صفحة الكاتب : د . محمد ابو النواعير

الأنبار وسقوط الآمال الطائفية!
د . محمد ابو النواعير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
   مع تطور الأحداث السريع في المنطقة, وتذبذب الولاءات والمواقف بين الدول الإقليمية, وقف تنظيم داعش الإرهابي في منطقة وسط, مستغلا التجاذبات الإقليمية والدولية, ليعيد لنفسه الإستراتيجيات التي فقدها, في سلسلة المعارك الأخيرة في العراق وسوريا.
 
   قد ينظر كثير من المحللين، الى أن انسحاب الجيش العراقي من الرمادي مؤخرا, كعملية هروب مقصودة أو مدبرة, ولكن واقع الميدان العسكري يثبت خلاف ذلك, فداعش كتنظيم عسكري ارهابي, يستعين بالعقيدة والمذهب، من أجل خلق دافع وزخم, لمواصلة القتال عند أتباعه. هذه الإستمرارية لا يمكن للجيوش النظامية حسمها, إذ أن الإنتصار في المعركة، يحتاج الى قوة تحمل وعقيدة, بمقدار أكبر من حملها للسلاح, الذي يأتي بالدرجة الثانية, بينما العقيدة تمثل زخم الإستمرار الأول.
 
    تنازعت محافظة الأنبار، كثير من الإرادات الداخلية والإقليمية والدولية, وكان نتيجتها هو رفض كامل من قبل عدد كبير، من السياسيين وشيوخ العشائر الأنبارية, لقدوم قوات الحشد الشعبي، للوقوف بوجه التمدد الجغرافي لعصابات داعش؛ وقد تمترس فريق الممانعة بعدد كبير من الأسباب, جعلها ذريعة قوية لخلط الأوراق.
 
   حزمة الأهداف, التي كان يريد تحقيقها الفريق السني, قائم على عدة إعتبارات, أهمها هو محاولة خلق نوع من أنواع وحدة الهدف, أو وحدة المشروع, مع ما يسمى بالمشروع العربي، الهادف الى الوقوف بوجه التمدد الإيراني في المنطقة! مرددين شعارات غريبة، كرروها مرارا وتكرارا, وهي تبعية الشيعة في العراق لإيران! أو فقدان العراق لجانبه العروبي!
 
    إن إفلاس الخطاب السياسي السني في العراق, مع تقادم وتهالك مقولاته، التي كان يحشد بها لجمهوره, إضافة إلى إنكشاف الفضائح والجرائم، التي ورائها كثير من ساسة السنة, وبالمقابل وجود خطاب وحدوي عقلاني مطمئن للنفوس، لدى كثير من القوى السياسية والدينية الفاعلة في الجانب الشيعي, أسقط ورقة التحشيد للنضال ضد الشيعة الصفويين، التي كانوا يتمترسون خلفها!
 
   لقد قاموا بمحاولة تأجيج النار في الأنبار, في محاولة منهم لإستجداء المساعدة والتدخل، من أمريكا وحلفها الوهمي ضد داعش؛ ومع ان كثير من المحللين يختلفون حول هذه النقطة, إذ أن البعض يرى أن هذه الخطوة قام بها بعض سياسيي السنة, لإفساح المجال أمام عاصفة حزم ثانية، يقوم بها ما يسمى بالحلف السعودي, في تمثيلية تخليص العرب السنة في العراق، من داعش والحشد الشعبي معا, وبعضهم الآخر يرى بأن الهدف؛ كان محاولة مغازلة مشاعر الجمهوريين، المسيطرين على الكونغرس الأمريكي, والمؤيدين لنظرية التمدد الإيراني, والمعادين لأي دعم تقدمه ايران للعراق.
 
   فشل وإنهيار هذه الرهانات, جعل الأنبار في مهب الرياح الداعشية, وعجل بإنهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة, وبإنهيار المؤسسات الإجتماعية المتمثلة بالعشائر, حيث قامت عصابات داعش بإعدام مئات من أبناء العشائر, رجالا ونساءا وأطفالا, في محاولة منهم لإرسال رسالة إلى المؤسسة العشائرية في المحافظة, تنبههم بأن سلطتهم باتت معدومة!
 
    لم يكن للأنبار أن تمر بما مرت به، لولا التناحر الإعلامي السياسي التعبوي، الذي استعمله كلا الفريقين, لإيقاف صوت الحكمة والعقل؛ ولمعالجة بعض الأمراض، التي يمكن علاجها بالأدوية المتوفرة العراقية الصنع! ولو تم التعامل يوما مع مشروع (أنبارنا الصامدة) بالطريقة التي أريد لها, لما قدمنا ربع ما قدمناه من تضحيات, بالأرواح والأموال والأرض!
 
*ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالآيديولوجيات السياسية المعاصرة.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد ابو النواعير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/05/26



كتابة تعليق لموضوع : الأنبار وسقوط الآمال الطائفية!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net