صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح309 سورة الأحزاب الشريفة
حيدر الحد راوي
بسم الله الرحمن الرحيم
 
يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً{30} 
الآية الكريمة تخاطب زوجات الرسول الكريم محمد "ص واله" خاصة (  يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ) , ظاهر قبحها , (  يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ) , ضعفي عذاب غيرهن من النساء , وذلك لان الذنب منهن اقبح , لذا فتنال عقوبة الذنب أيا كان مضافا لها عقوبة اخرى لصلتها بالنبي الكريم محمد "ص واله" , (  وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً ) , كونهن نساء النبي "ص واله" لا يمنع عنهن مضاعفة العقاب .  
 
وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً{31} 
يستمر الخطاب في الآية الكريمة (  وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ) , ومن منكن تداوم على الطاعة , (  وَتَعْمَلْ صَالِحاً ) , وتستمر في العمل الصالح في حياة الرسول "ص واله" و بعد وفاته , (  نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ ) , يضاعف لها الاجر كما ضوعفت لها العقوبة عند المخالفة , اجر العمل الصالح مضافا اليه اجر صلتها بالرسول "ص واله" , (  وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً ) , زيادة في الاجر والثواب .    
 
يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً{32} 
يستمر الخطاب في الآية الكريمة (  يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء ) , لستن كباقي النساء في استحقاق الاجر , وكذلك في استحقاق العقاب عند الذنب , لصلتكن وقربكن من الرسول الكريم محمد "ص واله" , (  إِنِ اتَّقَيْتُنَّ ) , يكون ذلك اعظم ولكنّ السابقة في الفضل على كل النساء , (  فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ ) , نهي عن ان يتحدثن بصوت لين مع الرجال , (  الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ ) , فيطمع من كان في قلبه مرض او فجور , (  وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ) , لا لين فيه , من غير خضوع , لا يثير الشهوة او الريب .     
 
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً{33} 
يستمر الخطاب في الآية الكريمة (  وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) , من الوقار او القرار , (  وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى ) , كما كانت نساء الجاهلية , " عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله في حديث أن يوشع ابن نون وصي موسى عليه السلام عاش بعد موسى ثلاثين سنة وخرجت عليه صفراء بنت شعيب زوجة موسى عليه السلام فقالت أنا أحق منك بالأمر فقاتلها فقتل مقاتلتها وأحسن أسرها وأن ابنة أبي بكر ستخرج على علي في كذا وكذا ألفا من امتي فيقاتلها فيقتل مقاتلتها ويأسرها فيحسن أسرها وفيها أنزل الله تعالى وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى يعني صفراء بنت شعيب" –تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني- , (  وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ ) , حافظن على الصلاة المفروضة عليها وعلى ادائها في اوقاتها , (  وَآتِينَ الزَّكَاةَ ) , ما استحق عليه الزكاة من الاموال , (  وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) , في سائر الاحكام الاخرى , (  إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ) , الاثم وكل امر قبيح مستقبح , (  وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) , طهارة الى طهارة , طهارة في طهارة , طهارة على طهارة . 
النص المبارك (  إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) نزل في حق الرسول وعلي وفاطمة والحسن والحسين "ع" والروايات والشواهد عليه كثيرة من كل الفرق الاسلامية . 
 
وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً{34} 
يستمر الخطاب في الآية الكريمة (  وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ ) , حافظن على ذكر وتلاوة آيات الله تعالى والحكمة البالغة من كلام الرسول محمد "ص واله" وعمله , (  إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً ) , انه جل وعلا (  لَطِيفاً ) , بأوليائه , بالمؤمنين والصالحين , (  خَبِيراً ) , بهم وبجميع خلقه .   
 
إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً{35} 
تصنف الآية الكريمة المسلمين الى درجات , وفقا الى قوة الايمان او وفقا الى ما اشتهروا به , (  إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ ) , المنقادون لحكم الله تعالى , (  وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) , المصدقون بكل ما ينبغي التصديق به , (  وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ ) , المطيعون في اداء الواجبات وترك المنهيات , (  وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ ) , في القول والفعل والعمل , (  وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ ) , على الطاعات وترك المنهيات , (  وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ ) , المتواضعون لله تعالى بقلوبهم وجوارحهم , (  وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ ) , الذين ينفقون اموالهم ابتغاء رضا الله تعالى , (  وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ ) , بنية صادقة خالصة لله تعالى , (  وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ ) , عن الحرام , (  وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ ) , الذكر اللساني مصحوبا بالذكر القلبي المستلزم ظهور اثاره على الجوارح , (  أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم ) فأن الله تعالى اعدّ لهم جميعا :       
1- (  مَّغْفِرَةً ) : لذنوبهم , وقد تكون مغفرة مطلقة . 
2- (  وَأَجْراً عَظِيماً ) : ثوابا جزيلا على طاعتهم وامتثالهم للأوامر الربانية .   
تنبغي الاشارة هنا الى ان بعض الصحابة "رض" اشتهروا وعرفوا بمفردة واحدة من هذه المفردات , تميزوا بها عن غيرهم , فعرف بعضهم بكثرة الصوم , وبعضهم بالورع او العفاف , والبعض الاخر اشتهر بكثرة الذكر ...الخ , وتميّز عليهم جميعا الامام علي بن ابي طالب وفاطمة والحسن والحسين "ع" بأن جمعوا كل تلك المعاني .  
(  عن مقاتل بن حيان لما رجعت أسماء بنت عميس من الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب دخلت على نساء رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت هل نزل فينا شيء من القرآن قلن لا فأتت رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسار فقال ومم ذلك قالت لأنهن لا يذكرن بخير كما يذكر الرجال فأنزل الله تعالى هذه الآية ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" . 
مما يثار الجدل حوله , قضية الفرق بين الاسلام والايمان , ايهما يسبق ؟ , وايهما ارفع درجة ؟ , للجواب بشكل مبسط نقول : 
1- الاسلام قد يعني الدين الاسلامي , والايمان يخص طبقة معينة من اتباعه , فالإسلام يشمل جميع المسلمين دونما استثناء , اما الايمان فلا يشمل جميع المسلمين , بل شريحة خاصة .
2- الاسلام قد يعني الاعمال الظاهرة التي قد تكون مصحوبة بإيمان قلبي , وقد لا تكون كذلك , فيكون صاحبها ضعيف الايمان او منافقا او جاهل , وهو قوله جل من قائل  {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }الحجرات14 . 
3- الدين الاسلامي له ظاهر وباطن , ظاهرة الاسلام , وباطنه الايمان .
4- اذا ذكر الايمان مفردا فيشمل الاسلام بالضرورة , اما اذا ذكر الاسلام مفردا , فقد لا يشمل الايمان بالضرورة , بدلالة :
أ‌) الخطاب الرباني غالبا ما يكون ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ) , وهو يشمل المؤمنين والمسلمين معا .
ب‌) كما في الآيات الكريمة من قصة النبي لوط "ع" في سورة الذاريات الشريفة (فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ{35} فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ{36} ) , فقد اشارت الآية الكريمة الى لوط "ع" وبناته بالإيمان خاصة , لكن لما لم يك جميع من في بيته "ع" مؤمنين بل كان هناك شخص ظاهر الاسلام ولم يؤمن في القلب فأطلقت الآية الكريمة على بيته "ع" (فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ ) , أي ان هناك من بينهم شخص غير مكتمل الايمان , او في ايمانه خلل , فكان هذا الشخص امرأة لوط "ع" .
5- الاسلام والايمان من حيث المعنى قد يلتقيان في بعض الموارد , وقد يختلفان في الدرجات القلبية , لاحظ قوله جل وعلا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِيَ أَنزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيداً }النساء136 , طالما وان الخطاب الرباني ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ) يشمل المؤمنين والمسلمين فما الضرورة لقوله جل وعلا (آمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ ...) ؟ , فالمؤمنون قد آمنوا بذلك قلبا وقالبا , يرى بعض المفسرين انه للتأكيد , او المداومة على الايمان , وفي اراء اخرى لبعض المفسرين كالفيض الكاشاني في تفسيره الصافي ج1 كان له رأي مختلف حيث يرى ( ( يا أيها الذين آمنوا ) بألسنتهم وظاهرهم (آمنوا ) بقلوبكم وباطنكم ) , لعله ارجح ما يبين الفرق بين الاسلام الظاهر والايمان الباطن .         
 
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً{36} 
تبين الآية الكريمة (  وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ) , لا يصح لمؤمن ولا لمؤمنة ان يختاروا لأمرهم شيئا , بل الاختيار في ما اختاره الله تعالى , (  وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً ) , اما من خالف اوامر الله تعالى ورسوله فقد ابتعد عن الطاعة بعدا بينّا .    
مما يروى في سبب نزول الآية الكريمة ( عن الباقر عليه السلام وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله خطب على زيد بن حارثة زينب بنت جحش الأسدية من بني أسد بن خزيمة وهي بنت عمة النبي صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله حتى اوامر نفسي فأنزل الله عز وجل وما كان لمؤمن ولا مؤمنة الآية فقالت يا رسول الله أمري بيدك فزوجها إياه الحديث ويأتي تمامه عن قريب ) . "تفسير القمي , تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني , وكذلك تفسير الجلالين للسيوطي ما يقارب المعنى " . 
 
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً{37} 
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة (  وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) , بالإسلام , (  وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ) , بالعتق وهو زيد بن حارثة , كان من سبي الجاهلية اشتراه الرسول "ص واله" قبل البعثة وتبناه , (  أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ) , زينب بنت جحش , (  وَاتَّقِ اللَّهَ ) , لا تطلقها , (  وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ ) , انها ستكون من ازواجك وان زيد سيطلقها , (  وَتَخْشَى النَّاسَ ) , من تعييرهم اياك , (  وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ) , ان كان هناك ما يخشى , " عن السجاد عليه السلام أن الذي أخفاه في نفسه هو أن الله سبحانه أعلمه أنها ستكون من أزواجه وأن زيدا سيطلقها فلما جاء زيد وقال له اريد أن أطلق زينب قال له أمسك عليك زوجك فقال سبحانه لم قلت أمسك عليك زوجك وقد أعلمتك أنها ستكون من أزواجك" - تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني - , (  فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً ) , حاجة حيث ملها ولم يبق له حاجة فيها , وبعد انقضاء عدتها , (  زَوَّجْنَاكَهَا ) , قضينا لك بالزواج منها , (  لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ ) , وعلة ذلك كي لا يكون هناك حرج على المؤمنين (  فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ  إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً ) , بذلك يرفع الحرمة او يرفع الحرج والتعيير الناجم عنه والمترتب عليه , (  وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً ) , حكمه وقضاءه نافذ .   
 
مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً{38} 
تستمر الآية الكريمة في بيانها (  مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ ) , فيما احل الله تعالى له , (  سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ) , هذه سنته عز وجل في السابقين من الانبياء "ع" ان رفع الحرج عنهم في ما احله الله تعالى لهم , (  وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً ) , حكما قطعيا , و قضاء مقضيا . 
 
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً{39}
تستمر الآية الكريمة مبينة (  الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ ) , الرسل والانبياء "ع" , (  وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ ) , لا يخشون احدا الا الله تعالى , ومن ذلك ما يقوله الناس عنهم في ما احلّ لهم , (  وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ) , كفى به جل وعلا مراقبا محافظا على اعمال خلقه , محاسبا اياهم عليها . 
 
مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً{40}
تبين الآية الكريمة مضيفة (  مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ) , ما محمد ابا لزيد فيحرم عليه الزواج من زينب بنت جحش , يروي القمي في تفسيره انها نزلت في زيد بن حارثة قالت قريش يعيّرنا محمد بدعي بعضنا بعضا وقد ادعى هو زيدا ,  (  وَلَكِن ) , لكنه "ص واله" :   
1- (  رَّسُولَ اللَّهِ ) : كل رسول ابو لأمته من حيث الشفقة والنصح لهم , وما زيد الا كسائر المسلمين . 
2- (  وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ) :  به "ص واله" تختم الرسالات السماوية , وكذلك شريعته خاتمة لكافة الشرائع السماوية . 
(  وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً ) , وهو عز وجل يعلم يمن يليق وينبغي ان تختتم به النبوة .  

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/27



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح309 سورة الأحزاب الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net