صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

إنها بقرة ؟! بقرتان أقامتا الدنيا ولم تقعدها
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا أدري ما للبقر والدخول بأمور السياسية وتقرير مصائر الشعوب؟
في هذا العالم بقرتان واحدةٌ ظهرت فأشعلت الدنيا نارا لم يخمد لهيبها إلى يوم القيامة. الله يستر لو ظهرت البقرة الثانية ؟
لنأخذ البقرة الأولى لأنها أقدم في مخيلة بعض الشعوب المريضة. أنها بقرة اليهود (الحمراء) التي ينتظرون ظهورها كعلامة على بناء هيكلهم المزعوم ولذلك صوّروا هذه البقرة وهي تحمل الكرة الأرضية على قرنيها، وصورتها الحضارة الفرعونية على شكل امرأة على رأسها قرني بقرة تحمل الشمس، وتارة أخرى بقرة تحمل الشمس وسط قرنيها وهي الآن من اشهر دعايا الجبن.
ونظرا لأهمية هذه البقرة فقد استخدم اليهود في صلاتهم علامة الاصبعين المنفرجين في دعائهم الذي يطلبون فيه الفرج لهذا البقرة وهي التي اصبحت فيما بعد شارة النصر بالاصبع الاوسط والسبابة التي تكون على شكل سبعة أو السبابة والبنصر كما مبين بالصور المرفقة.والرقم سبعة الذي يرسمونه باصابعهم رافعينها للأعلى هو عدد مرات نضح دم (البقرة الحمراء) على خيمة الاجتماع التي هي مكان تأسيس الهيكل المزعوم. كما تذكر التوراة : سفر العدد 19: 4 ((وكلم الرب موسى وهارون قائلا:هذه فريضة الشريعة التي أمر بها الرب: كلم بني إسرائيل أن يأخذوا إليك بقرة حمراء صحيحة لا عيب فيها، فتعطونها لألعازار الكاهن، وتذبح قدامه. ويأخذ من دمها بإصبعه وينضح من دمها إلى جهة خيمة الاجتماع سبع مرات)).
البقرة هذه عند اليهود هي (البقرة ميلودي) ولكنها في الموروث الشعبي الإسلامي هي بقرة الفتنة التي سوف تخرج قبل المهدي وهي من علامات الساعة الصغرى حيث سيكون بولها (دهن) وفضلاتها (تمر) ولربما هي رمز لحضارة تفيض لبنا وعسلا اوتفيض خيرا لتخدع الناس. 
فهذه البقرة مرتبطة ارتباطا وثيقا بعلامات خروج المسيح الدجال قائد اليهود حيث يزعم اليهود أن هيكل سليمان موجود تحت المسجد الأقصى وهو مع البقرة دليل على امتلاكهم لهذه الأرض التي اغتصبها المسلمون منهم ويريدون إعادة بناء الهيكل من جديد رغم أن حفائرهم الأثرية منذ عشرات السنين لم تجد للهيكل أى أثر تحت المسجد الأقصى ، فتكتموا على الأمر خشية الفضيحة وضياع حلم إسرائيل بهذه الأرض. ولا يزالوا يصرون ويُكابرون ويُعاندون وفي كل يوم يخرجون لنا ببدعة جديدة.
فمن المعروف تاريخيا وتوراتيا أن بقرتهم الحمراء سوف تولد في فلسطين وعندما تولد هذه البقرة يأتي مسيحهم (الدجال) أو ما يُطلق عليه (المُسيّا العسكري) الذي سوف يذبحها على أعتاب الهيكل الجديد ليتطهر اليهود بدمائها قبل دخول الهيكل.ولكن خيبة الأمل الأخرى هي أن هذه البقرة ـــ حسب زعمهم ـــ ولدت في أمريكا في نيوجيرسي فهل هذا يعني أن أرض الميعاد هي (أمريكا)؟
موقع كيباه العبري اظهر اهتمام اليهود بهذه البقرة وعرضوا على صاحبها (هربرت سيلر) مبلغ (مليون) دولار لكي ينقلوها إلى فلسطين ليربطوها على اعتاب المسجد الأقصى ولكن صاحبها ابى ان يبيعها وقال بأنه يريد أن يتشرف بتسليم البقرة إلى (المسيّا) شخصيا لينال هذا الشرف حيث سيقوم المسيا بذبح هذه البقرة على اعتاب الهيكل ثم يقوم بجمع دمائها بحيث لا تسقط منه قطرة على الأرض ليقوم اليهود بغمس الاصبع في دمائها للتخلص من الخطايا وتطهيرهم من آثامهم، ثم تُحرق البقرة ويُذر رمادها على رؤوس اليهود في باحة الهيكل.
سيلر من جانبه قام ببناء سور كهربائي حول بقرته الحمراء خوفا عليها من السرقة ، وقد ذكرت الصحف ان وفدا يهوديا رفيعا من الحاخامات سوف يزور البقرة ليتأكد من خلوها من اي عيب. وهناك شائعات تقول بأن هذه المزرعة هي مختبر كبير تحت الأرض يقوم منذ سنين بمحاولة انتاج هذه البقرة وقد نجح إخيرا.
أما البقرة الثانية التي ظهرت قبل ألف وخمسمائة سنة وأشعلت الدنيا حروبا فهي البقرة التي وجدناها في كتب أهل السنة والجماعة هذه البقرة سببت ويلات ومصائب على هذه الامة المرحومة ولا زالت إلى هذا اليوم تتسبب في مآس مروّعة حيث يتخذها البعض ذريعة لقتل فئة من المسلمين وذبحهم تحت حجج ما انزل الله بها من سلطان. 
فمن هي هذه البقرة والعهدة على كتب أهل السنة .
يقول عبدالله بن مسلم بن قتيبة أبو محمد الدينوري ( متحدثاً عن الشيعة) في كتابه تأويل مختلف الحديث ج: 1 ص: 71 قولهم في قول الله عز وجل إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة أنها عائشة رضي الله عنها)).
وكذلك ورد في الإحكام لابن حزم ج: 3 ص: 302 والقول الصحيح ههنا هو أن الروافض إنما ضلت بتركها الظاهر واتباعها ما اتبع بكر ونظراؤه من التقليد والقول بالهوى بغير علم ولا هدى من الله عز وجل ولا سلطان ولا برهان فقال الروافض وإذ قال موسى لقومه إن لله يأمركم أن تذبحوا بقرة ، قالوا ليس هذا على ظاهره ولم يرد الله تعالى بقرة قط إنما هي عائشة رضي الله تعالى عنها.
و يقول محمد الأمين الشنقيطي في كتابه منهج و دراسات لآيات الأسماء و الصفات ، ج: 1 ص: 34 أما حمل اللفظ على غير ظاهره لا لدليل فهذا لا يسمى تأويلا في الاصطلاح بل يسمى لعبا لأنه تلاعب بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومن هذا تفسير غلاة الروافض قوله تعالى إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة البقرة قالوا : عائشة.
طبعا هذه الروايات يرويها اهل السنة ويتهمون الشيعة بانهم يقولون بذلك ، بينما مصادر الشيعة تخلو من ذلك ، فمثلا انهم يزعمون أن هذه التهمة موجودة في تفسير القمي ولكن بالرجوع إلى تفسير القمي وجدنا أنهم كذبوا على الله ورسوله حيث ان تفسير القمي يخلو من ذلك حيث رأينا تفسيره لهذه الاية : (( و إذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة الآية).(1) فوجدنا القمي ينقل عن الامام الصادق عليه السلام تفسير هذه الاية من دون اي ذكر لعائشة. فتبين أن ابن قتيبة الدينوري والشنقيطي وابن تيمية وابن حزم في كتابه الاحكام ، كلهم تعمدوا الكذب وبذلك فهم الذين قالوا بأن عائشة بقرة وليس الشيعة وهم بذلك أرادو ان يقنعو اتباعهم باكاذيبهم حتى يبتعدو عن مدرسة اهل البيت عليهم السلام.
ولكن الطريف في الأمر أن عائشة نفسها تروي حديث البقر ففي حديث صحيح السند (عائشه اتباعها بقر تنحر) كما ورد في المصنف : (( حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن مسروق عن عائشة قالت رأيتني على تل كأن حولي بقرا ينحرن فقال مسروق إن استطعت أن لا تكوني أنت هي فافعلي قال فابتليت بذلك رحمها الله)).(2) إذن من هذا الحديث الذي ورد بصيغة التأنيث فإن عائشة هي البقرة التي تُنحر وذلك لقول مسروق : إن استطعت أن لا تكوني أنت. فابتليت بذلك. 
والأغرب من ذلك أن أهل السنة والجماعة يروون في مصادرهم (3) بأن النبي في حجته ذبح جزورا (بعير) عنه وعن اهل بيته وكذلك فعل اصحابه منهم من ذبح شاة ومنهم من ذبح بعير، ولكن النبي (ص) استثنى (عائشة) حيث طلب بقرة وذبحها عنها ؟!! كما نرى ذلك واضحا في كتاب مرقاة المفاتيح (4) فإلى ماذا يريد أن يُشير رسول الله (ص)؟
 
المصادر . 
1- أنظر تفسير القمي ج1 : ص 49.تفسير سورة البقرة.لا وجود لما يزعمون.
2- المصنف في الأحاديث والآثار المؤلف : أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الكوفي الناشر : مكتبة الرشد – الرياض الطبعة الأولى ، 1409تحقيق : كمال يوسف الحوت عدد الأجزاء : 7 - (6 / 181) ح 30513 .
3- روى هذه الرواية مسلم في صحيحه وكذلك كتاب مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح كتاب المناسك باب الهدي تأليف علي بن سلطان محمد القاري عن دار الفكر سنة النشر: 1422هـ / 2002م قال : ذبح رسول الله (ص) عن عائشة يوم النحر بقرة . وقال : الإبل أفضل ولكنه فعل ذلك تمييزا لعائشة. 
4- مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح المؤلف: أبو الحسن المباركفوري

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/05/09



كتابة تعليق لموضوع : إنها بقرة ؟! بقرتان أقامتا الدنيا ولم تقعدها
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net