صفحة الكاتب : باسل عباس خضير

حقائق وغرائب وتغييرات تتعلق بتحسين لعبة الدولار في العراق
باسل عباس خضير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


من المعروف للجميع , ان العملة الرسمية في العراق هي الدينار , ولكن واقع الحال يشير ان تلك أكذوبة كبيرة لان كل شيء مقوم بسعر الدولار , والسبب بسيط جدا وهو ان اغلب ما يعتمد عليه الشعب من السلع لا يتم انتاجه في الداخل وإنما يتم استيراده من الخارج بالدولار , كما ان اغلب ايرادات العراق هي من الصادرات النفطية التي تقبض اقيامها بالدولار , وهذه الميزة ( السائدة ) شجعت الدول التي نستورد منها على بيع سلعها لتجارنا بأسعار منخفضة , لا حبا بالعراقيين وإنما للحصول على الدولار من العراق بطرق رسمية لا تشوبها شائبة , ولذلك فليس غريبا ان تجد اسعار السلع في العراق اقل من أسعارها في أسواق الدول التي نستورد منها رغم وجود نفقات تتعلق بالنقل والرسوم وإضافة ارباح للتجار , وبسبب هذه اللعبة ايضا فان الدول التي نستورد منها تحتفظ بكمية كبيرة من الكتلة النقدية العراقية , لأنها تعلم تمام العلم بأن الدينار العراقي مغطى بالعملات الاجنبية والذهب , مما يعني بأنها تمتلك جزءا من تلك العملات حتى وان تعاملت بالدينار لان الدينار العراقي من السهولة تحويله الى الدولار .
ومنذ أكثر من عشر سنوات عشنا واقعا فرضه علينا البنك المركزي العراق , تحت غطاء المحافظة على اسعار صرف الدينار العراقي وحماية المواطن من تقلبات الاسعار وتوفير احتياجات الشعب من الدولار , فقد أوجد هذا البنك مزادات بيع الدولار التي تمتد لخمسة ايام في الاسبوع , والتي بيعت من خلالها مئات المليارات من الدولارات , والبعض من هذه العملات الصعبة ذهبت بالتهريب وغسيل الاموال والبعض الآخر ذهب للتجار , وهي امور انكشف جزءا منها عند التحقيق في مبيعات البنك المركزي واستبدال ادارته , واليوم اشار محافظ المركزي العراقي السيد علي العلاق ، بوجود عمليات تهريب للعملة الصعبة إلى ألخارج , ولم يخفِ شكوكه في تورّط مصارف أهلية سبق أن قدمت مستندات مزوّرة لشراء الدولار من مزاد المركزي , وقد جاء هذا التصريح بعد ان ارتفع سعر صرف الدولار الى 1300 دينار , رغم ان سعر الصرف  في البنك المركزي 1168 دينار لكل دولار في مزاد يم الثلاثاء 10 / 3 / 2015 , بمعنى ان ربح الدولار الواحد هو 132 دينار وهذا الربح لا يأتي بعرق الجبين او من المخاطرة  وإنما من خلال مبادلة أوراق بأوراق .
وكرد فعل على هذه ( المهزلة ) في تبديد الثروات و ( تسمين ) الاغنياء , فقد قامت اللجنة المالية في مجلس الوزراء بإضافة المادة 50 في مشروع قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2015 , والتي تتضمن تحديد مبيعات البنك المركزي العاقي بما لا يزيد عن 75 مليون دولار يوميا ووضع ضوابط لهذه المبيعات , وقد سعى من يعنيهم الامر ممن يتحكمون بأسعار الصرف الى اخفاء الدولار من الاسواق , رغم ان هذه المادة لم تطبق الا يوم 11 / 3 , مما رفع سعر صرف الدولار في الاسواق المحلية من 1200 الى  1300 دينار وبشكل الحق ضررا بالمواطنين لان كل السلع مقومة بالدولار , كوسيلة للضغط على الجهات المعنية للعودة الى السياسات السابقة في فتح مبيعات مزاد العملات على مصاريعها , وهو ما الجأ مجلس الوزراء في جلسته العاشرة يوم الثلاثاء الماضي باتخاذ قرار للطعن في المادة 50 من قانون موازنة 2015 , وقد سوغ هذا القرار لسببين اولهما انها اضيفت من مجلس النواب من دون علم الحكومة , والثاني ان هذا التحديد يناقض قانون البنك المركزي العراقي الذي اخترعه السفير الامريكي بول بريمر المعروف بأجنداته المهدمة لمستقبل العراق .
ومن المؤكد فان الحكومة ستكسب الطعن , وقد أعلن محافظ البنك ( بالوكالة ) عن سياساته القادمة التي تتضمن الشروع في اعتماد آليات جديدة ، أهمّها تقليص الاعتماد على نافذة مزاد بيع العملات  بهدف الحفاظ على إستقرار أسعار الصرف  وتعزيز قيمة الدينار ، وتأمين العملة الصعبة للسوق العراقية  وإتباع طريقة تدقيق مختلفة عن التي كانت سابقاً باعتماد طريقة الحوالات إلكترونياً , بدلاً من المستندات التي كانت تقدّم سابقاً من المصارف كوسيلة للمضاربة في الأسواق وجني الأرباح وإبعاد المصارف عن نشاطها الحقيقي , واتهم بعض الشركات غير المصرفية وحتى التجارية ورجال الأعمال  بالتحوّل من نشاطهم إلى المضاربة بالعملة ، مستفيدين من سهولة الإجراءات والربح المضمون والسريع ، كما اصبحت هذه الأطراف غطاءً لتسهيل كثير من العمليات المتعلقة بتهريب الأموال , واعدا بتوفير حاجة البلد من النقد لتغطية نفقات المسافرين والعلاج وغيرها , ولفت الى أن حجم الاحتياط الذي يملكه المصرف المركزي يتجاوز الكتلة النقدية بمرة ونصف مرة ، ما يتيح السيطرة على العملة  ولا توجد أية مخاوف من عملية بيع الدولار أمام الدينار .
وتعني هذه التصريحات بان اغلب ما اتبعه المركزي العراقي والذي بيعت من خلاله حوالي 400 مليار دولار كان خطئا وقد حان الوقت للتصحيح , ولا نعلم هل ان المبيعات السابقة ستمرر على طريقة عفا الله عن ما سلف , بنفس طريقة إهدار تريليون دولار من موازنات العراق للسنوات الماضية التي لم تحدث تنمية انفجارية او متواضعة على ارض الواقع , ام ان الامر سيخضع للتدقيق والتحقيق التي تتبع بها قاعدة خرج ولم يعد بخصوص التحقيقات في العراق , ومن يضمن بان السياسات الجديدة للمركزي العراقي ستكون افضل من سابقاتها بعد ان كانت ادارة المركزي تحوي اسماء لخبراء على درجة عالية من الكفاءة والنزاهة والاختصاص , فالقضية لا تتعلق بمسألة يمكن التغاظي عنها لأنها تخص اموال العراقيين التي تنفق وتتحول من الدينار الى الدولار وبالعكس بطريقة لم يفهم أسرارها المواطن العراقي , الذي كان ولا يزال أسير اسعار الصرف التي تفرضها مكاتب الصيرفة التي تتغير من النهار الى الليل , حيث لم تتاح فرصة حقيقية لمواطن ( إعتيادي ) في الحصول على دولار واحد بسعر صرف المركزي العراقي البالغ 1166 دينار , رغم ان هدف اتباع سياسة بيع الدولار في المزاد هو حماية المواطن من تقلبات الاسعار وتوفير احتياجاته من الدولار .
وبمناسبة الحديث عن المواطن , فانه غالبا ما يسال لماذا يتم بيع الدولار للتجار بالدينار لغرض تغطية استيراداتهم وحين يتم بيع السلع المستوردة للموزعين يكون بالدولار ؟ , ويعني ذلك بان هناك لعبة تتعلق بكيفية حصول التجار على الدينار رغم انهم لا يبيعون بالدينار ولا يتعاملون به الا لغرض الشراء من المزاد , ونعتقد بان سياسات البنك المركزي ( الجديدة ) يجب ان تركز على هذه المسألة , ومحاولة تقليل دور دكاكين الصيرفة التي تتحكم بأسعار الصرف , من خلال تحديد سعر ثابت لأسعار الصرف ولو لفترة محددة , كأن يكون السعر 1200 دينار لكل دولار , حالنا بذلك حال اغلب الدول التي لا تتغير فيها أسعار الصرف رغم انها اضعف اقتصاديا من العراق ومنها لبنان و الاردن على سبيل المثال , ولغرض دعم هذا المقترح فان من الممكن اتاحة الدولار للمواطنين من خلال دفع نسبة من رواتب الموظفين بالدولار , ومن الممكن ان تكون النسبة 10% من الرواتب , وبشكل يتيح لان يكون الدولار بحوزة المواطن ليكون المواطن جزءا من لعبة الدولار  وليس مكاتب المضاربة والمتاجرة والتهريب , التي غالبا ما تجعل المواطن الضحية من هذه ( اللعبة ) , ويمكن ان يستمر هذا الاجراء الى حين معالجة موضوع الفساد وحيتان الدولار والتخلص من سيطرة ( الدولرة ) على اقتصادنا الوطني .


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باسل عباس خضير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/03/14



كتابة تعليق لموضوع : حقائق وغرائب وتغييرات تتعلق بتحسين لعبة الدولار في العراق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net