فهلوة مهنية
أحمد عبد الحسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 نشرت وكالات الأنباء العالمية صورة لخماسيّ “السلام” : باراك، عبد الله، عباس، نتنياهو ومبارك. ظهر فيها مبارك متأخراً بكثير عن البقية متعباً يجرّ خطاه متخلفاً عن ركب زملائه، وقد بانت عليه علائم شيخوخة.

هذه الصورة كانت مادة لتعليقات صحفية غربية قرأتْ في الصورة تطابقاً بين شيخوخة مبارك وشيخوخة دور مصر في المنطقة، تعب مبارك دلالة على إنهاك مصر اقتصادياً، وتخلّف مبارك عن أقرانه تراجع للدور المصريّ وأهميته حتى في عملية السلام.
الصورة نفسها نشرتها جريدة الأهرام القاهرية لكنْ بمساعدة من الفوتوشوب، أصبح فيها مبارك متقدماً القادة الأربعة الآخرين، حادياً لركب السلام، مليئاً بالحيوية فكانتْ فضيحة بحقّ.
فضيحة الأهرام هذه التي أصبحت الآن بجلاجل على كلّ موقع، عنوان لما يمكن أن يأتي به الإعلام الموجّه من مهازل، فطوال سنوات كان الإعلام المصريّ يشتغل في تلك المنطقة التي تترتب فيها الحرفية العاليةُ والمهنية وفقاً لجوهر ديكتاتوريّ مؤداه عدم مسّ الأخ الأكبر، الحرفية والمهنية تتخذ هناك صفة الفهلوة، تماماً كالديموقراطية المزعومة التي تجري من تحتها حثيثاً، ببطء لكنْ بتنظيم دقيق، إعدادات توريث الحكم.
الفهلوة كانتْ تؤتي أكلها سابقاً أيام الهياج القوميّ الذي جعل من الإعلام المصريّ، بحقّ قليل مختلط بأباطيل كثيرة، واحة حرية في صحراء إعلام رسميّ مجدب، لا تصمد هذه الفهلوة كثيراً اليوم أمام الانكشاف الذي أتتْ به رحمة ثورة الاتصالات، فلم يعد التوجيه المقنّع الذي يحكم غالبية الإعلام المصريّ بقادر على بثّ إشاعات الحرية وإيرادها مورد المسلمات، ولم يعد اللغط المتكاثر حول المهنية كافياً لتثبيت صفة المهنية لدى إعلام يخاف من صورة موحية، فيضطر إلى فبركتها.
من بديهيات الإعلام أن الصورة الصحفية لا تكذب، فالكذب نبت اللغة، ويتخلل سياقات الكتابة، والتلفيق لا يأتي إلا في أداء كتابيّ يجمل القبيح هنا، أو يقبح الجمال هناك، لكن الفهلوة بلغتْ عند البعض مبلغاً عظيماً فعمدت إلى تصنيع “حقيقة” موجهة من خلال التلاعب بالصورة التي علمناها الكذب أخيراً.
جوهر الإعلام العربيّ جوهر توجيهيّ، ممالئ للسلطة ومتعلق بأذيالها، هذه المرة يأتينا مثال من أم الدنيا التي طالما شغلنا بها وبإعلامها بوصفه الأكثر مهنية. حيث المهنية نفسها ـ كررنا ذلك مراراً ـ شعار يمكن أن يستثمر على نحو ديكتاتوريّ بامتياز. 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


أحمد عبد الحسين

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/09/25



كتابة تعليق لموضوع : فهلوة مهنية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : علي حسين النجفي من : العراق ، بعنوان : مصر ..ام الدنيا وبلد المومياءات!! في 2010/09/25 .

مصر ..يصفونها بام الدنيا ولا ادري هل هي كذلك فعلا؟؟..لقد تحولت مصر منذ اعتلى عرشها قبل تسعة وعشرين عاما رئيسها حسني مبارك الى مشروع مملكة تحكمها سلالة ال مبارك الفرعونية الجديدة .فالرجل على الرغم من سنوات عمره الاحدى والثمانين لايزال متشبثا بالعرش الفرعوني الى اخر لحظة من عمره دون ان يضيع فرصة لتوريث ابنه جمال هذا العرش وكأن ((ام الدنيا)) ليس فيها من هو مؤهل لقيادتها غير هذا الفرعون وولي عهده المدلل..فهل سيشهد العالم بعد بضع سنين مومياءات جديدة الى جانب مومياءات فراعنتها السابقين تحمل اسم سلالة ال مبارك؟!!






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net