صفحة الكاتب : خضير العواد

توفى رسول الله (ص) وعينه تدمع على أهل بيته سلام الله عليهم
خضير العواد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 نعيش هذه الأيام ذكرى وفاة سيد الكائنات وحبيب إلله العالمين أبي القاسم محمد صلى الله عليه وأله وسلم الذي رسم لنا طريق الهدى والجنان وحذرنا من سلك طريق الضلال والنيران فضحى ما ضحى وأُوذية ما أوذي من آجل هداية الإنسان وجعله يعيش بكرامة وسعادة وسلام , فأحزاننا في هذه الأيام تنبع من الأعماق لأن بوفاته الأليمة بدأت مأساة أل البيت عليهم السلام بل مأساة الحق وأهله فكانت البداية من البيت الذي كان يسلم عليه رسول الله (ص) حين دخوله ب( السلام عليكم يا أهل البيت إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) حين هجم القوم على هذا البيت فبدل أن يسلموا على أهله بالأمان جلبوا لهم النار وحطموا عليهم الباب وكسروا ضلع روحه التي بين جنبيه حيث يقول رسول الله (ص) ( فاطمة روحي التي بين جنبي ) فكانت المأساة عظيمة وكبيرة فبعد أن فقدت الأمة رسول الله (ص) وعاشت أيام حزينة لهذا المصاب الجلل ولكن أصحاب الدنيا لم يصبروا كثيراً حتى هجموا على البيت الذي تعيش فيه فلذت قلبه وحبيبته والتي يغضب الله لغضبها فلم يهدأ لهم بال إلا بقتلها لكي تلحق بوالدها صلوات الله عليهم أجمعين مظلومة مهضومة مكسور ضلعها .

فقد كان رسول الله (ص) أعظم الرسل والأنبياء بسبب أصعبيّة مهمته وأوسعيّة رسالته حيث كانت أبدية وعبوديته المطلقة التي أمتاز بها على جميع الأنبياء سلام الله عليهم أجمعين وهذه بعض المواقف التي تبين ذلك : آدم (ع) آكل من الحنطة وهي ممنوعة عليه , والنبي (ص) مات ولم يأكل من الحنطة شئ وهي حلال عليه , ففي الحديث (ما أكل خبز برّ قط ).....(1) , نوح (ع) دعى على قومه , والنبي (ص) عندما نزل جبرائيل بالعذاب على قومه قال (أللهم أهد قومي فإنهم لا يعلمون)....(2) , إبراهيم (ع) جادل مع الله تعالى في قوم لوط قال تعالى ( فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط )..(3) والنبي (ص) في قضية تغير القبلة بالرغم من شدة معاناته وتعيير اليهود له إلا أنه حتى لم يطلب من الله تعالى طلباً ولا خاطب حتى قال تعالى في ذلك ( قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلةً ترضاها )...(4) , داود (ع) واستعجاله في الحكم قال تعالى ( فغفرنا له ذلك يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض ..)...(5) , يونس ذهب مغاضباً قال تعالى ( وذا النون أذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )...(6) , موسى (ع) خوفه حتى عاتبه الله تعالى فقال (إني لا يخاف لديّ المرسلون )....(7) ومواقفه الإستعجالية مع الخضر (ع) .
بالإضافة لهذه المواقف لرسول الله (ص) مقارنةً ببقية الرسل والأنبياء سلام الله عليهم أجميعنً , فقد تحمل الشدائد والصعاب في سبيل تحقيق مهمته وتنفيذ أوامر الله سبحانه وتعالى على أكمل وجه مما لم يتحمله غيره من الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم جميعاً فقد تحمل أنواع كثيرة من العذاب والآذى حتى قال صلوات الله عليه ( ما أوذي نبيّ مثل ما أوذيت)......(8) , والله سبحانه وتعالى قد كافأ  النبي (ص) أكبر مكافئة عندما أختاره أشرف الأنبياء والمرسلين بل جعل جميع الأنبياء مقدمة لنبوته (ص) كما قال الله تعالى ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسولٌ مصدقٌ لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلك إصري قالوا أقررنا قال فأشهدوا وأنا معكم من الشاهدين)....(9) وعن أبي الحسن (ع) قال ( ولن يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد (ص) )....(10) بالإضافة الى هذه المكافئة فقد جعله الله سبحانه وتعالى حبيباً لنفسه وهذا المقام يفوق مقام الخليل والكليم ، ونلاحظ الخليل يطلب البركات والأفضال الإلهية والخيرات ولكن الحبيب تأتيه البركات والأفضال الإلهية مرغمة بأمرٍ من الله سبحانه  وتعالى دون طلب منه وهذه بعض الأدلة إبراهيم (ع) قال ( إني ذاهب الى ربي )...(11) الرسول (ص) (أسرى بعبده ليلاً )....(12) ,إبراهيم (ع) والذي أطمع أن يغفر لي )...(13) الرسول (ص) ( ليغفر لك الله )..(14) ,إبراهيم (ع) قال وسط النار( ولا تخزني)....(15) و الرسول (ص) (يوم لا يخزي الله النبي )......(16) وغيرها من الأدلة التي تثبت علو مقام رسول الله (ص) عن بقيت الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم أجمعينً , بالإضافة لهذه العظمة التي أمتاز بها رسول الله (ص) فأن له عظمة كبير جداً هي تحمله الشدائد والصعاب من قبل نفسه من أجل إسعاد البشرية وإنقاذهم الى يوم القيامة من الضلال والانحراف عن الطريق القويم الذي رسمه الله سبحانه وتعالى وهذه المسؤولية أعظم من مسؤولية النبوة والرسالة لأن النبوة والرسالة ما هما إلا مقدمة لهداية الناس وإرشادهم , لذا فأن هداية البشرية والسعادة التي حصلوا عليها الى يوم القيامة والتي سينالوها في الآخرة سيكون فضلها جميعاً للنبي (ص) لذا فكل ما نقدمه لرسول الله (ص) لا يوافي جزء يسير من معاناته التي وصفها المولى عزة قدره بالشقاء من أجل أن يصل إلينا الإيمان ويبعدنا من الضلال بالرغم من الفترة الزمنية  الطويلة التي تفصلنا عنه (ص) ولكنه بالرغم من ذلك لم يطلب الآجر والثمن ، بل طلب منا شيء واحد لا غير وهو المودة والمحبة لآهل بيته  سلام الله عليهم قال  سبحانه وتعالى ( قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في  القربى)...(17) وعن أبن عباس (أنها لما نزلت هذه الآية قالوا من قرابتك هؤلاء الذين أمرنا الله بمودتهم قال (ص) (على وفاطمة وولدهما )...(18) ولكن نلاحظ الأمة اليوم تعطي ظهرها لطلب رسول الله (ص) بل تعمل بعكسه تماماً وهو الجفاء لأهل البيت سلام الله عليهم بل تفتخر عندما تقتل أو تعذب من يحب ويتودد لآل البيت عليهم السلام  كما طلب منا رسول الله (ص) ، وتلاحق محبيهم من بلد الى بلد وتتعاون مع أعداء الإسلام من أجل التخلص من شيعة أهل البيت فكأن رسول الله (ص) طلب منهم العداء لأهل بيته لا التودد والتحبب فأنهم قد ذهبوا بعيداً بجفائهم وبغضهم لأهل بيته فما أتعس هذه الأمة التي لم تستجيب لطلب رسول الله (ص) بحب أهل بيته والتودد لهم ، فسلامٌ عليك يا رسول الله يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا شفيعاً لهذه الإنسانية لتنقذها من حر النيران وتدخلها سعادة الجنان .
(1) وسائل الشيعة ج24ص435(2) بحار الأنوار ج11ص298(3) سورة هود آية 74(4) سورة البقرة آية 144(5) 5سورة ص آية25-26(6) 6سورة الأنبياء آية87(7) سورة النمل آية 10(8) بحار الأنوار ج39ص56(9) سورة عمران آية81(10) الكافي ج1ص437(11) سورة الصافات آية 99(12) سورة الاسراءآية1(13) سورة الشعراء أية 82(14)سورة الفتح أية 2(15) سورة الشعراء آية87(16) سورة التحريم آية8(17) سورة الشورى آية 22 , (18) تفسير جوامع الجوامع- الشيخ الطبرسي ج3ص283

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


خضير العواد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/10



كتابة تعليق لموضوع : توفى رسول الله (ص) وعينه تدمع على أهل بيته سلام الله عليهم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net