صفحة الكاتب : احمد عبد الكريم الخطيب

المسيحيون ومفهوم المواطنة
احمد عبد الكريم الخطيب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
المواطنة هو شعور المواطن باهميته في الوطن لانه المكون الفرد الذي يؤسس عائلة وينتمي الى جماعة وتنخرط هذه الجماعة من ضمن جماعات اخرى لتكون نواة المجتمع,فالاصل اذا هو الفرد,وتكفل المواطنة نفس الحقوق والواجبات للجميع على حد سواء,ولكن عند غياب المواطنة ينعدم هذا الشعور بالطمئنينة في حياة كريمة والتي هي من حقوق المواطن على الدولة,وحينها يتحول المواطن الى مطالبا بحقوق بدون ادنى شعور بواجباته تجاه الوطن, ويكون التوازن معدوم بالاتجاهين,وتتحول الدولة الى مشاعات بالنسبة للمواطن ومغانم بالنسبة للمسؤول.
ويتحول القانون الى طريقة للضغط على المواطن الذي يسعى من اجل استحصال حقوقه المسلوبة فمثلا عندما يقدم طلب اي معاملة ما, وذلك ان يطلب منه الموظف هدية لاتمام معاملته, فينتشر الفساد ويحقد المواطن على الموظف بسبب حقه الضائع وهذا الشعور بالاهانة, ولكن الموظف تعلمها من مسؤوله, ومسؤوله اقتبسها من مديره, ومديره نسخها من وزيره, ووزيره افتى له بها حزبه الذي قدم اسمه بنظام قائم على المحاصصة في مجلس النواب, وان اعضاء الحزب هذا او ذاك,  والذين تسنموا مواقعهم تلك في مجلس النواب وفازوا بالكرسي البرلماني,  فهم قد فازوا به بواسطة هذا المواطن نفسه, الذي يقف بالطابور ليتم معاملته  باستعلاء الموظف عليه ثم طلب رشوة منه ليحس بالاهانتين معا,اهانة بسبب سوء التعامل واخرى لانه يجب ان يدفع رشوة من اجل حقوقه,هذه الحلقة القاتلة التي نعيشها  خلقت فجوة بين المواطن والدولة, ستؤدي بالنهاية الى ثورة ضد هذا النظام الطبقي القائم على ضعف المواطن وفقره وثراء المسؤول وقوته.
عند غياب شعور المواطنة وانها الثابت الذي نعود اليه كمرجعية تكفل المساوات للجميع ادى الى اعتبار المسيحيين كاقلية,فهذا المفهوم هو خطا لان المسيحيين هم جزء من هذا الشعب منذ الحضارات الاولى في بلاد الرافدين ولليوم, وان هذا الشعب واحد قبل المسيحية وقبل الاسلام وقبل اليهودية والصابئية... 
ونحن جميعا جزء من الكل وهذا الكل اسمه العراق,وان فقدان المواطنة جعل من المواطن يبحث عن بديل وهي مسالة بديهية فهو يبحث عن حماية ما,والمعروف في العلوم الاجتماعية ان عند وجود نظام قائم على حزب واحد وان كان هذا الحزب دكتاتوريا فان جميع مكونات المجتمع تدفع بدعم هذا الحزب,ولكن عند انهيار هذا النظام  فان جميع المكونات كل يعود الى اصله,وهي غريزة البقاء بكلا الحالتين,والامثلة على هذا كثيرة منها الاتحاد السوفيتي ويوغسلافيا,والمثال موصول في العراق.
حيث بعد ان اغتال النظام البائد جميع الافكار عدا تلك المتمثلة بحزب البعث,ماسحا جميع مقومات الشعب المتكون اصلا من جميع تلك الديانات والطوائف,وعندما سقط النظام بتلك الطريق المفاجئة حيث لم يكن هناك تهيا اجتماعي او مدني ليكون بديلا لهذا الفراغ الاجتماعي المفاجئ,ولانه حدث عن طريق قوة اجنبية محتلة,ادى لابعاد الاحزاب بداية واستئثار الحاكم الاميركي انذاك بقرارت كان ممكن تفادي كثير من الكوارث لوكان هناك تنسيق مع تلك الاحزاب العراقية لملء الفراغ السياسي المفاجئ.
بسبب هذا الفراغ المفاجئ بحث الشعب عن حماية وتلك الحماية قد وجدت انذاك عند بائع واحد المتمثل بمجلس الحكم قد اشتراها الشعب منه,ومجلس الحكم قام على نظام المحاصصة,والمحاصصة وفق الديانة والقومية والطائفة, لهذا السبب فقد تحول المسيحيون الى اقلية مقارنتا بالشيعة والاكراد والسنة وفق هذا التوزيع, ولكن عند وجود المواطنة وفق مجلس نواب متكون من احزاب لاتعتمد هذا التوزيع فان المسيحي سيجد انه جزء من كل وانه لايمثل اقلية بل هو يمثل الكل وان الكل بخدمة الوطن وان الحكومة بخدمة المواطن.
الوطن هو تلك الام الحنون المفقودة, والعراقي لايزال يبحث عن امه ووطنه او كلاهما,
 الم يقل السياب مخاطبا امه :
أحببت فيك عراق روحي أو حببتك أنت فيه
يا أنتما - مصباح روحي أنتما - و أتى المساء
و الليل أطبق ، فلتشعا في دجاه فلا أتيه
لو جئت في البلد الغريب إلى ما كمل اللقاء
الملتقى بك و العراق على يدي .. هو اللقاء 
شوق يخض دمي إليه ، كأن كل دمي اشتهاء
جوع إليه .. كجوع كل دم الغريق إلى الهواء 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد عبد الكريم الخطيب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/26



كتابة تعليق لموضوع : المسيحيون ومفهوم المواطنة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net