صفحة الكاتب : محمد الحسن

غريب في الفلوجة..!
محمد الحسن

 حتى للإجرام حدود، فعندما يتعلق الأمر بالشرف تتحوّل الجريمة إلى هزيمة بشعة تعكس مرضاً خطيراً بالنفوس. في الفلوجة حدثت مجازر بشعة، بعضها روت تفاصيلها حكايات الجنود أو المارة الذين لا سبيل لهم سوى هذا الطريق؛ طريق الشر!..الحقيقة قدمها لنا أحد أبطال الارض بوضوح ودون أي حجاب أو تورية..الشهيد مصطفى، حكى حكايات ستبقى خالدة وشخّص المرض المستفحل في تلك البقعة المسرطنة بداء الإرهاب..
بعضهم يولد أكثر من مرة..
الشهيد مصطفى معروف في وسط محدود جداً، حاله حال الملايين، قدم نفسه كأحد أساطير حربنا المقدسة. لقد ولد مصطفى من جديد، وقدّم شهادات ميلاد عديدة؛ لنفسه ولإهله وللعراق المقاوم للغزاة. إنّ الشموخ الذي واجه به الشهيد الموت، هو شموخ العارف الذي ينتظر لنفسه مقاماً لا يصله إلا القلة، وقدم لشعبه بيان تفاهة وجبن وهزيمة القتلة، عندما واجههم بجراحه رافعاً رأسه وصامتاً ومتحدياً جميع من هتف أو صفق أو أعدم، بنظرات عز وشموخ أبدي.
عبرة وشهيد..
لقد تلثّم القاتل وسط إمارة غدره وحاضنة فجوره؛ وبقي مصطفى كاشفاً وجهه حتى اللحظة الأخيرة دون تردد، بل إن تعابير ذلك الوجه البطولي، تنم عن إحتقار وإزدراء للقتلة الذين بان إرتجافهم من ذلك الصمود. رفع مصطفى رأسه، بينما تطأطأت الرؤوس كلها تنظر لأقدامه المعطرة بأريج المعركة. إنّ الشهيد ألقى سلسلة من المحاضرات في البطولة، وكأنه يستنهض همم الجميع؛ أنا الجريح الأعزل أتحدى هؤلاء الأوباش!. وفاضت روحه الطاهرة بطريقة مشابهة لشهادة مسلم بن عقيل سفير الحسين.
فلوجة الهزيمة!..
فرق كبير بين القتل والقتال، فلا يقدر على القتال سوى الأبطال؛ إما القتل فهو ميزة الجبناء الغدرة، بالضبط كما حصل في الفلوجة..مصطفى أسقط الحجج والمبررات؛ عندما بحث بعينه عن شريفٍ في وسط ذلك الجمع ليطلعه على حقيقة الأمر، لكنه لم يجد للشرف أثر في تلك البقعة. إن الفلوجة خرجت من تاريخ العراق وشرعية الشرف الإنساني الذي يجعلها ترتبط بالرافدين وحضارته، لم يعد لساكنيها شرف الإنتماء؛ فهذه الأرض لا تقبل بمن يغدر. الفلوجة أثبتت هزيمتها عندما إحتفلت بجريح أعزل نفذت ذخيرته وهو يقاتل الغزاة، ولعمري لو غدروه خفية لما أتضحت هزيمتهم؛ غير أنّ إرادة السماء أربكتهم أمام بطل من أبطال الوغى.
ثمة حق أخير للفلوجة على العراق؛ فإن كان ولا بد أن تبقى ضمن الجسد العراقي، يجب إعادة ترميم نفوس سكانها وإدخالهم مصحّات نفسية، وتحويل مآذن السوء ومساجد الضرر إلى مدارس يبتغى منها إنتزاع حيوانية أهلها وإرجاعهم إلى الطبيعة البشرية..!

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/05/30



كتابة تعليق لموضوع : غريب في الفلوجة..!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net