صفحة الكاتب : نزار حيدر

لصحيفةِ (البيّنة الجديدة) البغداديّة؛بالعنتريّات يقودون البلد الى المجهول
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   *فيما يلي؛ نص جواب السؤال الذي وجّهتهُ صحيفة (البيّنة الجديدة) البغدادية، للتّعليق على التصريحات غير المنضبطة للساسة العراقيين؛
   السؤال؛ السياسيّون ليس لهم خطاباً موحداً، على الرغم ممّا يُحيط بالعراق من ظرف استثناني؟.
   بصفتِك  سياسياً عراقياً عارفاً بخفايا الامور وما تحت الطّاولة، الى أين ذاهب العراق بالضبط؟.
   الجواب؛ بصراحة ووضوح، انهم يقودون البلد، بعنتريّاتهم الخاوية وبتصريحاتهم المنفلتة وغير المنضبطة، الى المجهول.
   فعلى مدى العقد المنصرم، ظلّ عددٌ من السياسيّين، خاصة رئيس مجلس الوزراء السابق، يفتعل الأزمات مع الشركاء ومع دول الجوار ومع المجتمع الدولي، حتى انتهى نصف العراق، تقريباً، تحت سيطرة الارهابييّن، ولستُ ادري ما اذا كان ينوي تسليم المتبقي لهم بعنترياته الجديدة التي ما قتلت ذبابة، على حد قول الشاعر؟.
   انّ المتتبّع لسياسات الحكومة الحالية يلحظ بشكل كبير المساعي الواسعة التي تبذلها من أجل تهدئة علاقات العراق المأزومة، سواء على الصعيد الوطني او الإقليمي او الدولي، والتي كانت قد تسبّبت بها سياسة صناعة الأزمات الذي تبناها السلف، الا ان بعض السياسييّن، والاخير على رأسهم، يحاول بتصريحات لا معنى لها، منفلتة وغير منضبطة وخارجة عن السياقات الدبلوماسية، تقويض هذه الجهود ربّما لصالح اجندات خارجية، لا ادري، او كدعاية انتخابية مبكرّة جداً، فالعراق اليوم يدفع ثمن أخطائه دماء ودموع وأيتام وأرامل واعراض تُنتهك وشرف يُستباح، فهل من مصلحته اثارة المشاكل على ايِّ صعيدٍ من الاصعدة الثلاثة، الوطنية والإقليمية والدولية؟ الا ينبغي عليه ان يوظّف التحالف الدولي الذي شكّلته واشنطن برغبةِ ودعوةِ بغداد، للقضاء في اسرع وقت على الارهابيّين الذين تمدّدت فقاعتهم بسبب عنتريّاته؟!.
   ولو كان صادقاً، فلماذا ظلَّ يلوذُ بصمتِ اهل القبور لم ينبس ببنت شفة عندما كان في السلطة؟! أوليسَ هو الذي سلّمَ (آل سعود) أخطر العناصر الإرهابيّة، فقط لإثبات حسن نواياه على حدّ قوله حينها؟!.
   لماذا لم يحرّك ساكناً ضد نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، عندما كان في السلطة وبيده كلّ المفاتيح وكلّ الخيارات؟ لماذا ظلّ يتستّر عليه وعلى جرائمه طيلة (٨) اعوام؟ على الرّغم من انّ الجميع يعرف جيّداً بانّ هذا النظام القبلي الهمجي الشمولي، هو سبب كلّ البلاء الذي حلّ بالعراق، ليس منذ سقوط الصنم في التاسع من نيسان عام ٢٠٠٣، وانّما منذ العام ١٩٨٠ عندما دعم نظام الطاغية الذليل صدام حسين ليستمرّ في حربه العبثيّة ضد الجارة الجمهورية الاسلامية في ايران، ومن ثم في العام ١٩٩١ عندما ضغط على الادارة الأميركية وقتها لتسمح له باستخدام الطيران ليقضي على انتفاضة الشعب الباسلة، وتالياً مساهمته في فرض الحصار القاسي والظالم على الشعب لمدة اكثر من عقد كامل؟!.
   هل يتصوّر بانّ العراقيين ينسون طريقته الفاشلة والبائسة في إدارة الصراعات المفتعلة مع كلّ الأطراف؟.
   هل نسيَ  كيف انه اثار زوبعة عنيفة ضد دمشق وصل صداها الى انّه قدّم شكوى ضدّها لمجلس الأمن، ليُفاجأ العراقيون في اليوم التالي بطائرته تهبط في مطار دمشق الدولي ليلتقي زعماءها الذين أخذهم بالاحضان وتبادل معهم القبلات السّاخنة؟!.
   الا يتذّكر كيف انّه كان يسعى دائماً لجرّ مؤسسات الدولة الى أتون الأزمات المفتعلة، والتي يفجّرها مع ابواقه ومحازبيه فقط دون غيرهم حتى من السياسيين في ائتلافه؟!.
   هل نسيَ كيف كان يفجّر الأزمات بالعلن ثم يعمل على تهدئتها وحلّها سراً ليستفرد بقبض الثّمن؟!.
   ثم؛ أوليسَ هو الذي كان يشتكي من تصريحات السياسييّن، غير المنضبطة، كونهم لم يعودوا اليه ولم يلتزموا بالسياسات العامة التي ترسمها حكومته؟ فلماذا يفعل الشيء نفسه اليوم؟!.
   لقد رسمت الحكومة الخطوط العامّة للسياسات سواء على الصعيد الداخلي او الخارجي، ولذلك يجب على كلّ السياسييّن، وخاصة المسؤولين في مؤسسات الدولة، ان يلتزموا بها ويعبّروا عنها، او يلتزموا الصمت، فليس من حقِّ أحدٍ منهم ان يُدلي بتصريحاته خارج السياقات الرسميّة، على الأقل من اجل حفظ هيبة الدولة واحترام مكانتها الإقليمية والدولية، وعدم إرباك خططها.
   انه لا يعبّر بتصريحاته لا عن ائتلافه ولا عن حزبه، لانه مسؤول في الدولة، حتى اذا كان موقعه على هامش الهامش، لا يهشُّ ولا يبشُّ، ولكن، مع ذلك، ينبغي عليه ان يحترم الدولة فلا يعبّر بتصريحاته الا في إطار سياساتها تحديداً.
   لقد خرج بتصريحاته عن السياقات الدبلوماسية فأضرَّ بالدولة وتعارض حتى مع توجيهات المرجعية الدينية العليا التي دعت، يوم تشكيل الحكومة الجديدة العام الماضي، الى تهدئة الأزمات مع مختلف الأطراف الوطنية والإقليمية والدولية.
   انّ السياسة الخارجية لا يعبّر عنها الا احد اثنين، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، فما دخلهُ بها؟!.
   هل يظنّ انه لازال الاول؟ انسيَ انّه في موقع لا يسمح له بالتّعبير عن مثل هذه القضايا السياسية الحسّاسة التي تمسّ مصير العراق؟!.
   كلُّ هذا، اذا افترضنا جدلاً انّه جاء بشيء جديدٍ في تصريحه، امّا اذا تذكّرنا بأنّ ما قاله لم يعُد سوى صدى وتكرار وسرقة من فكرة كنتُ انا شخصياً قد دعوتُ اليها مرّات وكرّات خلال العقد الاخير، كان آخرها العام الماضي ضمن سلسلة مقالاتي المعنونة [سيد البيت الأبيض يتفقد عبيده (آل سعود)] والتي كتبتها كرسالةٍ وجّهتها الى الرئيس اوباما عندما زار الرياض، عندها فستسقط كلُّ اهميّةٍ معتبرةٍ ومفترضة لتصريحاتِه!.
   للمرّة الثانية، اتمنى على مجلس النواب العراقي ان يشّرع قانوناً يجرّم فيه التصريحات العشوائية وغير المنضبطة للسياسيين، خاصة التي تمسُّ سيادة الدولة وعلاقاتها الإقليمية والدولية، فالعراق هو البلد الوحيد الذي يشهد فوضى في التصريحات السياسية على لسان كلّ من هبّ ودبّ من السياسيّين والمسؤولين، وبلا حسابٍ او رقيبٍ او مساءلة، ولذلك فقدَ هيبتهُ، ولم يعُد احد يحترم تصريحات مسؤوليه لانهم يعرفون بأنّها لا تعبّر الا عن راي المتحدث فقط، وأحياناً لا تعبّر حتى عن رايه، فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا!.
   بعضُ السّياسييّن يجب ان يعرفوا بأنّهم أوراق محروقة، ليقفوا عند حدّهم ويعرفوا وزنهم، فلا يهرّجوا!.
   لو كانوا قد حوكموا على فشلِهم، لما اصرّوا عليه!.
   انّهم يقودون العراق، بهذه الفوضى السياسيّة، الى المجهول، كالسّفيه الذي يُرِيدُ ان ينفعكَ فيضرّكَ!.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/07/27



كتابة تعليق لموضوع : لصحيفةِ (البيّنة الجديدة) البغداديّة؛بالعنتريّات يقودون البلد الى المجهول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : ابو زهراء العبادي ، في 2015/07/28 .

السلام عليكم .
استاذ نزار ..في احد اللقاءات التي جمعت سفير دولة الكويت مع مسؤول في وزارة الخارجية العراقية .حول بعض التصريحات لمسؤولين عراقيين وبرلمانيين اتهمت الكويت بالتعدي على حدودنا في البصرة .فقال السفير الكويتي مانصه .نحن نفهم جيدا المتغيرات السياسية في العراق ونعلم جيدا ان تلك التصريحات لاتمثل راي الحكومة المركزية .وانها تدخل في اجواء الحرية السائدة في العراق ،العراق بلد مؤسسات تحكمه المؤسسة الحكومية وليس الاشخاص .والضجة حول تصريحات سياسي عراقي تخضع للمزايدات الاعلامية الغير مبررة .وهي لاتمثل رٱي حكومة العراق .فكل بلدان العالم المتحضر .يحدث بها تباين في اراء السياسين وذو الشان .وخير مثال على ذلك اتفاق الملف النووي الايراني .والتصريحات المتشنجة والمهدده له من قبل اعضاء في مجلس الشيوخ والكونغرس ووصل الى حد التهديد بالغاءها .ولم يتاثر مشروع الاتفاق بتلك التصريحات بل انه مضا قدما في تنفيذ بنوده .ولم تعر الجمهورية الاسلامية اذنا لتلك التصريحات .ففي كل بلد ديمقراطي حرية التعبير عن الراي بصراحة وهو لايمثل حرج للسلطة .اما نحن في العراق فقد قامت الدنيا ولم تقعد من اجل تصريحات ضد السعودية .التي ماتكلم مسؤول فيها الى الان خيرا للعراق .فهم يحملون الشيعة وحكومتهم مااسموه مشاكل العراق بسبب سياسات الشيعة الطائفية ويبررون للارهاب افعاله .
والكثير الذي يعرفه الجميع من اعمال تلك السلطة .والغريب استشاض البعض غضب دون مبرر لكلام طالما قال مثله السعوديون واكثر من ذلك في كل مناسبة وغير مناسبة ضد العراق وشعبه ...
ام ان نوازع الحقد الاعمى اعمت بصيرة البعض وجعل شغله الشاغل احصاء انفاس الناس عليهم ..وكانه قيم على العراق وعلاقاته الخارجية ..نحن بلد مؤسسات وليس اشخاص .وكفى متاجرة بالاقلام ..وتمرير مقالات عباره عن حشو انشائي .
ثقافة التصادم لاتخلق شعب واعي .متسلح بالمعرفة .بل متكبل باغلال العاطفة واستغلالها من قبل البعض .نريد ان نوسع مساحة المعرفة ونرفع بعض حدودها توازي مانعيش من واقع .وليس ربط الناس في مشاكل نعلم ان حلها بيد الساسة انفسهم .
وما نقوله سوى طنين اذان ..اصم اسماعنا وان كان الغاية هي اسقاط هبل واحد .فاننا منحنا الحياة .لعشرات الاصنام تضل الناس .ومحاكاتنا للواقع تخضع للمزاج والمصلحة والسطحية .وتستهدف اشخاص ان رحلوا فسياتي غيرهم الف ..
حاكموا الجميع بانصاف .ليعلم جميعهم بان ثقافة العراقيين لاتميز بين احد ولاتميل لااحد حتى لايطمع الذي في قلبه مرض




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net