صفحة الكاتب : د . محمد ابو النواعير

ماذا لو لم نكن دولة نفطية !
د . محمد ابو النواعير

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تنازعت فكرة الاعتماد على النفط في اقتصاديات الدول المنتجة, فكرتان
رئيستان؛ الفكرة الأولى تذهب إلى أن الانخفاض السريع والحاد لأسعار
النفط, سيتسبب وبشكل شبه يقيني, إلى إنهيار الخطط الاقتصادية لتلك الدول,
والتي تعتمد على واردات النفط الأحفوري, وأكثر المتضررين من هذا الهبوط
القاسي لأسعار النفط, هي الدول العربية وعلى رأسها الدول الخليجية, والتي
تقوم بضخ ربع إنتاج العالم من النفط, حيث أنها ستخسر وحدها نحو مليار
دولار يوميا, ووصول سعر البرميل إلى مادون الـ 40$ دولارا سيتسبب لهذه
الدول بخسارة تقدر بـ 400 مليار دولار، مما سيعيق برامج الإنفاق الحكومي
في هذه الدول, وسيصعب عليها حل مشاكل البطالة, أو تطوير البنى التحتية.

   الفكرة الثانية تذهب إلى أن أسعار النفط, سوف لن تبقى في مستويات
الإنهيار التي عليها الآن, بحيث يعتقد البعض بأن بدائل الطاقة الموجودة-
وأهمها النفط الصخري الأمريكي- سوف تبدأ بالضعف والتراجع في إمكانيتها
التنافسية في أسواق الطاقة العالمية, على الرغم من المخاوف التي انتابت
البعض من طفرة النفط الصخري الأميركي، وتأثيره في النفط الاحفوري
واقتصاديات الدول المنتجة له، خصوصا دول منطقة الشرق الأوسط؛ ويعتقد هذا
الفريق بأن التطورات السياسية والاقتصادية, التي يشهدها العالم حاليا
تثبت أن منطقة الشرق الأوسط, لا تزال تلعب دورا محوريا في مستقبل النفط.

    تكمن المشكلة الحقيقية في العراق, بأن فكرة الاعتماد على الذهب
الأسود, هي فكرة مترسخة في أذهان الأغلب الأعم, بحيث قادت هذه الفكرة إلى
نوع من التراخي والكسل الإبداعي والإنتاجي, منسحبا على كل قطاعات الحياة
الإنتاجية- من حيث التأصيل الفكري لمفهوم إيجاد البدائل الاقتصادية, ومن
حيث المفهوم الواقعي والمادي- والذي يصر على التعامل مع فكرة انهيار
أسعار النفط, وضعف موازنة العراق, باستخفاف واضح, وتبلد تفكير عجيب!

   الكسل والتراخي –الفكري والإبداعي والضميري الوطني- والقناعات السلبية
بـ (عِظَم!) دور النفط العراقي في أساسيات اقتصاده, ليست هي الوحيدة التي
حطمت أي مشروع حقيقي لإيجاد البدائل الاقتصادية, بل أن الأوضاع الأمنية
والسياسية, وتحول أغلب الطبقة السياسية الحاكمة إلى أحجار على رقعة
الشطرنج الإقليمي والدولي, مع جهل وتكاسل عن وجود أي فكر إبداعي صناعي أو
تجاري أو سياحي, يمكنه الاعتماد على الثروات الطبيعية والبشرية
والتاريخية(السياحية) لهذا البلد؛ جعل من فكرة إيجاد البدائل الاقتصادية,
وتطوير البنى التحتية للاقتصاد العراقي, فكرة ليست فقط مستحيلة, بل حولها
إلى فكرة (لا وجود لها)! في ذهن الطبقات المؤثرة في المجتمع والدولة .

   ماذا لو كنا دولة غير نفطية؟

   ماذا لو كنا كدولة لا تملك النفط أبدا؟ كحال الكثير من الدول ذات
الاقتصاديات المتطورة, والتي لا تملك قطرة نفط واحدة في أراضيها.

   هل سنبقى على هذا الكسل؟ هل سنبقى ننتظر شبح الجوع والعوز  يعود مرة
أخرى ليطرق أبوابنا؟

فليفكر الكل– سياسيين, وقادة دينيين, وصناعيين, وتجار ورجال أعمال,
ومهنيين وحرفيين, وأساتذة أكاديميين وطلاب جامعيين, وآباء وأبناء وفقراء
وأغنياء- بأن زمن الكسل يجب أن ينتهي, وأن الكل يجب أن يفكر ببلد اسمه
العراق, لا يملك نقطة نفط واحدة! ومن هذه الفكرة يجب أن ينطلق الكل.

*ماجستير فكر سياسي أمريكي معاصر- باحث مهتم بالأيديولوجيات السياسية المعاصرة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد ابو النواعير
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/09/21



كتابة تعليق لموضوع : ماذا لو لم نكن دولة نفطية !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net