صفحة الكاتب : محمد حسن ديناوي

مخلوف ينزع ورقة التوت عن النظام السوري
محمد حسن ديناوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تصريح رامي مخلوف لصحيفة نييورك تايمزالمتعلق باستقرار اسرائيل :
"إذا لم يكن هناك استقرار في سوريا فمن المستحيل أن يكون هناك استقرار في إسرائيل ."

أثار هذا التصريح  لرامي مخلوف والمتعلق باستقرار إسرائيل وأمنها ، ردود فعل واسعة بين وسائل الإعلام ، ولم يختلف التحليل الخارجي العربي عامة ، وتحليل المعارضة الداخلية والخارجية عن المقصود من وراء هذا التصريح ، فقد كان التصريح واضحا لا يحتمل التأويلات حتى عند الباطنيين !  وذلك بتوجيه رسالة واضحة إلى إسرائيل وحلفائها ، بأن النظام السوري بتركيبته الحالية هو النظام الذي يحفظ استقرارها وأمنها ويحرس حدودها ، وأن أي نظام آخرجديد يكون بديلا عنه لن يستطيع القيام بهذه المهمة ، بل سيشكل تهديدا لإستقرار اسرائيل وحدودها وأمن مواطنيها .
حقيقة أن رامي مخلوف لم يأت بجديد ولم يكشف مستورا لأحرار الشعب السوري ومثقفيه ، فهذا أمر يعلمه تماما جميع المعارضين والمحللين السياسيين وأبناء الشعب السوري، من مثقفيه وأحراره الذين يعرفون حقيقة النظام السوري وأجندته ويعرفون تضليل وأكاذيب الإعلام السوري ولا يصدقونه ز
   لقد تكلم مخلوف – المدير المالي لاستثمارات عائلة آل الأسد -  بصراحة بعيدا عن الدبلوماسية ، فالأوضاع في سورية في أزمة خانقة تهدد إسقاط النظام وإزالته ، ولا يتحمل الوضع المناورة  والمداورة ، ورامي مخلوف بالأصل ليس رجل سياسة بل هو رجل أعمال ، ويكون ابن خال الرئيس السوري بشار الأسد ، صنعته عائلة آل الأسد من الصفر المطلق ليقوم باستثمارات ثروتها التي سرقتها من أموال الشعب ومقدرات الوطن وثرواته ، وعلى رأسها واردات البترول ، التي لا تدخل الميزانية السورية ، وإنما هي خاصة بالعائلة الحاكمة من آل الأسد ، وهو الذي يقود مسيرة الفساد المالي والإداري داخل سورية ، فهو شريك إجباري بنسبة وبدون رأسمال لجميع الشركات الكبرى ورجال الأعمال في سورية ، وهو رجل سهل يسر في عالم التجارة و(البزنس ) لا يطالب بكشف حساب ، ولا يبعث لهم بمحاسبيه ومدققيه ، وإنما يحدد لأصحاب الشركات ورجال الأعمال النسبة المطلوبة من رأس المال المعتبر سنويا والتي قد تزيد عن قيمة الربح الحقيقي فعليا !  والكثير من رجال الأعمال الذين وفدوا إلى سورية من الخليج يعرفون تماما هذه الإتاوة ، ومن يقوم بها وأين يذهب ريعها ، وقد رفض كثير منهم الإستثمار في سورية – بعد الانفتاح الاقتصادي المزعوم – لهذا السبب .

وقد أقحم رامي مخلوف نفسه في هذه التصريحات من العيار الثقيل وتكلم باسم النظام الحاكم ، وإن كان أبناء الشعب السوري يفهمون ما يرمي إليه بتصريحاته الأخرى التي ذكر فيها بأننا  سنقاتل حتى النهاية ، فمن هم أولا ؟ ومن سيقاتلون حتى النهاية ؟ هل سيقاتلون الشعب السوري كاملا  بما فيهم العلويين ؟ ! 
إن كان هذا ما يعنيه فليعلم هو والنخبة الفاشلة والمتآمرة ( العصابة ) التي تكلم عنها بأنها قد وحدت مواقفها !  بأن نهايتها واضحة تماما لكل  مثقف وكل حر أبي يقرأها في محيطه ، من خلال الثورات التي سبقت أو تواكب هذه الثورة السورية الشعبية من كل أطياف الشعب ومكوناته وإثنياته ، والتي يقودها جيل الشباب المتعطش للحرية والكرامة ... والإنسانية التي افتقدها في ظل هذا النظام البائس .
   
لقد نزع مخلوف ورقة التوت الأخيرة عن هذا النظام المراوغ وكشف عورته الحقيقية ، فبرزت سوأته لجميع الناس ، وأسقطت أكذوبة المقاومة والممانعة التي كان يتاجر بها طيلة عقود عجاف ماضية .
لقد سبق هذه التصريحات لمخلوف غزل اسرائيل بنظام بشار حتى اعتبروا بشار ملكا لإسرائيل في أحد التقارير للصهاينة حول ما يحدث في سورية  بحسب صحيفة هارتس الإسرائيلية ، وأن حالة من القلق تسود إسرائيل جراء ما يحدث من انتفاضة وحراك شعبي في سورية ، وقالوا إنهم يصلون للرب  من أجل بقائه لأنه لم يطلق على إسرائيل رصاصة واحدة منذ عام 1973، وأن الجيل الذي ولد في اسرائيل يشعر بكامل الأمان من جهة الحدود السورية التي يحميها النظام السوري ويحرسها بكل أمانة ، وأشادوا بدور الأب حافظ بحماية حدود إسرائيل والذي ورّث الحكم لابنه بشار، فكان على نفس سياسة أبيه ونهجه من حراسة حدود اسرائيل وحمايتها بالرغم من التصريحات  المعادية لإسرائيل والتبجح بالمقاومة ، إلا أنها حقيقة ليست سوى شعارات فارغة وأصوات خافتة مكتومة ، لم ترق  إلى أدنى مستوى من التهديد الحقيقي على حدود الجولان التي بقيت هادئة طيلة فترة حكم الأب والابن .
 
 ولذا فقد فقد سمحوا من باب رد الجميل لقوات بشار الأسد ودباباته بالتوغل خلف المنطقة المحظورة لمحاصرة مدينة درعا وتطويقها ، كما سمحوا – وربما باتفاق وتنسيق مرتب – بزيادة أعداد الدبابات والقوات السورية المسموح بها بحسب اتفاقية فصل القوات ، والتي توغلت باتجاه الجولان لأول مرة منذ فصل القوات في عام 1974 .    
كما حاول نظام المقاومة والممانعة مغازلة العدو الصهيوني عن طريق الحاخام ( يوشياعو بنتو ) وذلك بدعوته لزيارة دمشق للصلاة في مقبرة اليهود على أجداده ، إثر حضور (الجعفري ) مندوب سورية في الأمم المتحدة حفلة زفاف إبنة رئيس اليهود الشرقيين في بروكلين .
وأخيرا يمكن أن نقرأ في تصريح مخلوف لنييورك تايمز ما يلي :
 
1 - إن من يحكم سورية والتي سماها مخلوف : ( نخبة ) ، ماهي في حقيقة الأمر سوى العصابة الحقيقية التي تحكم سورية ، بعيدا عن المسميات والألقاب من جيش ومجلس شعب وحكومة رسمية ، والتي لا تمت جميعها لهذه النخبة المزعومة ( العصابة ) من قريب أو بعيد .

2 – هذه العصابة مستعدة للقتال حتى نهايتها ، في رسالة واضحة لترويع الشعب السوري ، ولكن ما نسيه مخلوف أن نهاية هذه العصابة الحاكمة ستكون عاجلة أكثر مما يطن ، وعما قريب سيلتفت ليجد الميليشيلت التي جندها النظام ضد الوطن ، من عناصر الشبيحة وأمثالها من الميليشيات المرتزقة وغيرها ، قد تخلت عن النظام وتبرأت منه ومن جرائمه . 

3 – على اسرائيل واللوبي الصهيوني أن يتحرك مباشرة لدعم بشار، فعلا لا قولا ، وعملا حقيقيا لا كلاما ، فالتصريحات الإعلامية والرسائل المطمئنة وحدها لا تكفي .

4 – المقاومة والممانعة التي يتشدق بها النظام ماهي في حقيقتها سوى أكذوبة كبرى ، خدعوا بها كثيرا من أبناء الوطن الغيورين ردحا من الزمن  ، وأن حكم العصابة وسرقة أموال الشعب السوري وإذلاله وتهميشه هي الأساس وبيت القصيد خدمة لأعداء سورية .

والتساؤل الأخير : لو أن أحدا غير مخلوف من المعارضة  في الداخل أو الخارج ، قد دس أنفه وصرح مثل هذا التضريح ، ما عسى أن يكون مصيره من النظام ؟
ألن يتهم مباشرة بالتآمر على المقاومة ، والنيل من هيبة الدولة ، وتوهين عزيمة الأمة ، مدعوما بأجندة خارجية ، وعمالة لجميع قوى الشر والإمبريالية العالمية والموساد والمخابرات الأمريكية ، وأنه مندس متأمر ورئيس عصابة إرهابية ، وتوجه إليه تهمة قلب نظام الحكم والخيانة العظمى ، ثم يزج به في زنزانة لا يعلم أحد قراره ، وتتهم عائلته وقريته أو مدينته ومحافظته كاملا ، وكل من سمع به أوعرفه ، بالإشتراك في هذا المؤامرة الكبرى معه ! ! .

ولكننا نتعامل مع عصابة تخون المعارض الشريف والمثقف الحر والمواطن الأبي الذي انتفض لأجل كرامته ، وتبرر تصريحات العمالة والخيانة الوطنية ، لأنه  صاحبها من ( النخبة ) التي تحكم البلد ! .
17 (نيسان ) 2011


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد حسن ديناوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/22



كتابة تعليق لموضوع : مخلوف ينزع ورقة التوت عن النظام السوري
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net