صفحة الكاتب : غسان الكاتب

الخروج من ريع النفط.. ام الغوص فيه!!
غسان الكاتب

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تتواجد فيها مصادر الدخل دون ان ينتج ذلك عن نشاط اقتصادي او ممارسة سوقية ، فان العراق يعتبر مثل صارخ ينطبق عليه هذا التعريف بحذافيره ، لان اقتصادنا يعتمد كليا على دخل لا يتم كسبه عن طريق الانتاج والعمل بل بالاستخراج.
والريع له نمطين :
1. الدخل المتحقق من موارد طبيعية كالثروات المعدنية والغابات والنفط ، وهو ما يسمى اصطلاحا بريع الموارد الطبيعية .
2. الدخل المتحقق عن ميزة ترتبط بموقع الدولة من حيث موانئها او تحكمها في طرق التجارة او لثقل عسكري ، اي ان لموقعها ميزة جيوسياسية ، وهو ما يطلق عليه اصطلاحا بالريع الاستراتيجي .
واذا كانت المشكلة خطيرة عند الدول التي لا يتوفر لديها اي من الموردين اعلاه؛ حيث تعتمد بالدرجة الاساس على الدعم الخارجي الذي غالبا ما يكون مشروطا ، فانها تعتبر اشد خطرا على الدول التي تعتمد ريع الموارد الطبيعية؛ لما له من تأثير على تحول مجتمعات هذه الدول من منتجة الى مجتمعات مستهلكة يغيب عن واقعها الاقتصادي تصنيع وانتاج احتياجاتها حتى الاساسية منها ، الى الدرجة التي نجد ان النفط ( سلعة ستراتيجية ) يتحول في هذه الدول والمجتمعات ومنها العراق؛ من نعمة الى نقمة تكبل الاقتصاد وتقصره على نوع واحد من الموارد قد يشح او ينفذ بحكم انه؛ في الاصل؛ مورد غير متجدد او تتعرض اسعاره الى هزات عنيفة كالتي جرت مؤخرا للنفط من هبوط في السوق العالمية تضرر منها كثيرا اقتصاد العراق واقوات العراقيين.
ويذهب البعض الى ان العائدات الضخمة للنفط قد تقوم بدور سلبي في حياة مجتمعات الدول الريعية والقرار السياسي والاقتصادي من خلال الاعتماد والاتكال عليها ، دون التفكير في البحث عن انظمة او بدائل انتاجية جديدة ، مع وجود استثناءات مثل دولة الامارات عامة ودبي بالذات التي لا يشكل النفط من مواردها الا ثلاثين بالمئة من الناتج الاجمالي للامارة . 
وعلى صعيد المشكلات الاقتصادية التي تفرزها سياسات الدولة الريعية ، فان بدايتها تقوم بالاعتماد على انظمة اقتصادية تميل نحو السلوك الاستهلاكي الغير منتج وانعدام التوزيع العادل للثروات الذي يؤدي الى ظهور امراض اقتصادية ينشأ عنها خلل اخلاقي واجتماعي ، ومثل هذا النوع من الاقتصاديات يعتبر بيئة خصبة لاستشراء الفساد المالي والاداري . وهذا ما نجده في العراق؛ والسبب هنا قد لا يتناول الجانب الاخلاقي للمجتمع بقدر تناوله لما يفرزه النظام الاقتصادي الريعي وما ينتج عن تطبيقه من آثار سلبية .
وبمقارنة بسيطة بين الدول التي تتبنى اقتصاديات منتجة والاقتصاد العراقي المعتمد على ريع النفط والمعادن ، يتبين الخلل الناجم عن ارتباط اداء الدولة العراقية بالميزانية وارتباط الاخيرة بمقدار ما يتاح لها من عائدات النفط تبعا لمعدلات الانتاج المحلي واسعاره المتقلبة في السوق العالمية ، مما يجعل الاداء الاقتصادي فاقدا لميزات عديدة ، منها :
الاستقرار والاندفاع نحو البحث عن وسائل جديدة للانتاج .
التحول الجدي نحو الاقتصاد الحر ، الناتج عن فعاليات ونتائج اقتصادية لا قرارات سياسية.
التفكير في المستقبل خصوصا بعد ان تنضب آبار النفط ، وهي التي تشكل بموارها اكثر من 95% من الدخل القومي .
هذه المشكلات بدأ يتلمسها صناع القرار والباحثين والمختصين متأخرين كردة فعل للهزة التي يتعرض لها الاقتصاد العراقي حاليا نتيجة انخفاض اسعار النفط عالميا ، فهل آن الأوان ايها السياسيين ان نقدم الاقتصادي على السياسي اولا؛ ونحدث توازنا مطلوبا في التفاعل بينهما ثانيا؛ ونترك الاقتصاد خالصا لاهله من كفاءات ومختصين يتمتعون بالنزاهة ثالثا. ام تستمرون في خلافات لا تفتر وقرارات اقتصادية ارتجالية غير مدروسة تزيد من آثار الريع السلبية وتغوص فيه ، وتخبط بلا حدود حتى ان سعر النفط في الموازنة ب 56 دولارا خلافا للواقع حيث كان حينه ب 48 دولارا للبرميل الواحد ، ودعوات لبيع احتياطي البلاد من النفط!!! ، فماذا بعد؟ والى اين تسيرون بنا؟؟ ان الشعب لم يجني اي خير.. رغم ما يتمتع به هذا البلد من خير.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


غسان الكاتب
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/04/20



كتابة تعليق لموضوع : الخروج من ريع النفط.. ام الغوص فيه!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net