صفحة الكاتب : محمد الحسن

(فصائل مقاومة)..أزمة مفاهيم أم رفض للدولة؟!
محمد الحسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 أبرز أشكال المقاومة؛ مقاومة سلمية تتخذ طريق النضال السياسي والإجتماعي لتحقيق أهدافها، وهذه قد تتبناها الدولة في مواجهة حالات معينة ترتبط بسيادتها فتتخذ إجراءات متنوعة لإسترداد السيادة المنتهكة من قبل دولة أخرى.. أقرب الأمثلة؛ التوغل التركي في شمال العراق.
 والمقاومة المسلحة التي ترى السلاح طريقاً لتحقيق الهدف، وهذا الهدف عادة ما يكون إخراج قوات عسكرية نظامية محتلة للبلد. هذا الشكل ينمو في ظل غياب أبرز عناصر الدولة، حكومة مستقلة، وبالتالي تتبلور حالة شعور وطني شاملة تؤسس لمرحلة تاريخية، أحد أهم ملامحها الكفاح المسلح. عند زوال المسببات تذوب المقاومة ميدانياً، ويذهب كل لوضعه الطبيعي لممارسة الدور الأعظم؛ بناء دولة.
في حال ضعف تلك الدولة، يميل الناس بتلقائية للبحث عن أسباب ذلك الضعف محاولين التشخيص فقط!.. بالضبط، كما هو عندنا؛ غير إن الفرق بأستمرارية تسمية "مقاومة" دون توضيح يحدد مقاومة ماذا؟!
 فمصطلح "فصائل المقاومة" برز في العراق بعد إنسحاب القوات الأمريكية وتشكيل حكومة عراقية عبر إنتخابات ودستور دائم، بمعنى إنّ الدولة العراقية خرجت من طور ودخلت سريعاً في طور آخر، أهم ملامحه الديمقراطية، وهذا واقع يعيشه العراق رغم كل الإشكالات والمعوقات.
أبرز تلك المعوقات هو عدم  تسمية الأشياء بمسمياتها الواقعية، بغية تغيير الواقع والدخول في واقع آخر لا ينسجم مع التفكير الإنساني المنطقي، والقفز من حالة طبيعية إلى حالة أخرى مشوهة تنم عن رغبة في ديمومة الإرباك وعرقلة الوصول إلى الإستقرار. إنتشر مفهوم "فصائل مقاومة" بعد حملة الإرهاب بفصائله المختلفة على العراق، وفشل الحكومة السابقة في مواجهة التحدي، وهنا يمكن أن نجد مبرراً لتمرير "مقاومة" والإيمان به؛ إلا إن ثمة عوارض تقنّد ذلك المبرر الوحيد، فكون الإرهاب وافداً ومحضوناً وأحياناً ذاتياً، يجعل الدولة هي المتصدي الفعلي. العارض الثاني، هو كون تلك الفصائل خاضعة فعلياً للحكومة العراقية، وبالتالي عليها البقاء ضمن قرار ورؤية الحكومة بأعتبارها تابعاً شرعياً.
الأمر الثالث؛ في العراق لا يوجد إحتلال كما هو في فلسطين أو لبنان؛ إنما هي ظاهرة إرهابية تخريبية بحتة في مواجهة شرعية الدولة، وبما إنّ تلك الفصائل تابعة رسمياً للدولة، فيصعب عليها لعب دور آخر. بمعنى إن تقمص دور (المقاومة) لا يليق ولا ينسجم مع شخصية الدولة، فالدولة مفهوم إنساني يلامس جميع جوانب الحياة، بينما المقاومة حالة إنسانية تبتغي الوصول إلى مفهوم الدولة، فهي وسيلة, فضلاً عن كون المفهوم لا يحمل مضامين واضحة ومحدّدة.
حالة واحدة تجعل تعبير "المقاومة" طبيعي، وهي خروج تلك الفصائل من عباءة الدولة رسمياً، وتبنيها لمشروع معّرف, وهذا ليس متحقق ولن يتحقق، ومن هنا نصل إلى الخلل الرابع المصاحب لكلمة "مقاومة" وهو إن جميع تلك الفصائل، فضلاً عن تبعيتها الرسمية للدولة، هي مشتركة بقوة في الحكومة الإئتلافية وبحقائب وزارية كثيرة..!
قد يكون إستخدام ذلك المصطلح إعتباطياً، بيد إنّ الواقع يكذّب ذلك.. فصائل أخرى لا تحمل سوى إسم "حشد شعبي" تقابلها فصائل تروٌج ل"مقاومة" وبنظرة سريعة لذلك الترويج، نجده مرتبطاً بفهم خاطئ للدولة، إذ لا يفرق بين الدولة والسلطة، ويعتقد إن السلطة هي الأساس ولو عادت إلى شخص معين، مهما كان فاشلاً، ستنتفي الحاجة ل"مقاومة"..!
لنذهب إلى تبرير آخر يمكن من خلاله تسويغ ذلك المصطلح، فرب قائل؛ طالما هناك إرهاب وشعب يقاوم هجمته، فما الضير في تسمية "بمقاومة"؟. والواقع إن الفصائل المروّجة لهذا المصطلح ترفض فصائل زميلة وتقاتل معها في ساتر وجبهة واحدة، من أن يطلق عليها ذلك الوصف، معتبرة بذلك إنّ المقاومة صفة حصرية لها!.. إختزال الكلمة، به إشكال أكبر من إستخدامها, ويتقاطع مع مفهوم الدولة!..
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد الحسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/12



كتابة تعليق لموضوع : (فصائل مقاومة)..أزمة مفاهيم أم رفض للدولة؟!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net