور.تردد أهازيج أو عبارات (تسمى بالردات – من الترداد او التكرار) مكتوبة من قبل الرادود (وهو مصطلح يطلق على القارئ الذي يتولى قرائة الشعر الذي يلطم على ايقاعه اللاطمون، بعد ان يتوقفوا في مكان محدد بعد انتهاء المسيرة) .

كثيرا ما يخرج بعض الرواديد او القراء عن النمط الكلاسيكي، المعتاد  للاشعار المقروءة، فيقرأ اشعارا ذات مضامين سياسية او اجتماعية. وكثيرا ما تحاول بعض القوى السياسية العراقية استثمار هذا الواقع فتستغل انتماء  الرادود لها لتحرضه على اختيار ردات او قصائد عبارة عن شعارات سياسية. ويكشف حنا بطاطو في دراسته عن العراق كيف ان قيادات الحزب الشيوعي كانت تخطط  لاستثمار هذه العزوات وطرح شعاراتها من خلال بعض الرواديد المتعاطفين مع الحزب. على  أن هذا النمط السياسي يظل مربوطا عموما بالحالة الجماهيرية، في المناسبات العصيبة التي تمر بالعراق والامة العربية عادة ، فيبرز احيانا بشكل عفوي نتيجة حالة التاثر الجماهيرية بالموقف السياسي .

كما حصل في اعوام 56، 57، 1958، بعد تصاعد المد الثوري العربي بعد حرب السويس في 1956، لذلك بادر عبد الكريم قاسم لمنعها عام 1958، وفرض ان تكون محصورة في اماكن محددة (المساجد والحسينيات)، وتوالت عمليات الشد والجذب بين الحكومة والجماهير الشيعية، بين منع العزوات، والسماح لها، حيث امر نظام  صدام حسين بمنعها  نهائيا، في الفترات من 1977 – 2003 .

بغض النظر عن صحة او عدم صحة هذه العزوات، فقد اصبحت جزء من التراث الشعبي عند الشيعة العرب، ومناسبة للتنفيس عن مكنونات النفس والتوجهات السياسية الجماهيرية. ولا اتذكر المصدر الذي قرأت فيه ان اللطم بهذه الطريقة كان سائدا ورائجا ايام السومريين والبابليين في العراق، عندما يتوفى احد ملوكهم أو حكامهم. أضاف الشيعة الهنود والباكستانيين والفرس، شعائر التطبير (ضرب الرؤوس بالسيف)، والضرب على الظهر بالزناجيل الحديدية، التي تطورت الى تركيب بعض السكاكين الصغيرة على الزنجيل لتجريح الظهر .

حاول بعض العلماء الشيعة القول ببطلانها، الا انهم تعرضوا لنقد حاد، ما جعل بقية العلماء يتوقفون عن النقد والتحريم . اسغل جماعة التشيع الصفوي مبادرة السيد محمد حسين فضل الله للافتاء بتحريم التطبير والضرب على الظهور بالزناجيل الحديدية، ليشككوا بمرجعيته، بل وبتشيعه .

هناك نموذج أخر من هذه الشعائر الحسينية يطلق عليه أسم "التعزية أو القراءة". أي هناك عزاء، كما هناك تعزية. والعزاء كما عرفناه أعلاه حالة اللطم على الصدور، ترافق قراءة عاطفية، لقصيدة شعرية غالبا ما تكون مكتوبة باللهجة الشعبية، بايقاع غنائي حزين. أما التعزية فهي حالة عقلانية  مختلفة من الوعظ والارشاد الديني، واستنباط المعاني الاخلاقية والمثل الدينية والانسانية في ثورة الحسين، تنتهي بذكر جانب من معاناة الامام الحسين وعائلته في خلال المعركة، وتختم في الدقائق الاخيرة بقراءة قصيدة او مقطع من قصيدة مكتوبة، غالبا، بالفصحى.  

يتبع


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . موسى الحسيني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/03/05



كتابة تعليق لموضوع : باقر الصراف من التراث الثوري الشعبي عند الشيعة العرب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net