صفحة الكاتب : صادق غانم الاسدي

المعلم والوازع الديني
صادق غانم الاسدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ليس في العالم من هو اسمي واشرف من المعلم ولا أعظم واشرف واسمي من طلب المعرفة والتربية وعلينا أن نتلقى تلك الطلبات والبحث من المعلم , فالمعلم الأول في الوجود والعظيم هو الله سبحانه وتعالى الذي أدبنا وعلمنا وهيئنا من خلال كتابه العظيم , ثم أرسل أنبيائه ورسله وكانت من مهامهم الأولى هو تعليم البشر وإخراجهم من الظلالة إلى الهداية كما أنهم حلقة الوصل بين تعاليم الله وبين مايبدر من الإنسان من أفعال ومنهم من تلقى المهمة وارتقى بها وسط العذاب وتحت قلوب شديدة غليظة لأتعرف للحق والمعرفة وتوغل في المكابرة والعناد , ومع ذلك فقد نجح الرسل في تأدية الواجب المقدس الذي وقع على عاتقهم ,فأمير المؤمنين علي عليه السلام يقول ( من علمني حرفاً فقد صيرني عبداً) لم يقل هذا بحق أحدا سوى المعلم , التعليم يعتبر مسؤولية شرعية دينية وأخلاقية أكثر من أن تكون مسؤولية وطنية بسبب عمق الأمانة وجسامة واتساع المسؤولية كونها تشمل جميع شرائح المجتمع ويلعب فيها المعلم دوراً مهماً في إيصال الإشعاع الوهاج إلى أذهان الطلبة والارتقاء بمستوى عقولهم إلى المعرفة والحقيقة المجهولة وهنالك جملة من الحقائق على التدريسيين أن ينتبهوا لها لتحقيق عملية تربوية ناجحة ويمكن أن نقتطف ثمارها على المدى القريب أو البعيد حين ما تتخرج دفعات متواصلة من الطلبة , منها أن يراعي المدرس العدالة في الصف الدراسي وأن ينظر إلى جميع الطلبة بغض النظر عن مستوياتهم الاجتماعية وإن الجميع تحت سقف واحد وان يراعي الفروق الفردية دون تأنيب الطلبة الضعفاء بعبارات تبقى في ذاكرتهم ويستفز بها إثناء الفرصة من قبل بعض الطلبة ضعفاء النفوس , وللمدرس أيضا إن يراعي الدرجات التي حصل عليها الطلاب إثناء الامتحانات الشهرية واليومية ليكونوا متميزين وان لا يساوي في مساعدته لبعض الطلبة الضعفاء ما حصل عليه الطالب الساعي المجتهد لأنه سوف يسرق جهود بعض الطلبة المتميزين وان تكون رفع الدرجة قريبة للنجاح لابأس فيها وقد يراد منها هو أعطاء الأمل للطالب ووضعه في حالة بعيدة عن اليأس خوفا من ترك الدراسة , والعدل هو وضع الشيء بموضعه أو إعطاء كل ذي حقاً حقه  وحسب مايقدمه من جهد وعمل متواصل , وبهذا يكون المعلم أو المربي قد حقق شطراً شرعياً من المسؤولية التي انيطت له , ولا يختلف الأمر  حول الأخلاقيات الممييزة لبعض الطلبة على اعتبار إن التعليم ينظر إلى التربية كأساس في هذه العملية ,  ما فائدة العلم بدون أخلاق قد يؤذي العالم  المجتمع ويبتعد عن تقديم الخدمة ومساعدة الناس لأنه لايمتلك روح المساعدة والبساطة  من خلال مايتميز به من صفات رذيلة فستكون المنفعة شخصية والنتائج  تظهر سلبية على المجتمع , والإنسان غير المتعلم والمتربي فقد يكون تأثيره وحشي أو ربما يفوق الحيوانات الجارحة , ولولا العلم والأخلاق اللذين تلقيناهما من المعلم أو المربي لما كان هنالك أي فارق بيننا وبين الحيوانات , فكم إنسان تراه لايملك علماً ولا أخلاقاً تجده لايعقل أكثر من حيوان بل لعله أكثر وحشية من الحيوانات واشد فتكاً , فقيمة الإنسان بعلمه ومعرفته وتربيته , وللمعلم الدور الأكبر في فلترة هذه المجتمعات , رغم أن المسؤولية خطيرة وعظيمة وفي نفس الوقت لم تراعى فيها المجهود المبذول من قبل المعلم الصادق مع نفسه والمطيع لله لأنه في الصف لايحكمه ولايراه غير الله ومراقبة ضميره الحي , في الثلاثينيات من القرن الماضي قال احد المراجع في كتابه ( ليالي بيشاور ) مستشهداً بمعلم في المتوسطة الغربية ببعض ما قاله في مسألة تاريخية , وهذا دليل علمي وواقعي ما وصل اليه المعلم من مكانه مرموقة وحاضرة في وجود المجتمعات وعقول العلماء لتلك الفترة بحيث اعتمده المرجع كقول مؤثر وكلمة لها وزن وصدى في كل العصور , وقد تغيب المدرس عن إظهار دوره بسبب سياسة الحكومات السابقة والمجحفة  وعدم اعطائة الفرصة الكاملة ليأخذ موقعه الشريف في بناء عقل الإنسان وتهذيبه ورفده لبناء الحضارة التي هي من إبداعات العقل البشري , وظل المعلم أو المدرس تلاحقه سياسات وحكومات أمثال حكومة البعث التي جعلت منه أداة مطيعة في تنفيذ أجندة الحزب وتركه المسؤولية الشرعية كما غيّب دوره لقلة اهتمام  الدولة به بحيث أصبح المعلم يعمل من الصباح حتى الليل لسد عوز عائلته الأمر الذي ابتعد كثيرا عن البحث والاطلاع على حالة التطور في هذا الحقل للارتقاء إلى مستوى أفضل , إما اليوم فلا زال المعلم والمدرس  بحاجة ماسة إلى رعاية شديدة وتقديم العناية ومراعاة حقوقهم  المغيبة رغم ما تم أعطاؤه للمعلم والمدرس مؤخرا من تعديل في سلم الرواتب إلى بعض الأمور فإنها لاترتقي إلى حجم المسؤولية والمخاطرة , فأن بناء الأوطان يبدأ من التربية والمعلم هو الذي نذر حياته لتربيتنا واحترق كالشمعة ليضيء دربنا وينير اذهاننا فلنسعده بالقول والفعل والسيرة  ياحكومتنا الوطنية.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صادق غانم الاسدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/06/21



كتابة تعليق لموضوع : المعلم والوازع الديني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net