صفحة الكاتب : امل الياسري

مشهد أخير لعصر يوم أحمر
امل الياسري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ذاكرة كربلاء تنسج بطفها الأليم، خيوطاً ذهبية مطهرة، ترفض القراءة بصمت، فرغم أقنعة الظلام الأموية المزيفة، التي أرادت إسكات الحب الأكبر، في دم علي الأصغر (عبد الله الرضيع)، لدى السائرين على درب أبي الأحرار، لكن السهم المثلث المسموم، جعله ينام نوماً مقدساً، ونال بها شربة لن يظمأ بعدها، فأيتها الرباب: هلا إدخرت البكاء ليوم غد؟!
أسماء ملونة طاهرة، أحيط بها الألم من كل جانب، فماتت كمداً من شدة الغم والهم على أهل بيتها، الذي إنتزع بنو أمية دماءها الزكية، يوم العاشر من محرم الحرام، فلم تذق الرباب زوجة الإمام الحسين (عليه السلام)، وأم الرضيع طعماً للراحة يوماً أبدا، بل كانت حبيسة ألمها وعلى وليدها الرضيع، فالمشهد أكبر من أن تستوعبه! 
مشهد أخير لعصر يوم أحمر، أطبقت فيه الأفلاك والأملاك، لما حل بطفل لم يتجاوز ستة أشهر، وهو يواجه جبروت الحقد الأموي، ليدفن مع والده الإمام السبط الغريب، ونال العطش منهما، قبل سهام الغدر، والكفر، والضلالة، ولكن ما الذي يجعل الأم الثكلى، تدفن عواطفها وحنينها؟ والرؤوس أقمار شواهد على الرماح، يطوفون بها من بلد الى بلد!
 حزن مكتوم شديد، تغير لونه مع حلول الأربعين، فلا دواء لموضع ألم طفولة بريئة، لا ذنب لها إلا أنها طلبت شربة ماء ليرتوي، فباتت الرباب متحيرة، بين رقبة محزوز الوريد، لرضيعها الأصغر، وبين رأس ذي شيب خضيب، لجسد سليب، فكلاهما يعودان، لثكلى مهمومة، وأرملة محزونة على فقد الغوالي، من بيت النبوة، إنهما الزوج والإبن معاً!
في مدينة الطاغية يزيد، حيث كلابه السائبة، التي لا هدف لها إلا الإنتقاص من البيت العلوي، وبأي طريقة، لأن قرابين الحرية تنطق بالحق، حيثما ولوا وجوههم قبل المشرق والمغرب، فترى إشتغال الرؤوس بتلاوة القرآن، وقراءة الحديث الشريف، أما الفاسقين فإن سياطهم، لا تعرف إلا ظهور النساء محلاً لها، بيد أنهن يفكرنَ في فراقهن عن الأحبة! 
هناك نساء تستبشر بالحزن خيراً، ومنهن الرباب، لأنها أيقنت موعد رحيلها، الى عالم وليدها الرضيع، الذي إشتاقت له الروح والنفس، حينها ستضع النقاط على الحروف، وتملأ عطشه من حليبها الدر النقي، وكأن الحوار بات بين جرحين، تمتزج فيه مشاعر العاطفة، مع ظهيرة حارقة بوادي الطف، عند رجوعهن من الشام، وهي تقول: لهذا اليوم إدخرت بكائي!   

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


امل الياسري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/11/20



كتابة تعليق لموضوع : مشهد أخير لعصر يوم أحمر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net