صفحة الكاتب : رضي فاهم الكندي

سننُ التخريفِ و قسريَّةُ القدر ....... عراقٌ بين محنتين
رضي فاهم الكندي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
       للتأريخ أهميةٌ في صناعة الانسان وعلامةٌ فارقةٌ في تحديد مصير الشعوب ورسم ملامح الخط البياني في بنائها الحضاري ؛ إذ هو إما ماضٍ مشرقٌ سطّرت أمجادَهُ مواقفُ الانسانيةِ هناك , أو تحللٌ من قيمِ التحضرِ ملأ صحفًا من الظلمِ والجهل كبَّلت عقولَ التحررِ بأصفاد العنجهيّةِ وحبِّ الدنيا .
    ولئن كانت حتميّةُ هذا التأريخ بشقّيهِ المشرقِ والمظلمِ ألقتْ بضِلالها على مستوى تفكيرنا شئنا أم أبينا دونما إرادةٍ منا سلبًا أو إيجابًا، إلاّ أنّ هناك تأريخٌ _ نسبناه إلى التأريخ _ رسمنا حروفَه ونسجنا خيوطَه الطللية بين متاهات الفكر السوداوي المتشائم ، فكرٌ اتكالي ما أنزل اللهُ به من سلطان ، تخللَ إلى ذهنياتنا عبر عقيدةٍ فاسدةٍ تبريريةٍ متوارثَة ،أشلّت شطرًا معتدًّا به من مشاريع الإصلاح في مسيرتنا الانسانية تلك هي بمفهومها ( سنن التأريخ ) .
    فكلُّ ما يحيطُ بنا من أحداثٍ صراعاتٍ وتحديات ، وما ينتابنا من جورٍ واضطهاد وما نصنعهُ بأيدينا من خنوعٍ وتخلف هو من سننِ التأريخ ، مكتوبٌ علينا أن نُضطَهد أن نُصفَى أن نجوعَ ونعرى وليس لك أو بمقدورك أن تُغيِّر وهذه سنّةُ التأريخ في أبنائه كما يحلو لهم أن يعبرون ، كلُّ ذلك قد تناقله الخلفُ عن السلف وارتمى بين ظهرانينا حتى أضحى مرتكزًا ذهنيًا تختبيءُ خلفَه سلوكيات البعض  .
    وممّا يزيد الطين بلّة ، والداء تفاقماً والخرق اتساعاً أن تؤطر هذه السنن بإطارٍ عقَدي عبر نافذة ( القضاء والقدر ) ، فلا مفرّ ولا مهرب من التسليم وكلُّ ما يقع عليك كُتِب في قضاءِ الله وقدره .
كثيرةٌ هي السلوكيات المنحرفة في مجتمعاتٍ يسودها الجهلُ والتخلف إلا أن ما يدعو إلى القلقِ أن تُقترن تلك السلوكيات أو تعنون بإطار العقيدة ، تلك العقيدة التي تسربت إلينا من تراكماتٍ سياسيةٍ لحكامٍ سعَوا إلى تبرير انحرافاتهم في مخالفةٍ صريحةٍ لتعاليم الإسلام ، ولأجل تحصيلِ إذعان الشعوب لهم على طبقٍ من ذهب ,وأنهم خلفاءُ الله في أرضه فلا يحق لك التغيير بأي شكلٍ من الأشكال .
  هكذا هي حال عراقنا اليوم فهو بين فكي هذه ( السنن ) كمفهومٍ متوارَث و ( قسرية القضاء ) أو هو بين المطرقة والسندان ، فاليوم هناك شطرٌ من سواد الناس ممن ينتمي إلى هذه الذهنية العقيمة وهو لا يعلم أنه بذلك يقف عائقًا في طريق الإصلاح الذي يلهج به الجميع ، وأن الخرافة هي التي جعلت من هذه التراكمات سننًا لا سبيل إلى تعديلها ، بعد أن ألزمت مَن انتمى إلى نهجها بالسير على هذا النهج .
  للتأريخ كلمتُه قالها منذ سنين ؛ معترضًا على مَن تجنَّى عليه وألصق به هذه السنن الخرافية ونسب إليه ما هو بُراءٌ منه ،ولسانُ حالِه ترجَم كلمتَه قائلاً: ( ياليتني متُّ قبل هذا وكنتُ نسيًا منسيا ) ، فهلا تناسينا وأمتنا ( سننَ التخريف ) وبدأنا بإصلاح ذواتنا كما قال عزَّ من قائل (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) [ الرعد : 11]    فليس للعراق إلا أهلُه 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


رضي فاهم الكندي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/11/21



كتابة تعليق لموضوع : سننُ التخريفِ و قسريَّةُ القدر ....... عراقٌ بين محنتين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net