تعزية المرجع السيستاني للنائب عبد الهادي الحكيم ... الخلفيات والنتائج
زين العابدين المالكي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

خَطَرَ في ذهني وانا اقرأ التعزية التي بعثها المرجع الاعلى السيد السيستاني ( دام ظله ) للنائب في البرلمان العراقي السيد عبد الهادي الحكيم والتي ذيلت باسم النجل الاكبر للمرجع سماحة السيد محمد رضا السيستاني، وهو قطب الرحى في كل ما يصدر من مكتب المرجعية العليا من مواقف وبيانات، لما يتمتع به من ميزات وخصائص علمية وغيرها لست بصددها ألآن .

ويخيل لي ان علاقة المرجع الأعلى بالنائب الحكيم يمكن وصفها بأنها علاقة الأستاذ بتلميذه ، حيث عكس بيان التعزية انها – اي العلاقة – ليست وليدة الساعة او اليوم ، خصوصا اذا ما أخذنا بنظر الاعتبار ندرة ما يصدر من بيانات شخصية من أمثال تعزية ومواساة من قبل المرجع الاعلى لغير المراجع أو الشخصيات الحوزوية الرفيعة فكيف إذا جاءت هذه المرة لسياسي يواصل عمله كنائب في مجلس النواب العراقي.

وجاءت مناسبة رحيل المغفور لها – والدة السيد النائب الحكيم – كمحطة كشفت كم كانت وطيدة هذه العلاقة بين المرجع والمرجعية ككيان، وبين الرجل كشخصية عراقية تمثل واجهة علمية وسياسية وبرلمانية حالية .

خاصة إذا عرفنا أن اتخاذ السيستاني وما زال موقفا سلبيا من السياسيين العراقيين ككل- باستثناء هذا الباحث والسياسي. ولي على ذلك شواهد ليست آخرها بيان التعزية الأخير .
وأود هنا ان استذكر النص الذي تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي أثناء المعركة الانتخابية التي سبقت انتخابات مجلس النواب العراقي سنة 2014م والذي وضّح مدى تأييد وتوثيق المرجعية لهذا المرشح في ذلك الوقت، حيث قطع النص الشك باليقين – وانا هنا اجزم انه صدر من مكتب المرجعية العليا – حول وثاقة الحكيم من قبل المرجع وأنه موضع ثقة المرجع الأعلى وهذا لا يتنافى مع – الوقوف على مسافة واحدة من القوائم المرشحة – كما بينه المرسوم المرجعي في وقتها ، والاستذكار هنا يدلل على ان محطة مهمة اخرى كشفت تلك العلاقة التي قد تكون غير واضحة المعالم لدى بعض المواطنين .

وهنا لا يفوت القارئ اللبيب ان فترة انتخابية لا يتعدى عمرها عقد ونيف من السنين لا يمكن ان تخلق هذا التبادل الموثوق بما يكنه المرجع الاعلى تجاه هذا الرجل ،

فقد سبق أن وثق المرجع الأعلى بخطه وتوقيعه ثلاثة كتب للنائب الحكيم تضمنت توضيح فتاوى المرجع الأعلى للناس تلك الكتب هي (الفتاوى الميسرة) و (الفقه للمغتربين) و (الميسر في الحج والعمرة) وهي مطروحة في الأسواق ويستطيع كل قاريء أن يقتنيها من المكتبات متى شاء.بما عد نقلة نوعية في فهم تبسيط الفقه والمسائل الشرعية بشكلها الميّسر والتي بفضلها اصبح الشاب العربي والشابة العربية يقرأ ويفهم ويعمل ما كان عصيا عليه من فهم كتب الفقه المعقدة واصطلاحاته التخصصية وخاصة تلك الواردة في كتب المرجع الأعلى وفتاواه، وبذلك فقد خَلَق السيد عبد الهادي الحكيم اللبنة الاولى للعلاقة بين القارئ و الكتاب، بين أحكام الفقه ومطبقها ، وبتعبير ادق بين المكلَف والمرجع الأعلى ، بين المقلِد والمقلَد ، وهو ما يحسب للكاتب فقد أحدث نقلة نوعية في كتابة الرسائل العملية أضافت عنصر التشويق للفقه وهي خطوة غير مسبوقة من قبل وربما تحتاج الى دراسة وتحليل.

ولعل من أهم المرشحات التي أفرزتها الوثاقة المتقدمة ان السيد المرجع الأعلى – حفظه الله تعالى – هو من اشار على السيد عبد الهادي الحكيم ان يدخل خضم انتخابات الجمعية الوطنية فلجنة كتابة الدستور ، وهذه من المسلمات التي يعرفها كل من عايش حراك تشكيل القائمة وقتها وتنفس مصاعب التأسيس الأول ، حتى إن بعض حضار مجلس المرجع الأعلى قد سمعوا ذلك منه مباشرة.
ويأتي استقبال المرجع الأعلى للنائب الحكيم بعد إغلاقة أبوابه أمام السياسيين كافة في السنوات الأربع الماضية ليشكل معلما بارزا لتلك الوثاقة، في توجه من المرجعية فسر ذلك الوقت بعدم الرضا منها على كبار السياسيين من الوزراء والنواب وغيرهم بعد عدم تنفيذهم لتوجيهاتها وطلباتها، الامر الذي يشكل علامة فارقة في العلاقة بين المرجع وهذا السياسي بما قد تتعدى الجو السياسي الى ابعد من ذلك، علاقة تتجاوز في تفسيرها المرحلة السابقة اذا ما اخذنا ان الابواب المرجعية المغلقة تبقى مغلقة بوجه ساسة العراق منذ إغلاقها تلك السنوات الا لشخص واحد هو النائب الحكيم .
ثم بعد رفع المرجعية العليا حظرها السابق على لقائها بالسياسيين في هذه الدورة الانتخابية وفتحها بابها فتحا محدودا لاستقبالهم، حيث لم يشمل رفع الحظر إلاّ الرئاسات الثلاث فقط : رئيس الجمهورية ، ورئيس الوزراء ، ورئيس مجلس النواب. بقي الباب مفتوحا أمام النائب الحكيم ليزور المرجع الأعلى ويستمع الى توجيهاته ونصائحه .

غير أن السلبية في شخصية هذا النائب كما أرى هو عدم ميله للظهور في وسائل الإعلام سواء التلفزيونية في نشرات الأخبار أو في اللقاءات المباشرة ، أم غيرها ، فهو لا يحب الشاشة الفضية ولا كاريزما وسائل الإعلام المرئية .
ورغم ذلك كله فقد تصدّر الصحف والمواقع الاعلامية العربية والمحلية ترشيح المرجعية للنائب عبد الهادي الحكيم في خضم مباحثات تشكيل الحكومة الحالية وقتها، وسواء صح الخبر أو لم يصح فإنها تعني على الأقل أن لهذا السياسي حظوة لم ينلها سياسي آخر عند المرجعية العليا منذ سقوط النظام البائد عام 2003 وللآن .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زين العابدين المالكي

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/06/18



كتابة تعليق لموضوع : تعزية المرجع السيستاني للنائب عبد الهادي الحكيم ... الخلفيات والنتائج
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net