صفحة الكاتب : ضياء المحسن

التقارب الروسي الفرنسي، على حساب من؟
ضياء المحسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 تعتبر العلاقات الفرنسية ـ الروسية من أفضل العلاقات، مقارنة مع علاقات روسيا بباقي دول التحالف الأوربي وحتى الولايات المتحدة، فهي تضرب بأطنابها في عمق تأريخي طويل، ولا تقتصر على الجانب السياسي فقط، بل هي تمتد حتى في الجانب الإقتصادي والتعاون التكنولوجي والعسكري، حيث تستورد فرنسا الغاز الروسي منذ 40 عاما، وهناك تعاون في مجالات التقنيات متعددة الإستخدامات.
وقفت فرنسا ضد الرئيس بشار الأسد، وطالبت في كثير من المواقف خروج الرئيس السوري من الحكم، ومجيء نظام بديلا عنه، في وقت نرى أن روسيا خالفتها في هذا، عندما وقفت الى جانب بشار الأسد على طول فترة المواجهة بين الحكومة السورية، والتنظيمات الإرهابية التي تمولها السعودية وقطر والإمارات.
بعد أحداث باريس والقتلى الذين راحوا ضحية التفجيرات الإرهابية، شعرت باريس بأن نار الإرهاب قد بدأت تطالها، فكان لابد من أن تقف موقفا حازما ضد الأعمال الإرهابية التي ينفذها تنظيم داعش الإرهابي، وبقية التنظيمات الإرهابية التي تحمل مسميات مختلفة، لكنها تحمل نفس العقائد والشعارات، في تكفير كل من لا يدين بمعتقداتهم.
إصطدمت فكرة الرئيس الفرنسي بإنشاء إئتلاف دولي يضم جميع دول العالم، بالعقدة الأمريكية من التواجد الروسي في هذا الإئتلاف، كونها تقف في صف الرئيس بشار الأسد، وما زاد في الطين بلة، هو إسقاط تركيا للطائرة الروسية، ومعلوم أن تركيا من دول حلف الناتو، لكن مع هذا تجد فرنسا أنه يجب ضم روسيا الى هذا الإئتلاف، لأنها موجودة فعلا هناك، وبالتالي فهي لاعب رئيسي على الأرض السورية.
المصالح المشتركة بين فرنسا وروسيا حاضرة وبقوة، فكلا البلدين تضرر من الإرهاب بشكل أو بأخر، ذلك لأن البلدين يعتبران أمتان عظيمتان تقعان على طرفي أوربا، من ثم فإنه ليس من مصلحة البلدين أن يجدا قوة خارجية (الولايات المتحدة) أو حتى داخلية (ألمانيا) تهيمن على القارة الأوربية، من هنا تكمن المصلحة المشتركة في لقاء القوتين النوويتين، لكن مع بقاء بعض بينهما، فروسيا لن تتنازل عن الأسد أو الحليف الشيعي، والذي يبرز كقوة أكيدة في واقع الشرق الأوسط، والذي أثبتت الوقائع أنه مسالم ولا يريد أن يتمدد على حساب الآخرين، لكنه أيضا لن يقف مكتوف الأيدي مع من يحاول التطاول عليه او على مقدساته.
الخطوة الأكبر التي قامت بها فرنسا، هي تنازلها عن شرط إسقاط الرئيس بشار الأسد، لكنها مع ذلك أبقت نفسها في دائرة دول الخليج العربية، التي تساند التنظيمات الإرهابية، لأنها تعرف أن هذه الدول كنز كبير لشراء الأسلحة التي تنتجها المصانع الفرنسية، يبقى الموقف الروسي هو الأقوى والأكثر حجية أمام الموقف الفرنسي، ذلك لأن الجماعات الإرهابية بمختلف مسمياتها إنكشف غطاؤها الحقيقي وتعرت أمام دول كثيرة ومنها فرنسا.
إذا هو إلتقاء مصالح بين الدولتين، والذي سيفضي الى إنشاء جبهة عريضة للقضاء على داعش وبقية المسوخ الإرهابية، سواء رضيت السعودية وقطر بذلك أم لا.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ضياء المحسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/06



كتابة تعليق لموضوع : التقارب الروسي الفرنسي، على حساب من؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net