صفحة الكاتب : خالد محمد الجنابي

الشعارات لاتكافح الرشوة
خالد محمد الجنابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في كل يوم نسمع شعارات كثيرة تدعو لمكافحة الرشوة ، في كل زاوية من زوايا الدوائر الحكومية نشاهد ملصقات تشير الى مكافحة الرشوة ، تلك الملصقات مثبّت عليها رقم هاتف مكتوب عليه الخط الساخن ولااعلم من اين أتت له السخونة ، كذلك موجود في نفس الملصقات عنوان بريد الكتروني لغرض الابلاغ عن حالة الرشوة ان حدثت ، مؤتمرات وندوات كثيرة عقدت بهذا الخصوص ، كل تلك الامور لن تمثل غير كلام في الهواء لايسمن من جوع او يغني عن خوف ، واستمرت حالات الرشوة كما كانت قبل وضع الملصقات وتعالي الشعارات وتوالي المؤتمرات .
سادتي الافاضل : كل تلك ألأمور لاتساهم بمكافحة الرشوة مطلقا ، على سبيل المثال لو ان شخصا ما كان يراجع دائرة معينة وحدثت امامه حالة تعتبر من حالات الرشوة ، واراد ان يبلغ عنها من خلال الخط الساخن ، فأنه أما أن يتصل دون أن يرد عليه أحد وأما أن يتصل ويتوجب عليه اعطاء معلومات كاملة عن الشخص الذي اعطى الرشوة والذي استلمها ، يعني هل يقول لهم اخوان اريد ان ابلغ عنكم واحتاج معلومات كافية ، هل هذا كلام منطقي ، ونتيجة لهذا يعزف الكثير من المواطنين عن الابلاغ عن حالات الرشوة التي تقع امام انظارهم ، كذلك البريد الالكتروني يتوجب ان تذكر فيه معلومات تفصيلية عن الراشي والمرتشي .
مكافحة الرشوة تتم عن طريق وضع آليات بسيطة لسير عمل الدوائر الحكومية وان تكون تلك ألآليات واجبة التنفيذ من قبل كافة دوائر الدولة ، مكافحة الرشوة تتم عن طريق الغاء اساليب وضعت لغرض تعقيد المراجعة وجعل المواطن يعاني ألأمرين ، ماذا يعني أن لايسمح للمواطن من تعقيب معاملته بنفسه ؟ ماذا يعني ان يقوم المواطن الذي يروم الحصول على وثيقة دراسية بمراجعة مديرية التربية ذات العلاقة ومن ثم يذهب الى المدرسة وبعد ذلك يعود الى مديرية التربية لغرض تصديقها ، طبعا اذا كان المواطن يراجع تربية الكرخ الاولى فعليه تسليم معاملته الى افراد الحماية في الاستعلامات وبدورهم يدخلوها الى الموظف المختص لبيان الرأي أو تصديقها اذا كانت مستوفية الشروط ، لاحظو افراد الحماية ، ماعلاقة افراد الحماية بذلك ؟ هل يوجد حالة مماثلة لها في العالم ؟ وعند مراجعة دائرة بلدية البياع على سبيل المثال ، فأن المراجعة تتم عن طريق عدد من الشبابيك الصغيرة يتجمهر حولها عشرات المواطنين ، وبكل بساطة يقول لك الموظف المعني معاملتك في الشباك ألثاني ، أو قد يقول لك احضر في وقت آخر ، روتين قاتل ومقيت يجعل المواطن يتوسل من أجل اعطاء الرشوة كي ينجز معاملته ، فهل نتوقع منه ان يبلغ عنها ؟ أكيد لايبلغ ! للأسف الشديد هناك بعض الموظفين يتعمد عرقلة مراجعة المواطنين واذا تم الاستفسار منه عن السبب يقول للمواطن اذهب أين ماشئت ! واذا استمر النقاش ووصل لغاية مشادة كلامية فأن المواطن يهان من قبل زملاء الموظف الذين يعملون معه في الشعبة نفسها وقد يتعدى ألأمر الى تدخل افراد الحماية حينها يكون المواطن في وضع لايحسد عليه ويلعن اليوم الذي راجع فيه تلك الدائرة ، كل تلك ألأمور تحصل في أغلب دوائر الدولة وللأسف الشديد ان عددا كبيرا من المدراء العامين لايعلمون بها لأنهم ومنذ وصولهم الى دوائر يجلسون في غرفهم حتى نهاية الدوام واذا خرجوا منها فأنهم يخرجون والحماية المدججة بالسلاح تحيط بهم من كل جانب ، هل هكذا تدار الدوائر الخدمية ؟ انا تجولت كثيرا في اغلب دوائر الدولة قبل كتابة هذا المقال ، تجولت كثيرا لكني لن اشاهد ان المدير العام للدائرة الفلانية يتفقد دائرته ويستفسر من المواطنين عن المعوقات التي تحيل دون انجاز معاملاتهم ، لن اسمع ان الموظف الفلاني تمت محاسبته بسبب تأخيره انجاز معاملات عدد كبير من المراجعين ، لماذا لايسمح للمواطن بمتابعة وتمشية معاملته بنفسه وان يكون ذلك ألأمر ساريا على كافة دوائر الدولة بغض النظر عن الجهة السياسية التي ترتبط بها الدائرة ، قد يستغرب البعض من هذا الكلام ، لكن لاداعي للاستغراب فهذا هو واقع الحال في الدوائر الحكومية ، الدائرة س ترتط بالوزارة الفلانية والوزارة ترتبط بالكتلة الفلانية ، لذا فأن تعليماتها تختلف عن الدائرة ص ، التي ترتبط بوزارة من كتلة اخرى ، وخير مثال على ذلك ماحصل في الجامعة المستنصرية قبل فترة حين تواجد ثلاثة رؤوساء للجامعة في وقت واحد كل منهم يرتبط بكتلة معينة وكل منهم يقول انا رئيس الجامعة ، دون ألأخذ بنظر الاعتبار مستقبل الطلبة ، هل هناك مثيل لهذه الحالة في العالم ؟ المطلوب وضع تعليمات حازمة تسري على جميع الموظفين ، لأن الدوائر وجدت لخدمة المواطن وعلينا أن نبعدها كل البعد عن الصراعات والخلافات السياسية بشكل كامل ، المطلوب ترك المواطن يعقب معاملته بنفسه من اجل اختصار الوقت ومعرفة المرحلة التي وصلت اليها المعاملة ، المطلوب ان يترك باب المدير العام مفتوحا لتلقي شكاوى المواطنين ، لأن الشكاوى التي ترسل عبر البريد أو تسلم الى مكاتب الشكاوي غالبا ماتجد طريقها الى سلة المهملات ! المطلوب وضع سقف زمني لأنجاز المعاملات على أن يلتزم به الجميع ، المطلوب وضع سقف زمني لايتجاوز ساعات الدوام الرسمي للبريد الذي يتطلب اطلاع المدير العام شخصيا ، كي يتم انجاز العمل بشكل سريع ، تلك ألأمور هي التي تكافح الرشوة ، لأن المواطن في حال انجزت معاملته بشكل سريع وحسب ألأصول فأنه سوف لايدفع الرشوة مطلقا ، لكن اذا بقي الحال كما هو عليه ألآن فأن الرشوة ستزداد أكثر وأكثر ، ولايمكن لكل الشعارات الرنانة والخطوط الهاتفية الساخنة جدا من ان تكافح الرشوة مطلقا ، والله ولي التوفيق .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خالد محمد الجنابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/06/20



كتابة تعليق لموضوع : الشعارات لاتكافح الرشوة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net