صفحة الكاتب : جليل ابراهيم المندلاوي

ماهكذا تورد الابل ياسيادة الرئيس..!!
جليل ابراهيم المندلاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 خلال تجواله في المصنع لاحظ مدير احدى الشركات شابا مستندا إلى الحائط ولا يقوم بأي عمل، اقترب منه وسأله بهدوء: كم راتبك الشهري؟؟..، تفاجأ الشاب من هذا السؤال الا انه حافظ على هدوئه واجابه عن مقدار راتبه، فأخرج المدير المبلغ من محفظته واعطاه للشاب "بمثابة إنهاء لخدمته" ثم صرخ بوجهه بعصبية مفتعلة: أنا أدفع للناس هنا كي يعملوا وليس للوقوف، والآن هذا راتبك الشهري مقدما، اخرج ولاتعد..، ابتسم الشاب وهو يضع المال في جيبه ويستدير مسرعا في الخروج والابتعاد عن الأنظار..، حينها التفت المدير الى بقية موظفيه وعماله وخاطبهم بنبرة تهديد: هذا ينطبق على الكل في هذه الشركة، من لا يعمل ننهي عقده مباشرة..، ثم اقترب من أحد الموظفين المتفرجين وسأله: من هذا الشاب الذي قمت بطرده للتو؟؟..، فجاءه الرد المفاجئ: انه عامل توصيل البيتزا يا سيدي..!!

لاأعرف لِمَ تذكرت الحكاية اعلاه وانا اقرأ مانشره الموقع الرسمي لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم من تفاصيل حول عدد من اللقاءات التي اجراها سيادته مع "القوى السياسية والدينية والعشائرية والمجتمعية لانجاح مشروع المصالحة والتي تأتي في إطار الالتزامات الدستورية وتطبيقاً للاتفاق السياسي الموقع والمتفق عليه من جميع الاطراف والذي بموجبه تم تشكيل الحكومة الحالية" حسب بيانات الرئاسة.. ومن بين هذه اللقاءات استقباله لما يسمى "مفتي العراق" رافع الرفاعي؟؟!! ، واعتقد ان التوضيح الاخير الذي اصدره مكتب الرئيس حول اللقاءات هو تبرير لأستقباله الرفاعي فحسب دون غيره من اللقاءات الكثيرة التي اجراها مؤخرا.. كما اعتقد ان تلك الجولة المكوكية التي استهلها سيادة الرئيس بزيارة البصرة واختتمها في دهوك وتفاءلنا بها كونها تحمل رسالة بسيطة الى شعبنا في خروج الرئيس من قمقمه الرئاسي والتحامه بالجماهير، لم تكن سوى وهم كبير عشناه ايام معدودات حيث كان لقائه بالرفاعي الورقة التي اراد سيادته خلطها ببقية اوراق هموم ومشاكل العراق والعراقيين فحرقت جميع الاوراق.

المشكلة ان الخبر مر مرور الكرام في غفلة من الاعلام الوطني الذي انشغل غالبا بتغطية معارك التحرير التي يقودها جيشنا العراقي بأسناد من الحشد الشعبي وابناءنا من قوات البيشمركة، حيث اطبقوا على خناق تنظيم "داعش" الارهابي وباتت ملامح النصر تبشر بقرب انهيار كامل للتنظيم الارهابي الذي بدأ يستغيث من الضربات المتلاحقة والتي الحقت به شر هزيمة.. ومع هذه التطورات الامنية التي يشهدها العراق لانعرف مالذي دعا سيادة "رئيس الجمهورية" الى التفكير بالمصالحة..؟؟

ربما من حقنا ان نتساءل بل وان نطرح الكثير من الاسئلة حول مشروع "الرئيس" في المصالحة بأعتبار ان هذا الموضوع يمس حياة كل مواطن عراقي، اذ يمسه في دمه وعرضه وماله، وهذه الامور لم نخول سيادة الرئيس ولاغيره بالتفاوض حولها.. والسؤال المهم الان هو المصالحة مع من..؟؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات حيث "داعش" تستغيث..؟!!

سيدي الرئيس.. ان لم يكن الجميع متفق، الا ان هناك فئة كبيرة من الشعب العراقي ترى في رافع الرفاعي وحاتم السليمان وحارث الضاري وطارق الهاشمي وغيرهم، انما هم من رؤوس الفتنة في العراق.. الا ان كنت ترى عكس ذلك من منظار اورو-امريكي، خلافا لما يفترض عليك رؤيته من منظار شعبك الذي لا استطيع الجزم ان كنت تعتقده عراقيا ام خلاف ذلك، لكن من المؤكد انني استطيع الجزم بل وتذكيرك ايضا انك رئيس لشعب اسمه العراق..

سيدي الرئيس.. ان كنت تريد اعادة تجربة مريرة اسمها "المصالحة الوطنية"عاشها العراق اعوام طويلة لم نجني منها سوى اهدار المال ومن ثم خراب للديار، فالأفضل ان تسعى الى مصالحة من نوع آخر يمكن ان نطلق عليها "ارضاء الشعب".. لأن المصالحة الاخيرة تعني ماتعني من عنوانها، اما المصالحة الاولى فتعني بما خبرناه في اعوام سابقة اطلاق السفهاء من الذين اجرموا بحق الشعب العراقي ليعيثوا في الديار خرابا فوق خرابها، بل وان "نبصق" على الضحية واهله لأنهم يسعون الى افشال مشروعكم "الاصلاحي!!"، وتبا لكل دماء الابرياء التي سالت على ارضك ياعراق.. فالمهم ان ينجح مشروع الرئيس!!..، والمهم ان يعود المجرمون فرحون آمنون الى قصورهم بما تريد ان تنعم عليهم "سيادتكم" من صكوك الغفران الموقعة من اسيادهم وتريد ان تلوث بها يديك الكريمتين..

سيدي الرئيس.. هل تعلم ان الرفاعي واصحابه هم من افتوا بقتال الجيش العراقي وقتل منتسبيه وطالبوا بسحبهم من مناطق الانبار والموصل وصلاح الدين الامر الذي ادى الى اندفاع اهالي تلك المناطق"بناءا" على تلك الفتاوى بقتل وحرق وصلب واصابة العشرات من ابناء جيشنا، ومهد الطريق لأخوة "داعش" للزحف على تلك المناطق.. سيدي الرئيس الموصل والانبار وصلاح الدين سقطت امنيا بفعل هؤلاء قبل ان تسقط بيد تنظيم "داعش".. وهل تدري سيدي الرئيس لماذا يختبئ هؤلاء في مناطق آمنة لهم بعيدة عن مدنهم؟؟..، بالتأكيد ليس خوفا من سطوة الحكومة.. انما خوفا من ابناء تلك المناطق الذين كشفوا اللعبة القذرة التي لعبها هؤلاء بدماء ابنائهم واعراضهم بل وبدماء شعبنا العراقي بما عرفناه عنهم وماخفي كان أعظم.. فهل تدري سيدي الرئيس مافعلوا.. وان كنت لاتدري فالمصيبة..!!!

سيدي الرئيس.. من يسمي نفسه بمفتي العراق ماهو الا مثل "عامل البيتزا" الذي اشرنا اليه اذ وضع المال في جيبه ومضى دون ان يلتفت وراءه.. فكما لايهتم ذلك العامل بخراب المصنع ولا بمديره لايعير الرفاعي وامثاله اهتماما لا بالعراق ولا بخرابه طالما المال القذر الملطخ بدماء ابناء شعبك سيادة الرئيس يملأ جيوبهم، وطالما هو وغيره في مكان آمن مستقر بعيدا عن شعب الخيام الذين افترشوا الارض والتحفوا بالسماء.. فهل سألته ياسيدي حين استقبلته لماذا لم يخف رجليه نحو سكان تلك الخيام ليقف على معاناتهم ان كان حقا يمثلهم كما يدعي، لكن هيهات له ان تطأ قدميه ارض الخيام المليئة بالالم والجوع والمعاناة.. وهل سألته ياسيدي لماذا لم يحمل سلاحا للدفاع عن ارضه وعرضه؟؟..، فكيف سمحت لنفسك سيدي الرئيس ان تضع يديك في يديه وانت يفترض بك انك تمثل كل العراق.. ألم تشعر بالارواح البريئة وهي تحلق حولك لتهمس في صمت متسائلة عن القصاص.. وما أدراك ما القصاص.. انه القادم على يدي ابناء هذا الشعب بسنته وشيعته وكورده وعربه وكل طوائفه وقومياته، وهم يسحقون بأقدامهم رؤوس كل من سولت له العبث بناموس العراق..

سيدي الرئيس.. عد الى قمقمك الرئاسي بصمت واهتم بشؤونك وشؤون المقربين منك كما كنت تفعل وكما ستفعل، واشكر هذا الشعب المسكين لأنه مازال صابرا محتسبا، واترك ابناءه يشيعون موتاهم بمنأى عنكم، ويداوون جراحهم، واحذر اذا رفع المظلوم يده بالدعاء فهناك من يسمع النداء..
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جليل ابراهيم المندلاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/03/11



كتابة تعليق لموضوع : ماهكذا تورد الابل ياسيادة الرئيس..!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net