مازلت لاأنسى كلمات قصيدة بيرم التونسي.. عطشان ياصبايا.. حلوة للغاية لكنها تتحدث عن عطش الروح والقلب للحب والعشق، بينما يتحول عطش بيرم اليوم الى حقيقة. فسدود أثيوبيا، ودولة الجنوب المسيحي في السودان، ودولة الشمال المسلم في السودان كلها لديها الحماسة الكافية لتغلق على سعر منخفض في بورصة الواصل من الماء الى مصر وهي بلد المصب التي عليها أن تتحمل الشح في الواصل من الماء، وأن ترتب الأوضاع على هذا الحال، وأن تتواصل مع الجيران لتخفيف الأعباء. فكلما مر زمان كلما كان الإحتياج الى المياه أكبر، وخاصة في بد مثل مصر غالب أرضه صحراء لاتنزل عليها غيوث السماء، ولاترى الغيوم إلا في نادر الأوقات.
في العراق يعاني الناس بالرغم من وجود نهري دجلة والفرات القادمين من تركيا والمارين بسوريا، وكالعادة تتوعد تركيا ببناء المزيد من السدود، بينما العراق بحاجة الى المياه فأرضه صالحة للزراعة، وشعبه ينمو بشكل مقلق، ولابد من موارد مائية متزايدة وليس من قدرة على فعل شئ يقنع الأتراك بالتراجع عن مشاريعهم الكبرى لإقامة السدود والنهضة بالواقع الصناعي والزراعي هناك.
لاتوجد خطط واضحة لدى الحكومة العراقية التي تعاني من الترهل والفشل والضياع بين الطوائف والقوميات والأطماع والفساد والحرب ضد الإرهاب وتلبية المتطلبات المتزايدة للناس الذين يبحثون عن العمل والتوظيف والطعام والماء وهي متطلبات ستزداد وتتصاعد خلال السنوات الماضية، وفي أجواء بيئية قاسية جدا تتطلب بذل الجهود المضاعفة لوضع إستراتيجيات عملية لترشيد الإستهلاك وتطوير قدرات ذاتية للتعامل مع الأزمة والضغط المتواصل على تركيا للتعاون أكثر في المرحلة المقبلة.
في هذا السياق نسمع كثيرا عن حكايات تتصدر وسائل الإعلام عن نية تنظيم داعش تفجير سد الموصل، وأخرى عن تفجير سد حديثة، وثالثة عن سد سامراء الذي أحبطت القوات الحكومية محاولة لتفجيره بواسطة زورق مفخخ، وربما سيعود زورق مماثل خلال الأيام المقبلة ليهدد السد، ورابعة عن سد الرمادي الذي يتحكم به داعش، وخامسة عن سد الفلوجة.
ولأن الأجواء في العراق تتغير من فصل لآخر، فتكون الحرب مرتبطة بنوع الأجواء ودرجات الحرارة، وفي الشتاء يمكن أن تهدد داعش بإطلاق كميات كبيرة من المياه لإغراق مناطق شاسعة من الوسط والجنوب حيث البرد والمطر والفوضى، بينما لايكون من حاجة للإطلاق في الصيف، بل يكون الحل بمنع المياه من التدفق الى الوسط والجنوب، وهو ماتتفاخر به داعش وأنصارها في بعض المناطق الذين بدأوا يروجون لفكرة قطع المياه عن أهل الجنوب ومحافظات الفرات الأوسط للضغط أكثر، وإضعاف تلك المناطق والمحافظات، فداعش وأنصارها الكثر يريدون تحويل الحرب من مواجهة مع الإرهاب الذي لايمثل أحدا الى حرب سنية شيعية وهذا مايثير المزيد من المخاوف بشأن إستراتيجية التنظيم المتطرف الذي لديه حزمة من التعاليم الدينية التي تتيح له إتخاذ التدابير التي يراها مناسبة وملائمة للضغط على الكفار والخارجين عن ملة الدين الحنيف.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat