صفحة الكاتب : عدي عدنان البلداوي

في ذكرى رحيل عميد المنبر الحسيني الدكتور الشيخ احمد الوائلي
عدي عدنان البلداوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هكذا اقتضت رحمة الله أن تبيت ليلتك الأخيرة في رحاب الحقيقة التي أمضيت العمر مرتحلاً وأنت تحدّث الناس عنها.. وهكذا أرادت مشيئة الله فينا أن لا تكتمل الفرحة إلا بدمعة.. ففي الوقت الذي كانت فيه أسماعنا تترقب صوتك يمرّ عبرها لتهتز أوتار الروح عازفة لحن النقاء بعد انقشاع الظلام, كان الحق قد اختارك لتجوب طرقات العراق صامتاً محمولاً ، والناس من حولك يهتفون مكبرين.. عين تبكي رحيلك ، وعين تبكي فرحة انتصار الحقيقة، ها أنت ذا اليوم في ارض الأئمة عليهم السلام، تحمل معك إنجازات عمر طويل، تحكي للأجيال عبر صوتك الذي أبى وهو ينطق الحقيقة أن يشيخ، قصة رجل جمع حوله العقول والقلوب ثم رحل ليترك النوافذ مشرعة صوب الحقيقة.. ها هو موكب من عشرات السنين بأيّامها تقف على قبرك محتشدة باكية مفتقدة إياك، بعد أن أقمت فيها صرحاً اجتماعياً نقياً، ومدرسة فكرية حرّة، فصارت تباهي الأيام بعدك بأنها حملت بوجودك وجهاً مشرقاً للتاريخ الإنساني، وها هي كنوز الأرض جاءت تغبط إرثك الذي تركت، فأي ارث ذلك الذي يكفي جميع الناس دون إن ينفذ، وأي صنعة قد احترفت..
هكذا تزامنت الأحداث لتحتضن ارض حرة كأرض الرافدين ، رجلاً حراً مثلك ، فأي قدر هذا الذي اختار صمتك في وقت كنّا تترقب فيه صوتك ، في مرحلة علت فيه اصوات الطائفيين ، بعد انقشاع ظلام العراق الطويل ..
اتراه قدرنا قد حال دون بقائك فينا .. أم انه زمن لا تسوده الحكمة قد فرض عليك الرحيل وعلينا الشقاء ..
يا سيدي ، ان (اليد المغلولة) التي كانت تنتظر رحيلك عنّا ، قد صنفتنا ( متسنن هذا وذا متشيع) ، وصرنا على السنة شركائنا في الدين والوطن نعرف بـ (حكومة الشيعة) ، وعلى السنة المنافقين بـ (حكومة الصفويين)..
والذين بذلت جهدك ليسمعوا ويروا الحقيقة ، أصرّوا على ان يبقى في (آذانهم وقراً) ..
اعلم انّك لا تنام هادئاً في عالمك الآخر ، لأن صوت الحقيقة الذي كان يملؤك وانت تتحدث الى الناس ، لا زال قريباً من مسامعك ، فالموت لا يذهب بآثارنا بل بأجسامنا .. لقد صنعت جيلاً ، لا يزال ينهل من انغام صوتك ما يلحّن به النفوس ، فتشدو العقول مؤلفة ملحمة الوعي الإيجابي .. ما زال صوتك يا سيدي ، ينبعث فينا ، ليس من حيث كنتَ ، أو من حيث رحلتَ ، بل من حيث حكيت ورويت ، فجيلك يصون تراثه عبر صوتك وكلماتك ومحاضراتك ، مورقاً في حاضره سلوكاً إسلامياً أخلاقياً إنسانياً ، يؤثر على نفسه وان كان له (حقٌ استبد به علينا) ..
نعم يا سيدي فـ (طيرنا لا يخدع) على الرغم من المفخخات الكثيرة ، وعلى الرغم من الاغتيالات العشوائية المقصودة ، وعلى الرغم من تدويل الجانب السلبي للإعلام الطائفي ، وقرع طبول الفتنة عبر عناوين كبيرة مثل - الدولة الإسلامية -  و – حقوق الإنسان- و – الشراكة في الوطن – و – المحاصصة – و – الشفافية - ، وعلى الرغم من الدعم العالمي الكبير لمشروع الاستعمار الثقافي والسياسي والاقتصادي لتغيير وجه البلاد ، واستعمال مصطلح التعددية لتفريق الناس ، ومصطلح الأقاليم لتقسيم البلاد ، ومصطلح حرية الرأي لتسويق الفوضى ، ومصطلح الحكومات المحلية وتنوع الرئاسات لإجهاض المركزية الشرعية .. على الرغم من تدفق أعداد كبيرة من جنسيات مختلفة جاءت تحمل شعارات قطع الرؤوس وإقامة الحدود ، وعلى الرغم من انهار الدم التي لازالت تجري من طف كربلاء الى يومنا هذا ، الا ان (طيرنا) يا سيدي لديه خبر منك عبر الأزمنة والأحداث جعله لا يخدع بكل هذا الطنين ، فحمل الينا من النجف الأشرف فتوى الجهاد الكفائي لمواجهة اعداء الله والانسان في سوح القتال..
لكن للحرب هذه المرّة مدى اوسع من قتل الإنسان .. انها حرب تطال الفكر والعقل والنفس في ميادين اعلامية يقودها دعاة تديّن وثقافة ، فليتك تدري يا سيدي ما احدث بعضهم بعدك ..
من كان يصدق انه سيأتي زمان يتطاول فيه بعض الأشخاص من معممين ومثقفين ،على طود وقامة مثلك.. زمانٌ لا تسوده حكمة ولا عقل .. فمنهج النقد البنّاء الذي اعتمدتَه بدل اللعن والشتم ، استعمله بعضهم ضدّك لتكون في حساباتهم خارج شيعيتهم التي يرونها صحيحة ضرورية .. 
ترى من سمح للفتنة ان تنام، لنلعن من يحاول ايقاظها ...؟
 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عدي عدنان البلداوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/07/07



كتابة تعليق لموضوع : في ذكرى رحيل عميد المنبر الحسيني الدكتور الشيخ احمد الوائلي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net