صفحة الكاتب : عبد الخالق الفلاح

واشنطن _ هافانا... ذوبان الجليد وعودة العلاقات
عبد الخالق الفلاح

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

زيارة وزير الخارجية الامريكية جون كيري الى كوبا يوم الجمعة ا 14 أغسطس/آب هي الأولى لوزير خارجية أمريكي منذ عام 1945. ولتشهد استكمال تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وقد تم فتح السفارة الامريكية في هافانا. يعني انتهاء أكثر من نصف قرن من العداوة الطويلة بين الولايات المتحدة وكوبا ، مع استعادة البلدين علاقاتهما الدبلوماسية بشكل كامل. وكانت ومضات عودة العلاقات بين الدولتين قد بدأت في ديسمبر/كانون الأول عام 2014 بعد أن أفرجت سلطات الكوبية عن المواطن الأمريكي ألان غروس الذي كانت تحتجزه، بدورها خففت واشنطن القيود التي سبق أن فرضتها على التجارة الثنائية مع كوبا كخطوة اولية متقابلة ،

و بعد ان شهدة  لحظات تاريخية مع اقتراب الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" ونظيره الكوبي "راؤول كاسترو" من صنع السلام، وبعد مصافحة أنست الجميع الماضي السيء والشتائم المتبادلة والمواجهات التي خاضها الساسة في السنوات السابقة والتي تمتد الى اكثر من 70 عاماً

الحدث الأبرزهذا العام  لأمريكا اللاتينية هو تطبيع العلاقات بين هذين البلدين ، بعد ان تمكنا الطرفان  من إحراز تقدم نحو حل العديد من القضايا التي تهم البلدين، من الذي تم في المباحثات بين الدولتين يظهر أنه من الممكن إيجاد حل للعديد من المشكلات، و يمكن العيش معًا بطريقة متحضرة على الرغم من الخلافات.وبوسع البلدين أن يكوّنا صداقة قوية، وهو ما يجعلهم شعوبهم سعداء، ولكن الخشية أن تحاول الحكومة الأمريكية السيطرة على البلد و عزل كوبا عن فنزويلا وروسيا والصين وثم تغيير النظام السياسي في الجزيرة



الانفتاح مطلوب، ولكن يجب أن تظل حرية واستقلال كوبا الاهم.وهذا ما قد نوه عليه الرئيس الامريكي اوباما "تغيير المسار بشأن السياسة الخاصة بكوبا مع الحفاظ على التركيز على هدفنا الرئيسي بدعم تطلعات الشعب الكوبي من أجل الحرية .وبالمقابل  تتحدث كوبا عن ضرورة رفع جميع القيود المفروضة عليها كمقدمة لتطبيع العلاقات فعليا، كما تصر هافانا على دفع تعويضات للشعب الكوبي عن الخسائر التي تكبدها بسبب الحصار الاقتصادي الأمريكي، وقدر الخبراء الكوبيون حجم تلك التعويضات بأنه ينبغي أن يتجاوز 120 مليار دولار

ولكن على العموم ان المعطيات خلال 70 عاماً دفعت الولايات المتحدة لإدراك أهمية الحفاظ على نفوذها داخل كوبا بصورة تحول دون وصول أنظمة حاكمة معادية لها، أو ارتباط هافانا بقوى خارجية يمكن أن تشكل تهديدا للمصالح الأمريكية. هذه المسلمات تفسر الطريقة التي كانت من خلالها تتدخل واشنطن في كوبا لإقامة أنظمة حكم موالية لها. وكان من أبرز هذه الأنظمة نظام الرئيس فولجنسيو باتيستا الشهير بتحالفه مع الولايات المتحدة، والذي تمت الإطاحة به في عام 1959، ليتولي بعده فيدل كاسترو مقاليد السلطة، ومعه تدخل العلاقات الأمريكية- الكوبية مرحلة جديدة.

كان ميزان القوى يميل بدرجة ما لمصلحة الولايات المتحدة، فالاتحاد السوفيتي كان يفتقر إلى أسطول قاذفات طويلة المدى تستطيع أن تصل لأهداف بعيدة، في حين تمتلك الولايات المتحدة الخبرة العسكرية الكافية في القصف بعيد المدى. وخلال عقد الخمسينيات من القرن الماضي، كانت واشنطن تمتلك قوات جوية داخل أوروبا، والتي كانت بمنزلة تهديد للاتحاد السوفيتي. ووصول كاسترو–للسلطة في كوبا خلق مخزونا هائلا من التمايزات الأيديولوجية (يعني الافكار الشيوعية )، عززت الصراع الأمريكي- الكوبي، خاصة مع التحالف الذي تم بين النظام الكوبي والاتحاد السوفيتي (السابق)، والذي جعل كوبا محطة مهمة من محطات الحرب الباردة. في هذا الإطار، يطرح أزمة الصواريخ الكوبية للتدليل على الكيفية التي تداخلت من خلالها كوبا في معادلتها .في هذا الجو وجد الاتحاد السوفيتي في كوبا موضعاً استراتيجياً مهما يمكن الاستفادة منها عبره نشر الصواريخ، وتهديد الولايات المتحدة. بعد ان نجحت موسكو حينها تطوير صواريخ متوسطة المدى،

وكانت واشنطن تنظر الى  كوبا بموضع التهديد الاستراتيجي في المنطقة كونها بالأساس من مناطق النفوذ التقليدية لها. التقارب الحالي سيجلب على الأرجح تحولًا اقتصاديًا كبيرًا في هافانا، وحمل بالفعل التفاؤل والأمل للكثير من الكوبيين الذين يعانون منذ سنوات من وضع بلادهم الاقتصادي الصعب. ولكن هل ستبقى  أمريكا اللاتينية إذن قارة الحماس الثوري كما نعرفها ،كوبا بالفعل بنفس الوتيرة التي أملتها الحداثة على مدن الغرب، ولكنها في الوقت نفسه لم تتجمد في لحظة تاريخية بعينها مثل كوريا الشمالية، فالمجتمع الكوبي بطبيعة مفتوح ثقافيًا على غيره، والانقسامات الأيديولوجية تقل حدة منذ أكثر من عشر سنوات، لا سيما بعد سقوط الاتحاد السوفيتي. على سبيل المثال، تنتشر بشكل كبير في محطات الراديو الأمريكية، كما تُذاع مباريات البيسبول الأمريكية على التلفاز الكوبي، وتجري عروض لبيوت أزياء أمريكية شهيرة في شوارع هافانا .كماان إحدى العوامل الرئيسية التي تجذب السياح الغربيين إلى كوبا هي ثقافتها ونظامها وحياتها الأبسط مقارنة بزخم الحياة في المدن الكبرى في الغرب، الكُل في هافانا متفائل ويتحدث عن السياحة، والتي ستشهد صعودًا لا مثيل له إذا ما أرخت واشنطن قيود السفر لمواطنيها إلى كوبا، وهي خطوة بدت تلوح في الأفق إثر سماح واشنطن لبعض زيارات التبادل الشخصية، والتي أتاحت لقلة من المواطنين الأمريكيين السفر إلى كوبا مؤخرًا. والسياحة جزء من الانفتاح والتي لا يعتقد أن سيغيّر من طبيعة البلد وسحرها اللاتيني كما يعتقد البعض، ومن غير ممكن أن يغيّر الأمريكيون أو الأوربيون هكذا ببساطة من بلد ككوبا، فالدماء اللاتينية حامية صعبة الليونة.اثر هذا الاتفاق لتحسين العلاقات، خرجت المعارضة الكوبية الأكثر راديكالية في منفاها في الولايات المتحدة إلى الشوارع للاحتجاج، فتجمع اعداد  منهم في حديقة عامة في ميامي مع مجموعة من المعارضين الموجودين في المدينة واعتبرته خيانة للمعارضة الكوبية، على كل حال يعتبرالاقتصاديون ان كوبا بلد عذراء والفرص فيها غير محدودة والعمليات الاستثمارية فيها آمنة وكذلك يمكن اعتبار نظامها القانوني مناسب للاستثمار، امريكا حتما ستدخل السوق الكوبية بقوة استثمارية هائلة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الخالق الفلاح
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/08/15



كتابة تعليق لموضوع : واشنطن _ هافانا... ذوبان الجليد وعودة العلاقات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net