الميادين ! ساحاتٌ مُقاوِمَة
احمد البحراني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الحديث عن الميادين القناة ، ليس کالحديثِ عن أيِّ مشروعٍ اعلاميٍ عربيٍ آخر. فهي قدمت نموذجاً متقدماً ببحث قضايا الإنسان و مآلاته، و الغوص في فکره و عقيدته، و تناولت اهداف الأمَّة بآمالها و آلامها ، بتاريخها و حاضرها ومستقبلها.
أن تؤشِّر صوب الصحيح دون تردُّد و تشير الي الخطأ بجرأة ولاتخاف في قول الحق لومة لائم، امرٌ شبهُ مستحيل في مثل هذه الأيام ، لکنه واقعٌ عاشته الميادين فجسَّدته و واجهت من اجله تحديات هائلة.
رغم ذلك، وان خسرت في الظاهر، إلّا انها ربحت البواطن.
ربحت قلوباً و مشاعر.
منذ انطلاقتها -الميادين- لم تکن مُلکاً لأحد وماتزال، لم تتبع أيِّ بلد، لم تُنفِّذ سياسات فهد و حمد او الأسد ، لم تروج لآل الصباح يوماً ولا لعبد الفتاح، وقفت علي مسافة واحدة من الجميع کلَّما سمحت المهنية و سمح الضميرُ و الشرف.
من السلطان في عُمان الي جلالة الملك في عَمّان ؛ من اردوغان و سلمان ، الي ايران و لبنان . لکنها نعم -فَرَّقت- حينما اکتشفت بل کشفت زيف بعضهم و عَرَّت شناعة مخططاتهم و کارثية اهدافهم.
جميلاً عبَّر أحدهم أنَّ الميادين راية المقاومة ، أقول لا بل هي المقاومة بعينها.
و الأجمل، انك بُتَّ تسمع انغام معزوفتها کل مکان ، تلك المستوحاة من سيمفونية ليالي ساحات التحرير.
بلغة الموسيقي، هي انغامٌ طربيةٌ حزينةٌ ممزوجة بالأمل.. وبلغة الإعلام، هي صرخةٌ ظاهرها القوة و باطنها ألم .
ألمُ السياسة و قاذوراتها !.
الميادين، ثورةٌ في معادلات العلاقة بين وسائل الإعلام و المتلقّي ، فتغيير الرأي العام لصالح فکرةٍ او مشروعٍ في العادة، يتطلب جهداً مُضنياً و اموالاً طائلة توظفها عقول بشرية ذکية، و يتطلَّب سنين لابَل اجيال حينا.
مسيرة قلَّصتها الميادين بشکلٍ مذهلٍ رغم تواضع حجم تمويلها مقارنة بقنوات البترودولار. اختصرتها بفترة قياسية لاتتجاوز الثلاثة اعوام لأنها صاحبة قضية و ارادة و شرف.
الميادين اليوم ، رقمٌ صعبٌ تملکهُ الشعوب الثورية الحرة ، تلك المتعطشة لقلب الطاولة علي رؤوس حکامها .
هي في العراق و سوريا، قلب الجمهور النابض، و للأکثرية في لبنان و فلسطين و اليمن و البحرين، لسانُ حالٍ ناطق.
هذه مکانة الميادين رغم کل الأحجار التي وُضعت أمامها ، رغم التهديد و الترغيب و الوعيد . الميادين تسبحُ عکس التيار ، وربما هو السبب اصلاً في تميُّزها !.
و تميَّزت ايضاً لأنها واجهت مشروع التکفير و التطرف ، و لأنها دعت للوحدة و لوضع حدٍّ للشرخ الحاصل وما افرز من مصائب و محن ، تميَّزت لأنها غرَّدت خارج السرب العربي ومايحاك من فتن .
لکن ما اقلّ مياديننا العربية وما احوجنا لمزيدٍ منها ؟!.
2015-11-13
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
احمد البحراني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat