صفحة الكاتب : باقر العراقي

كاريزما بأربعة أبعاد، ونظرة إستراتيجية ثاقبة..!
باقر العراقي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 قد نُتهم أننا شعب لا يكرم عظماءه، إلا بعد حين، والسبب هو طبيعة الشخصية العراقية، التي عاشت تقلبات النشأة والظروف، بين البداوة والريف ثم الانتقال المفاجئ إلى أجواء المدنية، التي تحتم على الإنسان تدبير عيشه وسط هذه المتناقضات، كما يعبر عنها الدكتور علي الوردي في كتابة طبيعة المجتمع العراقي.
لكننا نختلف، ممن يجزم على تعميم هذه النظرية على كل طبقات المجتمع، فهناك عقل جمعي يسوق الناس نحو الشمال ونحو اليمين، مع مدح عظيم، أو قدح رجيم، وهناك المنصفون؛ الذين لو كان الهواء عند من لا يستحق الثناء، لما قالوا فيه كلمة مدحِ واحدة، وفي هذا المقال نريد تقليب أوراق شخصية عراقية، بعيدا عن اليمين والشمال.
 شخصية اقتصادية سياسية، ولد وفي فمه ملعقة السياسة الذهبية، وفكر الاقتصاد الصحيح، والمكانة الاجتماعية والدينية، فوالده وزير المعارف، السيد العطشان، أو من أعترض على بناء قصر الملك، حتى يواصل نهر الغراف جريانه، المستمر منذ آلاف السنين، ليوصل الماء إلى أهله، أحفاد مملكة سومر وأوما وجوخا.
شخصية ترتكز بثقلها على أربعة أبعاد، تميزه عن غيره، أولها البعد السياسي، فقد عاش طفولته في بيئة سياسية بحته، وتشبع بأدب الحوار والتعددية الحزبية أيام الحكم الملكي، تنقل فيها بين بغداد الولادة، والناصرية الأصل، جعلته سياسيا فاعلا معتدلا واقعيا مؤثرا، ومعارضا لكل الأنظمة المستبدة، بحيث كلفه ذلك سحب جوازه، وطرده من الوظيفة، ثم حكا غيابيا بالإعدام، فأخذ يجوب دول العالم منظرا وشارحا، معاناة ومأساة الشعب العراقي، في ظل الحكم الاستبدادي آنذاك، ساعده في ذلك حصوله على ماجستير علوم سياسية.
البعد الاجتماعي هو البعد الثاني، حيث كانت علاقته بأهله ومن حوله، يغلب عليها التعاطف والود المتبادل، فكان يعرف بتسامحه مع من حوله كثيرا، حتى أنه عندما عاد بعد سنوات غربه وهجره قسرية وقهرية، لم يتخذ أي إجراء ضد من ظلموه وظلموا أقاربه،  بالرغم من أن بعضهم يستغلون قصر والده، ويسكنون لحد الآن في أرضه في منطقة ال بوهاون في قضاء الرفاعي، له كتاب (مقاربات في الاجتماع السياسي والاقتصادي الإسلامي).
كونه من عائلة آل شبر الأسرة العلوية المعروفة، بالإضافة إلى التحاقه بالحركة الإسلامية، حيث أسس مع السيد الشهيد محمد باقر الحكيم، المجلس الإسلامي الأعلى، جعله يرتكز على البعد الديني، ويستخدم عقليته السياسية والاقتصادية، ليكون منظرا حول ما يستجد من أحداث، على الساحة السياسية، في معارضة النظام الديكتاتوري، فقد دُعي إلى أغلب المؤتمرات التي تعنى بالفكر الإسلامي المعاصر، وكان له قصب السبق في  تلك المؤتمرات، كتب عن (إشكالية الإسلام والحداثة)، والذي يعد من أهم ما كتب في هذا البعد.
يتحدث الفرنسية والانكليزية بطلاقة، ويملك شهادة أكاديمية عليا في الاقتصاد السياسي، من جامعة بواتيه الفرنسية، وضعته في مصافي كبار الاقتصاديين، وكانت له سند في أطاريحه الاقتصادية، ومفاوضاته مع نادي باريس الاقتصادي، والبنك الدولي لإطفاء ديون العراق، ونجح في جعل العراق يتخلص من أكثر من 80% من ديونه، له عدة كتب وأبحاث في الاقتصاد منها (الموسوعة الاقتصادية)، والبحث الموسوم بـ( الدولة الريعية حاجز أساس، أمام التنمية المستدامة)، هو رؤية واضحة، لتوظيف الموجودات للتخلص من تبعات الاعتماد على النفط.
هذه الشخصية الكبيرة، التي نجحت في المهام المناطة بها، تواصل عملها اليوم من أجل النجاح، لما تمتلكه من نظرة إستراتيجية واقعية للأمور، وكيفية معالجة الواقع بتحدياته وتهديداته وتحويلها إلى فرص، لكن هناك تفاصيل مملة ومتشعبة في العمل، وهي لا تقل خطورة عن غيرها، وكما يقولون أن الشيطان يكمن في التفاصيل.
الأبعاد الأربعة ليست وحدها، من جعلت له الكلمة الطولى، في كل تلك الساحات الواسعة والعريضة، تحليه بأخلاق الكبار، ونظرته الأبوية جعلت كثيرين يلتجئون إليه، فالوطن لديه هم كبير، تأتي بعده الهموم الأخرى، وما جعلنا نذكره، هو ادراكنا بأن العراق مصنع الرجال، وأننا قد نكرم عظماؤنا في حياتهم أيضا.   


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باقر العراقي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/04/29



كتابة تعليق لموضوع : كاريزما بأربعة أبعاد، ونظرة إستراتيجية ثاقبة..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net