صفحة الكاتب : عمار العامري

فتوى الجهاد الكفائي بين قراءتين
عمار العامري

   لابد من الاعتراف وبكل صراحة؛ إن فتوى الجهاد الكفائي, التي أصدرها نائب الإمام الحجة "عج" لم تتم دراستها أكاديمياً وعلمياً بشكل دقيق, ولم تبحث من قبل المثقفين والكتاب بالمستوى المطلوب.

   إنما استغلت إعلامياً لإغراض سياسية, وتعامل معها بالبحث والمناقشة من باب العلمية المجردة من الإبعاد العقائدية والاستشراف المستقبلي, وبكلمة أدق؛ أن الغرب كانوا أكثر فراسة في تحليلهم ودراستهم لها, من اهتمام العرب والعراقيين خاصة فيها, إي أن الغرب عرفوا ممن يوكل الكتف, بينما نحن بقينا نهتم بمأكل الترفية والظهور الإعلامي.

   ومن الجوانب المهمة التي لم تدرس هي؛ إن فتوى الجهاد الكفائي جعلت الجميع يستشعر بأنها بوابة لأدراك كوننا نعيش بوادر وإرهاصات الظهور الشريف, واخذ علماء الدين والمختصين بهذا الجانب يهيئون الأذهان لتقبل أطروحة علامات الظهور المقدس, وما يحدث من اختلاف الرمحين في الشام, إنما هو دلالة واضحة على ذلك, حيث لم تذكر المصادر التاريخية حدوث اختلاف بين الرمحين بالشام, كما يحدث الآن؛ وان فتوى الجهاد في العراق, وما لحقها من استنهاض واستعدادات جماهيرية, وصولات قتالية لدرء الخطر الخارجي عن العقيدة والوطن, هيئة المؤمنين لقبول مثل هكذا فتاوى ستصدر في قام الأيام, عندما تشتد الفتن وتكثر الملاحم قبيل الظهور في المنطقة.

   كما فندت الفتوى الجهاد في أذهان العامة فكرة, إن جيش اليماني يأتي من اليمن فلا أريد النقاش فيه, بقدر القول أن فتوى الجهاد هيئة النفوس, وجعلت المؤمنين على هبة الاستعداد العقائدي والتعبوي لتلبية نداء المرجعية العليا في إي وقت كان, لتقديم الغالي والنفيس وخير الدليل شهداء الحشد الشعبي الذين بذلوا أنفسهم, وعليه لا نبقى نعول دائماً على فكرة, أن المنقذ للعراقيين سيأتيهم من الخارج, كأن تكون إيران هي الداعمة بالاستشارة والتسليح, وغداً سيكون اليمنيون جيش الإنقاذ للوطن والمقدسات, أنما العراقيون هم أهل لها بتاريخهم, وولاءهم العقائدي, وإتباعهم للمرجعية العليا النائبة في عصر الغيبة الكبرى, والحشد الشعبي خير دليل على ذلك.

   والأكثر ما يؤلم؛ فرغم المواقف البطولية المشرفة للقيادات العراقية من جند المرجعية, والمتمسكين بنهجها القويم, وما أثبت بالوقائع الميدانية ضد العصابات الإرهابية, من بروز دور النخبة القيادية أو القيادات الوسطية "التي تمتلك العقيدة الدينية والرؤيا السياسية والخبرة العسكرية" والتي ستساهم في تعبئة الأمة للدفاع عن حقوقها على الأصعدة والميادين كافة, ألا إن الفتوى الجهاد كشفت زيف الأفكار موروثة في المجتمع, بأن أهدى الرايات الممهدة للظهور الشريف ستأتي قادمة من ارض اليمن, ليس استصغاراً أو تحقيراً بهم, ولكن الهدى هو "منهج المرجعية العليا الراشدة", ومن يلزم بتوجيهاتها, ويتمكن من جمع إتباعها المؤمنين لندائها, والدفاع عن العقيدة والوطن عندما تستلزم الحاجة لذلك.

لذا فالحديث في أروقة الجامعات ومراكز البحوث والدراسات, إذا لم يأخذ بنظر الاعتبار الإبعاد العقائدية للفتوى والاستشراف المستقبلي للإحداث, أكثر مما يهتم بالجوانب الثانوية لها, فأنه سيبتعد عن الدراسة الموضوعية لأهمية الفتوى المقدسة, ولم يلبي طموحات الأمة التي تنتظر إلى النخبة الأكاديمية, بأنها البوصلة الحقيقية لتوضيح القراءات المطلوبة لأبناء المجتمع.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عمار العامري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/26



كتابة تعليق لموضوع : فتوى الجهاد الكفائي بين قراءتين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net