صفحة الكاتب : حمزة علي البدري

اغتيال الحقيقة للمؤلف طالب الحسن وثيقة ناطقة بالحقائق
حمزة علي البدري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كثيرون هم الكتاب الذين كتبوا وأرخوا عن حقيقة وجوهر وأسرار ثورة 14 تموز وقيادتها المتناقضة بالرأي والفكر والممارسة والسلوك بين المرحومين الزعيم عبد الكريم قاسم والعقيد عبد السلام عارف .. وقد تناول الكثرة الكاثرة من المفكرين والباحثين والمؤرخين والكتاب هذه المرحلة التاريخية العظيمة وماطرا عليها ومنها من أحداث عميقة وأحاديث شتى ,  وان الغالبية الغالبة من تلك المؤلفات المتزاحمة تفتقر إلى الوثائق والشهادات والأسانيد الحقيقية الداعمة .. وان معظمها منطلق من وجهات نظر مشوبة بالخلل والخطل والتغرض .. وان سيل الكتب التي اختصت بثورة 14 تموز الخالدة لا تخلو من مغالطات وتلفيقات وأكاذيب وخلافات واختلافات مفضوحة ومكشوفة ... ولكنني عندما قرأت بدقة وإمعان وإتقان مؤلف الأستاذ ( طالب الحسن ) الموسوم ب ( اغتيال الحقيقية ) فهذا الكتاب الثري والغني بما يحتوي يجب أن يقرأ لأنه وبجدارة يرتكز على حقائق ثبوتية ناصعة , وعلى شواهد يقينية ساطعة , وعلى شهود عدل أمناء عاشوا تفاصيل تلك المرحلة بكل واقعية ومعاينة ومعايشة فعلية , وان الكتاب مشحون بحشد من المصادر الموثوقة والتي وصلت إلى ( 83 ) مصدر إضافة إلى انه انتهل معلوماته الصائبة من ( 12 ) مجلة و ( 14 ) جريدة  , وان هذا الكم الهائل من المراجع قد أعطى الكتاب قيمة استثنائية قيمة , ومنح القراء قناعة محسومة بمحتوياته التاريخية الدقيقة والمختارة بدقة ومهارة , إذ انه وضع النقاط على الحروف وأزاح صدا وغبار التشويش والتهويش عما جرى في عهد القائدين المرحومين .
إن السيد طالب الحسن قد وضع كل منهما في ميزان الحقيقة والتقييم ,  وأعطى لكل منهما حقه المستحق ,  وتشخيصه الدقيق بكل تجرد وحيادية وبكل الصدق والحقائق الخالية من كل غاية أو غرض شخصي ,  لان الكاتب مكبل ومقيد بقيود الحقيقية الذي لا يحيد ولا يميد عنها ,  فقد عبر عن حقيقة عبد السلام عارف بكل الواقعية ويشاطره الكثيرون بهذا التشخيص الصائب ,  فقد صدح بالحق والحقيقية عندما قال : ( أن عبد السلام عارف رجل غريب الأطوار ,  ويتميز بالاندفاع اللامحدود واللامحسوب وعدم الاتزان وان كلامه مملء والكثير من خطاباته فجة وتثير الضحك والسخرية وانه أناني يقدس ذاته , ونفسيته غارقة في الخداع والمناورة ) .
فقد أفصح وكشف حقيقة عبد السلام عارف اقرب المقربين له وهو الأستاذ عبد الكريم فرحان عضو المجلس الوطني ووزير الثقافة والإرشاد حيث حدد في كتاب استقالته في 23 / 6 / 1965  اثنتي عشر نقطة تدين السلبيات المرة والمخالفات المريرة والتجاوزات المتعمدة ,  كما أكد السيد عبد الكريم فرحان بان استقالته بسبب الأخطاء القاتلة في سياسة الحكم آنذاك , واكتشاف سياسة عارف القائمة على المناورات والمساومات والدسائس والمكر والخداع .
إن سلوك عبد السلام المستهجن والمدان من اقرب الناس له ومن خاصيته الخاصة كوزير الداخلية السيد صبحي عبد الحميد وقد كان هذا الرجل عضيدا ومساندا ومساعدا لعبد السلام في صراعه الظالم مع المرحوم عبد الكريم قاسم ,  وان السيد صبحي وصل به التذمر والاستياء من عارف لدرجة التي قدم فيها استقالته في يوم 3 / 6 / 1965 وشملت ثمان نقاط عرى وفضح وهتك وأدان الحكم العارفي الموغل بالطائفية والعشائرية والموغل في القتل والإجرام .. وان الممارسات الهمجية الطائفية الرعناء التي مارسها ببشاعة عبد السلام قد دفعت اخلص المقربين له إلى تقديم استقالاتهم الجماعية من حكومته المدانة وكان منهم فؤاد الركابي وزير شؤون البلدية ,  وعبد الستار علي الحسين وزير العدل ,  وعزيز الحافظ وزير الاقتصاد ,  وأديب الجادر وزير الصناعة .
والذي أريد قوله أن الكاتب قد نال أعجاب كل من قرأ كتابه لحياديته الواضحة ولامتلاكه مصداقية الإنصاف والابتعاد عن الإجحاف في التقييم , فالرجل لن يبخس حق الآخرين وعندما يدلي بقناعاته فانه لا يركز على السلبيات فحسب إنما يجاهر بأي ميزة جيدة  يمتاز بها من ينتقده ,  لذا فانه كان منصفا عندما أكد بان عبد السلام عارف كان يمتاز بالشجاعة والاقتحام وانه من الضباط الأحرار ومن قادة مفجري ثورة 14 تموز الكبرى .
إن كاتبنا الموضوعي المنصف طالب الحسن قد جسد بدقة وبلور بجدارة وعناية حقيقة المرحوم الزعيم عبد الكريم قاسم فانه أكد بالحقائق والقرائن والوقائع بأنه القائد الأول والمفجر الأوحد والمخطط المتفرد لثورة 14 تموز فانه قائدها ومفجرها الالمعي القوي , كما أن الكاتب قد اكدد بان الزعيم عبد الكريم قاسم قد تميز بمزايا عملاقة وساطعة سجلت اسمه المخلد في رياض التاريخ حيث نجد الكاتب قد قال :  عن الزعيم ( لم نر أي قائد عسكري لمع اسمه في أي من حروب فلسطين كما لمع اسم المقدم الركن آنذاك عبد الكريم قاسم الذي شارك مندفعا بحماس قل نظيره في الفعاليات العسكرية ضمن قاطعه وحقق انتصارات رائعة في الوقت الذي كان بإمكانه أن يرسل احد ضباط فوجه بدلا منه , ولكنه كان يأبى إلا أن يشارك بنفسه ويقود أي تشكيل عسكري مهما يكن صغيرا كما مر معنا .. ص 114 ) .
إن الكاتب واحد من زحام المنصفين الذين أنصفوا الزعيم عبد الكريم قاسم نصير الفقراء وخالق المعجزات وصانع مسلسل المنجزات والذي أرسى حجر الأساس لمشاريع عظمى ومنجزات كبرى ما تزال شامخة في رحاب الوجود , وان التاريخ يقف بإجلال وانحناء أمام هذا الرجل الفذ والبطل الأسطوري والزعيم المتميز الذي حقق للعراق ما يحلم به وينشده ,  ورحل إلى جوار ربه وهو نقي القلب , نظيف اليد , ساطع التاريخ , ولا أنسى قوله المخلد ( لقد فجرت الثورة ولم امتلك سوى هذه البدلة الخاكية , وسأرحل ولن امتلك سواها لأنني قد وهبت نفسي وروحي لأبناء شعبي الذي يستحق كل التضحية والفداء ) وبالفعل فان هذا الرجل لن يمتلك دارا أو رصيدا أو عقارات أو ممتلكات وهذا هو القائد الأوحد بحق وحقيق ولن تظهر عليه وضده أي شاردة أو واردة تسيء إلى سمعته السامية وتاريخه الأصيل .
إن كل من يقرا كتاب ( اغتيال الحقيقة لطالب الحسن ) يجده وثيقة ناصعة مشرقة بالحقائق فالكاتب قد أجهد نفسه بإظهار الوقائع بصورة جلية ,  وإبراز الحق المغيب , فشكرنا وامتنانا للأستاذ طالب الحسن الذي أتحفنا بهذا الكتاب القيم والذي يتموضع بقيمة تاريخية قيمة تستحق الإكبار والإعجاب والاعتزاز وكلنا ثقة بان هذا الكاتب المرموق سيتحفنا بمؤلفات نغترف من ينابيعها الثرة كل ما هو حقيقي ومشرق ووضاح .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حمزة علي البدري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/27



كتابة تعليق لموضوع : اغتيال الحقيقة للمؤلف طالب الحسن وثيقة ناطقة بالحقائق
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net