صفحة الكاتب : راغب الركابي

العراق والمستقبل المجهول
راغب الركابي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 ليس من شك ، فينا من يجهل حجم معانات الشعب والوطن من الإرهاب وخطره !! ، وما يسببه لنا ولمن حولنا من مشكلات وأزمات تحاصرنا في الحاضر وتسرق مستقبل أجيالنا القادمة ، وفي هذه النقطة لا بد من توجيه الأنظار إلى الطريقة الخاطئة والتي تعاطينا فيها مع الإرهاب ومع مجمل هذه القضية ، وهنا نُشير إلى تلك الطريقة الغير نزيهة والغير صادقة والغير واضحة والتي أدخلتنا في الكثير من التدجيل والتعميه وعدم الصواب وفقدان الكثير من الوقت والمال والجهد ، والإرهابيون في بلادنا لهم حواضن تزودهم بالمال والسلاح والتعبئة والتجهيز الإعلامي والحشد الدعائي ، وهؤلاء المزودين يناصرونهم مدفوعين بالحقد والجشع والتضليل وسوء النية والكراهية ، وهؤلاء هم ليسوا فقط الواقفين هناك خارج الحدود ، بل إن لهم المناصرين في داخل الوطن من سياسين خونة ومرتزقة ونفر من المائعين التاهين اللاهثين وراء الدرهم والدينار ، نجد هؤلاء في أجهزة الدولة ومؤوسسات الحكم ، ونجدهم إيضاً في أجهزة الأمن والجيش والشرطة ، مستغلين هذا التفكك في جسد الوطن وهذا التنازع بين أطراف سياسية بغيضة ، ولا أدلكم على جديد فإن أساليب التضليل والإغراء لا يقيدها شرف ولا تحدها قيود ، ولا يردعها ضمير لدى بعض سياسينا ، ونحن نخوض حرب الإستنزاف ضد قطعان الإرهاب نشكو في الوقت عينه ضعف مؤوسسات الدولة وعدم تركيزها على ما ينفع العراق ويعزز موقفه ، وهاكم معي أدلكم على معالجات وزير خارجية العراق السطحية والساذجة والبعيدة عن الواقع والبعيدة من الإقتراب عن الحقيقة كما هي من غير تلبيس ، وأرآها مكتفية بالتلهي وبالتجول هنا وهناك ، ولا اجد لها موقفاً حازماً بين العرب فيما يخص قضايانا المصيرية ، ولهذا تبدو ليَّ صورتها كما تبدو للجميع من غير طعم ولا لون ولا رائحة ، وها أنا أشير لدور وزارة الخارجية في الإجتماع الوزاري اليوم في القاهرة لمناقشة الأزمة بين طهران والرياض ، ولم يتعض وزير خارجيتنا من موقف وزير خارجية لبنان الذي عبر عن رأيه بكل وضوح وقانونية وشفافية ومن غير إلتباس لدى السامع ، والموقف يتطلب توضيح ما يلي :

أولاً : يجب أن يكون موقف العراق واضحاً ومندداً في التجاوز على السفارة السعودية لأنها في حماية الدولة الإيرانية ، ويجب إستنكار ذلك الفعل بأشد العبارات ومحاسبة الفاعلين وضبطهم ومحاكمتهم وهذا ما تقوم به إيران بالفعل ، وهؤلاء يجب إدانتهم وتوجيه الأنظار لموقفهم الخاطئ .

و ثانياً : يجب أن يكون للعراق دوراً واضحاً في مسألة الصراع ، وليس موقفاً موافقاً فقط أو تكرار القول حول مفهوم الإجماع العربي الهزيل البائس ، كان يجب على وزير خارجية العراق ان يكون بمستوى الحدث ويُظهر الكثير من الشجاعة والحزم والإرادة ، فهو كما نسمع أراد أن يكون وسيطاً أو قد دخل وسيطاً ، وفي هذه الخطوة عليه تتبع ذلك وأبداء الرأي الذي يحد من التنازع وفق الإستحقاقات القادمة ، لا التوقيع على بيانات الجامعة التي لا تحل ولا تربط ، كان عليه أن يكون له موقفاً متميزاً نسمع عنه ونسمع صدآه ، بحيث يُقال لنا هكذا تحدث وزير خارجية العراق .

في السياسة لا يجب ان تكون مفكراً ، بل يجب ان تكون رجلاً محاوراً تستخدم أبسط العبارات وأدلها على المُراد ، لكي تقول كلمتك حيث تُسمع وتكون جزء أساسي وطرفاً فاعلاً ، والمؤسف إنه ومنذ 1990 ضاع العراق وسقطت هيبته وأصابه الخمول والتردي - وأكثر هذا السقوط كان بفعل العرب أو بفعل تآمر العرب - ، نعم كنت أتمنى لو كان وزير خارجية العراق أن يُقدم لنا صورة مغايرة ، صورة نعتز بها ونفتخر ، ولأن ذلك لم يحدث كم تمنيت لوكان لنا وزيراً بحجم شخصية - السيد مثال الألوسي - ، فهو بكل الإعتبار كامل من جميع الأوصاف ، شجاع متمرس خبير وله دراية بخفايا العرب وبمزاجهم وهو خير من يُحسن التعامل معهم من غير عوج .

إن كل مصائبنا جاءت من هذه التوليفة السياسية الفاشلة ومن هذه المحاصصة الفاشلة التي قدمت لنا نوعاً من البشر غريبي الأطوار ، وكل مؤهلاتهم إنهم خير سُراق وحرامية ، وأخرت لنا عن عمد رجال من الطراز الذي يريده العراق .

إن الإستمرار في تكرار الأخطاء يولد النفور والتراجع وعدم الثقة ، ولكي لا نسيء الظن بالجميع ندعوا الأخ رئيس الوزراء ليقرأ الأمور قراءة واقعية جديدة ، تخرجنا من هذا الذي نحن فيه من تهالك وتردي وميوعة وخمول ، ودعوتنا للأخ العبادي تتلخص بنقطتين :

الأولى : هي بالتركيز الجدي على الإصلاح في مؤوسسات الدولة والنظام ، بشكل حقيقي وليس شعاراتي وعاطفي ومزاجي ، وفي ذلك العمل سنلتقي سوياً في وسط الطريق جميعنا لكي نبني ونعمر وننتج ، وفي الإشتراك بالعمل الإصلاحي ستتلاشى صور الغدر والطعن سواء من الرفاق أو من الأغيار ، وهناك سيتجمع الشعب حول وطنه وقضاياه من دون خيانات وأحلاف أو إنكباب على فتات أقوال نفر خارجين ، إن دور الإصلاح الحقيقي يكون في فضح ما يُراد للعراق وشعبه من التمزيق والتفتييت وفضح تلك المؤامرات ومن يعمل داخلها ومن خلالها ، وأظن إن الباب يجب ان يكون مفتوحاً لأبناء الوطن يدولون بدلوهم ، ومن ثم نمد اليد وهي عزيزة للعالم الغربي وروسيا ، ومن دون الإعتماد على عرب اللسان أو عرب الجنسية فهم أعداء بالفطرة ، وفي ذلك ترآنا ندعوك للحذر من الدول الماكرة ، والتي لم تكن في يوم من الأيام إلاَّ عدو فاحذرهم ، وفي ذلك الأمر من التحذير إنما نقوم بواجبنا الوطني والأخلاقي تجاه شعبنا ووطننا .

إن واجبنا دائماً يكون في صون حقوق شعبنا وكرامته لا الضياع في إطلاق الوعود والفلسفات البائسة ، ودعونا لا نذكر الشعب بالفساد الذي خرب على الوطن مستقبله ونظامه وعيشه العام ، دعونا نركن للعمل ودعونا نركز على ما يجمعنا ، وذلك هو الإصلاح الحقيقي الذي هو معركتنا جميعاً ، وفي ذلك إنما نواصل الجهد في حربنا المفتوحة على الإرهاب .

والثانية : هو في إدامة الجهد المتواصل ضد الإرهاب ، ولا يجب ان نخلط في المشاعر أو نُسرف في ذلك حتى لا نُصاب بالإكتئاب أو القنوط ، ونحن نعلم إن هناك من يدبر لنا في الخفاء والعلن ، كيف نفشل ؟ وكيف تذهب ريحنا ونتفرق ونذوب ؟ ، وعليكم أخي رئيس الوزراء تقع المسؤولية في تقليص مساحات الذين يُسمح لهم بالكلام والخطب ، حتى لا تتناقض الأقوال والأفعال ونكون كالتي نقضت غزلها أو بقول غوار الطوشه - حارة كلمن أُيده ألو - ، وتُستغل هذه الحالة من قبل الإرهابيين ، وكلنا يعرف وسائل هؤلاء الإرهابيون وإمكانياتهم ، وما يُقدم لهم في السوق الإعلامية والسياسية من تسهيلات دعائية ووظائفية .

إننا نرى الخطر محدقاً ولكي نستعد له ، لا بد من حجب الأنظار عن أولئك المهرجين الذين يعطون للعدو الوسيلة والقصد التي تُصيبنا بالوهن والتخاذل والتراجع .

إن موقف العراق من الأحداث لا يجوز ان يكون مهزوز أو باهت أو غير منسجم مع واقعه ، وفي هذا المجال لا يجب أن نعيش أحلام اليقظة ظانين بها الواقع ، وهذه من السفسطة المذمومة ، إنما نريد للعراق مع الحق بكل صلابة وعنفوان ، وهذا عهدنا به ومن لم يجد في نفسه الكفاءة في ذلك ، فليفسح الطريق لغيره ، إن كان هناك بعض ضمير ..
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


راغب الركابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/11



كتابة تعليق لموضوع : العراق والمستقبل المجهول
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net