صفحة الكاتب : عامر ناجي حسين

الانتفاضة الشعبانية واقع وطموح
عامر ناجي حسين

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
شكل تاريخ 8/8/1988 نهاية لحرب الثماني سنوات التي شنها نظام صدام ضد الجارة المسلمة إيران بين تفاؤل بالخير العميم وفقدان ثقة بنظام انتهك الأعراف والقوانين السماوية والوضيعة معا وكما هي عادة الطغاة على مر العصور والأزمان يعتبر مبدأ تصدير الأزمات الى الخارج فرس الرهان للتخلص من الأعباء السياسية بشقيها الداخلي والخارجي والأعباء الاقتصادية والاجتماعية وغيرها انطلاقا من سياسة (اشغل شعبك) ولايخفى حجم الإضرار التي لحقت بالعراق أرضا وشعبا وحجم الديون الثقيلة التي تركتها الحرب والتي تقاعس النظام عن مجرد التفكير بجدولتها عموما وبإيحاءات فهمها نظام صدام بصورة مغلوطة والتي كثرت في الفترة الأخيرة التي سبقت الاحتلال ومثال ذلك تصريحات المسؤولين السعوديين بان أمريكا أعطت تعهدا بعدم التدخل في حل المشاكل العالقة او الناشبة بين الدول في اشارة الى النزاع العراقي الكويتي بخصوص أسعار النفط وفي تحديد عائديه أو حصص الإنتاج للحقول المشتركة على الحدود بينهما وبغض النظر عن مدى صحة ما اشيع حول اتفاق نظام صدام مع الإدارة الأمريكية بشان احتلال الكويت حدث الاحتلال في 2/ أب/ 1990 وباختصار شديد اخرج النظام الصدامي من الكويت بالقوة في عام 1991 لتعم العراق في شماله وجنوبه انتفاضة شعبية عارمة سيطرت على جنوبه وشماله بالكامل وأفقدته توازنه في المنطقة الوسطى بما فيها العاصمة بغداد. 
إننا مع القول بعفوية الانتفاضة لكن يبقى لزاما علينا القول  بان ما من فعل دون سبب او مسبب رئيسي له وبعبارة ان ما عاناه العراقيون على مدار أكثر من عقدين من الزمن على حكم حزب البع للعراق وجعل مسالة التفكير بالخلاص منه ولو مجردا في أذهان الشعب حاضرا تنقصه الشرارة التي تحوله إلى حقيقة عملية وكان له ذلك (اي الشعب) في الانتكاسة العسكرية الكبرى للنظام وكما هو الحال في دراسة أي حدث او واقعة تاريخية تكون الحاجة ماسة لمعرفة الأسباب ومن ثم تتبع خطوات الحدث او الواقعة وصولا إلى النتائج والانعكاسات المترتبة على ذلك. 
ويمكننا اجمال الأسباب المباشرة للانتفاضة الشعبانية بالآتي
1- العمالة التي جسدها صدام أفضل تجسيد من خلال خدماته التي لا تنكر للغرب عامة وإسرائيل خاصة وهذه المسالة كشف عنها بلسانه مرات عديدة بما لا يخفى ومنها على سبيل المثال قوله "وحتى صار كل منتم ان كان الى دين أو طائفة او مذهب او مدينة بل وحتى الى عشيرة يرى من حقه وحده ان يحكم وان حقه وحده ان يستحوذ على هذا أو ذاك من الامتيازات او النفوذ والمناصب والإمكانيات والمسؤوليات وان أمر كهذا كان جائزا ضمن حدود المسؤوليات الدينية في التفكير والحالة الدينية الداخلية لهذه الطائفة والمذهب والدين أو ذاك وان جوازها لا يدمر العراق أو يلغي وحدته الا انه في السياسة والنشاط السياسي وفي بناء دولة العراق الواحدة لا يمكن إلا ان يكون مدمرا بل وإذا ما تبناه نمط من الناس المثقفين والمتعلمين فلا يمكن إلا إن يكون مريبا وأجنبيا عدوانيا يقصد منه مؤكدا تدمير العراق وتدمير وحدته".
2- تركت السياسة الشوفينية التي اتبعها صدام ضد القوميات والطوائف والمذاهب ومحاولة زرع الشقاق أثرها العميق في نفوس العراقيين عامة على خلفية إدراكه (أي الشعب العراقي) ان ما يطمح إليه صدام من هذه السياسة أمرا واحدا لاغير هو إطالة أمد حكمه الدكتاتوري.
3- شكلت التصريحات التي أعلنها التحالف الدولي في وسائل الإعلام المختلفة قبل شن الحرب وإثناءها (حول إسقاط النظام الصدامي) عاملا محفزا وركيزة لا تنكر لأنها زرعت قناعة لدى كل فرد عراقي غيور على دينه ووطنه بان النظام سيصل في فترة من فترات الحرب ان لم يكن في بدايتها إلى مرحلة يمكن معها للشعب التحرك لاستلام زمام الأمور وقد وجدت هذه التصريحات منطلقا في داخل العراقيين بوجوب القيام بدور والقصاص من المجرمين من أزلام النظام سواء من كان منهم في صفوف البعث الكافر او في الأجهزة الأخرى ممن ارتكب الفضائ والجرم بحقهم ومن الأمثلة على هذه التصريحات قول الرئيس الأميركي السابق بوش الاب في تصريح له قبيل نشوب الحرب بأيام معبرا عن وجهة النظر الأمريكية في المسالة المتعلقة لاستجابة العراق لقرار الامم المتحدة الداعي الى انسحابه من الكويت "ان الحرب بدأت وانه من الصعب التكهن في مكان وزمان توقفها" مما يشير الى ان الهدف كان اتمام اهدافها بالكامل وقد وثق هذا التصريح القائد العام للجيوش الامريكية في حرب الخليج الثانية التي عرفت بعاصفة الصحراء نورمان شوار تزكوف عند قوله في مذكراته "إن الأمر الذي تلقاه من واشنطن بإيقاف الحرب قبل وصولنا بغداد كان صدمة ومفاجأة لي لأنه كان يتعين علي ضمن خطة البنتاغون رفع العلم الأمريكي في بغداد". 
4- الشعور والاعتقاد الكبير لدى أطياف الشعب عامة ان الضربات الأولى التي سيتلقاها النظام كافية لانكشافه لسبب بسيط هو انعدام السبب الموجب للحرب بمعنى بطلان ما اقدم عليه نظام صدام من اجتياح لأرض دولة مجاورة بغض النظر عن مسلمات كونها عراقية او لا وبالنتيجة فان ما يحيط به من متملقين وجيش منقاد مسلوب الإرادة لا يستطيع به بأي حال من الأحوال الصمود طويلا أضف الى ذلك إن روح الكره للبعث والمجرمين في الأجهزة الأمنية والمخابراتية وغيرها جعل الشعب يعيش حالة من الترقب للقصاص منهم متى ما امكن ذلك.
5- انهيار القوات الصدامية بعد الهجوم البري لقوات التحالف وفشل القوات الخاصة بالتصدي لهذا الهجوم وإعلانه الانسحاب من الكويت والخسائر الجسيمة التي منيت بها هذه القوات والاهانة الكبيرة التي لحقت بالقوات المسلحة العراقية واتساع حالة التمرد والهروب من الجيش بشكل جماعي. 
6- قبول صدام إيقاف إطلاق النار في 26/2/1991 اثار استغراب واستهجان القادة العسكريين على مختلف مستوياتهم إضافة إلى المراتب لتأكيده المستمر على عدم الانسحاب مهما كانت النتائج.
7- الأثر الذي تركه توقيع رئيس أركان النظام في حينها سلطان هاشم احمد وزير الدفاع في خيمة سفوان ليرهن إرادة العراق السياسية والاقتصادية والأمنية بموافقة صدام التوقيع على ورقة بيضاء مقابل ان يبقى في السلطة.
لقد شكلت حقبة البعث وحكمها للعراق وخصوصا الفترة التي امسك فيها بشكل مباشر على مقاليد الحكم أقسى مرحلة يمر بها العراق في تاريخه الحديث والمعاصر فاقت في قساوتها أزمة الاحتلال الأجنبي بل شكلت رقما تعسفيا فاق طبيعة الظلم لأي أجنبي غاصب لأرض غيره وهذا الأمر بالذات ساهم في زرع الشك والريبة في نفوس الشعب العراقي حدا وصل معه إلى انتظار الظروف الملائمة للعمل الثوري بأي شكل كان وعليه يمكن اعتبار وبالأحرى الجزم بان هذه العنجهية والقساوة التي مورست ضد الشعب هي الممهد الأول والقاعدة الأساس لانطلاق الانتفاضة الشعبانية وهذا بدوره لا يمنع من القول بان الأسباب المباشرة تمثلت بنقاط فجرت ما كان في صدور العراقيين من غل وكره لنظام جل ما فعله وقدمه للشعب دمار وخراب شملت الإنسان والأرض معا.
وهناك ثمة اختلاف بين مؤرخي تلك الحقبة من تاريخ العراق المعاصر في تحديد اليوم والمكان لانطلاق الانتفاضة الشعبانية  فمنهم من يذكر إن قضاء الحي (40 كم جنوب محافظة واسط) انطلقت منه شرارة الانتفاضة ليلة 13 - 14 من شعبان 1410 هجرية ومنهم من يذكر تاريخ الانتفاضة يبدأ ليلة 14 - 15 شعبان 1410 هجرية وباعتقادنا ان تسليط الضوء اكبر على مدينة كبيرة مثل البصرة ليتم ترجيح كونها منطلق الانتفاضة  في 15 من شعبان فيما نرى ان ترجيح ان يكون قضاء الحي هو منطلق الانتفاضة أرج لأسباب منها عدم وجود تواجد عسكري كبير لنظام صدام كما هو الحال في مركز عمليات متقدم مثل البصرة وكذلك وجود التماسك السكاني الذي ساعد عليه صغر حجم القضاء إذ نعلم ان المدينة كلما كبرت قّل التماسك بين سكانها ولنقل ان العمل على إيجاد حالة واحدة او ردة فعل تتطلب قدر الإمكان اتفاق رموز معينين من ذوي الوجاهة من شيوخ عشائر وقياديين ثوريين في قضاء الحي الصغير المساحة أكبر منه تحققا في مدينة البصرة كبيرة المساحة.
وعلى أية  حال فان شرارة الانتفاضة انطلقت من جنوب العراق ولتمتد نحو  أجزاء كبيرة من مدن وسط وشمال العراق في فترات لاحقة من تاريخ 15 شعبان وكانت محصلتها تحرر 14 محافظة من أصل 18 محافظة عراقية من سلطة نظام صدام. 
اشعل قضاء الحي لهيب الانتفاضة وماهي إلا ساعات وتم سيطرة أبناء المدينة عليها وطرد جلاوزة النظام من بعثيين وقوات امن وحيث ان المدينة كانت شبه خالية من تواجد عسكري نتيجة اعتماد خطة النظام على تدعيم الخطوط الأمامية في البصرة باتجاه جنوبي غربي وجعل المناطق المحيطة ببغداد خطا دفاعيا لها وبالنسبة للجنوب من بغداد شغلت منطقة الصويرة تحشيدات كبيرة للنظام وبالتالي يمكن القول ان هذا الأسلوب ساهم إلى حد كبير في تخفيف الأعباء عن الثوار المنتفضين في قضاء الحي ويبدو إن صدام الذي عرف بخوفه الشديد من شعب العراق أكثر من أي شيء آخر قد وضع ثقته بالتصدي لهذا الأمر بكوادره الحزبية البعثية والأمنية وبذلك وحسب حساباته الخاطئة جعل الجيش موزع بشكل يودي إلى انجاز المهام الثلاثة الأولى المتمثلة بالدفاع عن البصرة باعتبارها خطا دفاعيا لبغداد وبالنسبة لوجهة الهجوم البري الأميركي المرتقب والمهمة الثانية الدفاع عن كركوك باعتبارها خطا دفاعي لبغداد بالنسبة للاتجاه الشمالي والمهمة الثالثة الدفاع عن شخصه  القابع في بغداد وهذا الأمر نابع من قلة الإمكانيات العسكرية وخصوصا الأمور اللوجستية المهمة كالنقل والإمدادات بالإضافة الى تفوق القوة الجوية الأمريكية وحليفتها بما لا يقبل الشك ومراهنة صدام على الحرب البرية بالاعتماد على خبرة الجيش الذي اكتسبها من حرب الثمان سنوات (1980-1988م) وحرب كهذه تحتاج إلى شبكة اتصالات واسعة ودقيقة افتقدها الجيش العراقي في الساعات الأولى من بدء الحرب.  
وعلى أي حال انتفضت مدينة البصرة يوم 14 على 15 شعبان وسقطت برمتها بيد الثوار الا منطقة شرق البصرة حيث تتواجد فيها الفرقة الآلية 51 وهي مهيأة الى حد ما وخلال اليومين الذين اعقبا سقوط البصرة اصبح جنوب العراق برمته تحت سيطرة المنتفضين وشهدت مدينة النجف قتالا عنيفا ومن المعلوم ان مدينتي كربلاء والنجف تشهد في مثل هذا الوقت من كل عام تواجدا جماهيريا  كبيرا لأداء زيارة المراقد الشريفة فيها تيمنا بولادة الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) ثاني عشر الأئمة الأطهار والذي يصادف 15 شعبان من كل عام هذا الأمر أدى إلى فعل ثوري كبير أسهم في تحرير مدينة النجف في تمام الساعة الثالثة ظهرا من يوم الاثنين الموافق 16 شعبان ولتسجل ليلة 16 - 17 شعبان تاريخا لتحرر مدن الجنوب برمتها من ربقة هذا النظام.
وكان الثوار في طوز خورماتو االتابعة لمدينة كركوك قد احكموا قبضتهم بتاريخ 14 شعبان 1410 هجرية على هذه المنطقة مكبدين اللواء ( 19) خسائر فادحة واستطاعوا إسقاط طائرتين  مروحيتين تابعتين للنظام وتم قطع الطريق بين بغداد وكركوك وبتاريخ 28 شعبان ثارت المنطقة الشمالية وتم لهم السيطرة بسرعة فائقة على مدن سليمانية ودهوك واربيل ومناطق من الموصل ودخلوا الى التون كوبري وكركوك ولكن لم يتمكنوا من السيطرة الكاملة على المدينة وخاصة المناطق الجنوبية منها مع منطقة  المطار ومعسكر خالد.
واستطاع النظام إحكام قبضته على بغداد نتيجة الحشود العسكرية الكبيرة من قوات عسكرية وشبه عسكرية حيث سارع النظام ومنذ اللحظات الأولى للحرب وقراءته لحتمية الهزيمة سارع إلى سحب معظم وحدات الحرس الجمهوري بالإضافة إلى احتفاظه أصلا بالحرس الجمهوري الخاص والمدرب والمسلح على اتم وجه إضافة إلى كونه يضم الموالين لصدام وإفراد عشيرته وهذا الأمر لا يعني قطعا عدم وجود حالة من التذمر بانتظار الساعة التي يمكن معها التحرك من قبل الأهالي في مدينة بغداد , إما بالنسبة لمحافظات الأنبار وديالى  وصلاح الدين فقد راهن أهلها على الانتظار لما ستسفر عنه الحرب حيث لعب الإعلام المعادي للانتفاضة منذ ساعاتها الأولى دورا مهما محاولا من خلاله إشاعة روح الفتنة الطائفية بتصويرهم إن الشيعة سينقضون على السنة وان الأكراد سينفصلون ويعلنون دولتهم وهذا الأمر جلب الاستعداء للانتفاضة من قبل بعض الدول المجاورة للعراق لاعتبارات مذهبية وطائفية لا طائل لإيرادها ألان.
وفيما يتعلق بموقف المرجعية الدينية من الانتفاضة الشعبانية فتمثل دورها بإصدار سماحة أية الله السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره) فتوى وجوب حفظ الأمن واحترام الملكية الخاصة والعامة للشعب العراقي وإصدار سماحة اية الله العظمى السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره) فتوى حثّ بها أبناء العراق الغيارى على المساهمة في الانتفاضة ومواجهة النظام قائلا "إن قتلى الانتفاضة بوجه الطغيان والبعث والظلم هم شهداء".
وبعيد إخماد الانتفاضة قام النظام بالإجراءات الآتية تجاه المرجعين المذكورين ( قدس سرهما) تمثلت باعتقال المرجع الديني اية الله العظمى السيد ابو القاسم الخوئي مع أولاده ثم أطلق سراحهما فيما بعد ودبر لحوادث قتلهم باستثناء احدهم واعتقال السيد الشهيد اية الله العظمى السيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره) وأطلق سراحه فيما بعد.
وقبل الخوض في كيفية قضاء نظام صدام على الانتفاضة الشعبانية تلك الانتفاضة التي أعادت إلى الواجهة ثورة العشرين بكل صورها بل فاقتها لولا انعدام التخطيط نقول يجب علينا ان نشهد للتاريخ ان الانتفاضة ما كان لها أن تفشل من الناحية الميدانية لولا ضآلة الدعم الخارجي بل العكس من ذلك تماما فأمريكا كانت السبب الأول لفشلها إذ أعطت الضوء الأخضر لصدام بالتحرك السريع لوأدها باستخدام مختلف الأسلحة بما فيها الطائرات التي لم تشاهد في سماء العراق طيلة ايام حرب تحرير الكويت وكذلك سماحها باستخدام النظام للأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا وقد أفاد شهود عيان من الموثوق بهم إن الطائرات الأمريكية قصفت الثوار في مناطق عديدة على طول الطريق بين البصرة والناصرية وتمثلت إجراءات النظام ضد الانتفاضة الشعبانية اسناد صدام مهام القضاء على الانتفاضة الى اعتى أزلامه من المجرمين المقربين له وهم : 
1- حسين كامل ( برتبة فريق) مهاجمة كربلاء المقدسة.
2- طه ياسين رمضان (نائب رئيس الجمهورية) وصباح إسماعيل التكريتي (برتبة لواء ركن) مهاجمة النجف الاشرف.
3- المقر المتقدم للقيادة العامة للقوات المسلحة المتواجد في البصرة مع الفرقة الآلية(51) بمعية سعدي طعمه ( فريق أول ركن وزير الدفاع) وحسين رشيد (فريق أول لركن رئيس أركان الجيش) وسلطان هاشم احمد (فريق ركن معاون رئيس أركان الجيش للعمليات) وصلاح عبود (فريق ركن قائد الفيلق الثالث).
4- عزة الدوري (النائب الثاني لرئيس الجمهورية) وكمال مصطفى التكريتي لمهاجمة ميسان بعد استعادة الكوت والناصرية.
5- إياد فتيح الراوي (فريق ركن) الهجوم على البصرة ومن ثم التوجه نحو العمارة والاستدارة مع سمير عبد الوهاب الشيخلي باتجاه محافظتي المثنى والديوانية.
6- محمد حمزة الزبيدي (عضو مجلس قيادة الثورة) لمهاجمة الناصرية مع فرقة المصطفى والحرس الجمهوري.
وبقساوة لا نظير لها عامل المدعو حسين كامل حسن الأهالي في كربلاء المقدسة وجرى قتال عنيف بين الثوار المنتفضين والجيش في عدة أماكن من المدينة وفور تطويق المدينة حلقت طائرة هليكوبتر مزودة بـ600 نسخة منشور ألقته على المدينة يطالب المواطنين بمغادرة المدينة لأنها ستتعرض لضربات كيماوية واقتيد الذين خرجوا منها إلى مثواهم الأخير وبالفعل تم إطلاق مواد كيماوية مخففة على مركز المدينة إلا أن القتال بقي مستمر وفي النتيجة تم اقتحام مدينة كربلاء واقتادوا منها الآلاف وكان من  منهم عدد كبير من الأطفال والنساء والشيوخ إلى معتقلات الرضوانية حيث المحاكم الصورية وفي هذه المرحلة تمكن رتل طه الجز راوي  من استعادة مدينة الحلة مركز محافظة بابل وفور استئناف تقدمه إلى الجنوب عاد الثوار وسيطروا على المدينة وجرى استدعاء ماهر عبد الرشيد (فريق ركن) والد زوجة ابن الطاغية قصي وطالع الدوري (فريق ركن) لقيادة الهجوم بالاتجاه المعاكس بالتعاون مع رتل الجزراوي من الجنوب لاستعادت الحلة وتم تعيين طالع الدوري محافظا وحاكما عسكريا فيها وقد أرسل فيما بعد رسالة إلى صدام (زف فيها البشرى إليه) لإعدامه(1713) شخص من أبناء الحلة ولا يدخل في هذا العدد الذين تم إرسالهم إلى معتقلات الرضوانية او الذين تم استشهادهم خلال المعارك وبعد إكمال السيطرة على مدينتي كربلاء والحلة اندفعت قوات المحورين (رتل حسين كامل وطه الجز راوي) باتجاه النجف الاشرف وجرى رشقها بعدة مئات من الصواريخ التعبوية (لونا) روسية الصنع وأنواع أخرى برازيلية ودخلت هذه القوات المدينة المقدسة لتبدأ مطحنة الشباب اذ منح قادة الارتال صلاحيات ميدانية استثنائية في اجراء التصفيات التي يريدونها أما الأجهزة الأمنية في بغداد فلم تسند اليها أي مسؤولية في التحقيق فقد تم تشكيل لجنة عليا برئاسة صدام كامل (عقيد) صهر صدام وعضوية ضابط بمعدل واحد من كل جهاز امن واستخبارات وكنتيجة طبيعية استطاع عزة الدوري من استعادة الكوت بسرعة نتيجة انكشاف المدينة وعدم وجود عمق ستراتيجي دفاعي لها وقربها من بغداد وبالتالي سنحت له الفرصة بالتقدم نحو ميسان للالتقاء مع إياد فتيح الراوي وسمير عبد الوهاب الشيخلي في جنوب مدينة العمارة ومن ثم تقدم الآخرين نحو المثنى والديوانية حيث شهدت الأخيرة قتالا عنيفا انتهى باحتلال الجيش لتلك المدينتين  إما بالنسبة للمناطق الشمالية فكانت إجراءات النظام فيها:-
1- تعيين علي حسن المجيد قائدا لمنطقة كركوك يعاونه في ذلك يونس محمد الذرب (فريق ركن) إضافة إلى قائد الفيلق الأول وسلطان هاشم احمد بعد عودته من البصرة وجرى نشر فرقة المنشاة (24) إضافة إلى قوات أخرى مخصصة لحماية كركوك.
2- تعيين عبد الجبار شنشل (فريق أول ركن) مشرفا على الدفاع في مدينة الموصل.
وكانت السيطرة شبه تامة على المحافظات الشمالية للنظام لإرساله قوات كبيرة منها اليه وكذلك المساعدة الفعالة من قبل قوات (منافقي خلق) الإيرانية العملية لصدام وقد تمركزت هذه القوات في يوم 17/3/1991 في معسكر خالد وفي نفس اليوم تأهبت المروحيات لقصف القرى التركمانية ومدينة كركوك بحجة المقاومة ولنشر الرعب بين المواطنين وفي صباح يوم 25/3/1991 استيقظ أهالي تازة خورماتو على أصوات المدافع بعد ان حوصرت وبدا القصف العشوائي على هذه المدينة حيث لم تستطيع مقاومة كثافة النيران واستشهد عددا كبيرا من المواطنين وقامت نفس القوات بقصف مدينة كركوك مستخدمين المدفعية والمروحيات للسيطرة على المدينة وبعد السيطرة عليها تم السيطرة على خور ماتو او داقوق في 27/3/1991 وفي صبيحة 28 آذار توجهت قوات الحرس الجمهوري الى مدينة التون كوبري وبعد السيطرة عليها توجهت جنوب مدينة اربيل.
 وعلى العموم تمكنت قوات نظام صدام من دخول اربيل والسليمانية فيما نزلت قوات المطرقة الغربية في منطقة زاخو وطلبت من صدام سحب قواته إلى جنوب محافظة دهوك والانسحاب كذلك من اربيل والسليمانية وهذا ما نفذه صدام صاغرا.
وكانت الانتفاضة الشعبانية قد تركت آثارا على الشعب العراقي آثارا منها :
1- ازالة الحواجز النفسية التي تركتها سنوات الحكم الجائر لنظام صدام وهذا ما نلمسه في اضطراب احوال النظام بعد 1991م.
2- معرفة صدام وبصورة مباشرة عدم رغبة الشعب به.
3- التوجه الوطني الديني وهذا ما تجسد بالالتفاف حول علماء الدين وخصوصا الفترة التي تصدى فيها السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (قدس سره) للقيادة المرجعية.
4- الخوف المستمر الذي لاحق صدام ووضح ذلك باتصاله الدائم بالمراكز القيادية البعثية بشكل مستمر.
5- البحث عن بديل لصدام واصبح رفع اليد عنه شرطي من المنطقة من قبل حلفائه السابقين امرا مؤكدا. 
6- عززت التلاحم المصيري بين ابناء الشعب.
7- شيوع العمل الجماهيري الثوري بديلا عن التحزب والعمل التنظيمي البيروقراطي.
اما الأسباب التي أدت إلى عدم تحقيق الانتفاضة الشعبانية لهدفها المباشر فتتمثل بجملة امور داخلية وخارجية وكالآتي : 
أولا : الأسباب الداخلية :
1- انعدام التنسيق بين مدن العراق وعدم وجود التخطيط بأدنى مستوياته. 
2- انعدام الإعلام الداخلي للانتفاضة الذي يبث الروح الثورية في داخل صفوف أبناء الشعب , أضف إلى ذلك تكتم الإعلام الخارجي وعدم بيان حقيقة الأمور داخل العراق.
3- انتهازية بعض الأفراد عديمي الوجدان من خلال قيامهم بإعمال أخلت بسمعة الانتفاضة ولا يستبعد إن يكونوا مدفوعين من جهات معينة بما فيها المخابرات العراقية.
4- هروب معظم إفراد الجيش وخضوع القسم الباقي للنظام افقد الانتفاضة عنصرا حاسما فيها يتمثل بالمساندة العسكرية.
5- خوف المناطق المحررة من إعلان استقلالها عن حكم بغداد خوفا من ردود الفعل الخارجية.
ثانيا :- الأسباب الخارجية :
1- قلق إقليمي عبرت عنه الدول المجاورة للعراق لأسباب سياسية أو طائفية أو قومية. 
2- خوف الدول ذات المصالح في المنطقة من البديل في العراق.
3- إعطاء أمريكا الضوء الأخضر لصدام بسحق الانتفاضة عبر السماح له باستخدام سلاح الجو وقواعد الصواريخ بعيدة المدى بل امتدت وحسب شهود عيان إلى المشاركة المباشرة في ذلك.
انتهت الانتفاضة بإجهاضها كتحصيل حاصل لشعب وقفت الدول في أحسن الأحوال بالتفرج عليه وساهمت أخرى في سحقه وليترك ذلك ذكرى ممتزجة بين الفخر ببطولة متوارثة وحزن لبريق نصر نهائي افتقد للمسات اللحظة الأخيرة ولنترك للتاريخ ان يشهد ويقر بان العراق من أقصاه إلى أقصاه قد زرعه الطغاة بالأجساد الطاهرة لتكشف للعالم اجمع وتكتب في صفحات التأريخ ان الشعب العراقي شعب ثوري بحاجة إلى قائد ثوري نابعا من واقعة لقيادته وهذا ما اثبتته حركة السيد الشهيد  محمد محمد صادق الصدر (قدس سره) فيما بعد. 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عامر ناجي حسين
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/25



كتابة تعليق لموضوع : الانتفاضة الشعبانية واقع وطموح
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net