صفحة الكاتب : مديحة الربيعي

سياسي في سوق البالة!
مديحة الربيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 أثناء متابعة التقارير الإخبارية على القنوات الفضائية, أستوقفني تقرير يتحدث عن أسواق البالة, والعراقيون يعرفون تلك الكلمة جيدا ( البالة.. الملابس المستعملة) فحوى التقرير ينقل واقع البلاد والعباد, وتأثير الأزمة المالية, والتقشف على أوضاع الناس, ومستوى الفقر الذي أنقض على البسطاء, وعصف بجيوبهم ورواتبهم ومدخراتهم, ولم يصل الى بنوك وبيوت الحرامية!
يوضح التقرير كيف تعج تلك الأسواق بالبسطاء, وذوي الدخل المحدود من المجبرين على أقتناء الملابس لأطفالهم, تزامنا مع موجة البرد القارس, ومتطلبات المدارس.
الملفت في هذا التقرير أن أحد المتبضعين من هذا المكان.. مقاتل في الحشد الشعبي! ترك بيته وأهله, والتحق بجبهات القتال, ليقدم نفسه ودمه, ورغم عطائه هذا لا يملك ثمن  أقتناء ملابس جديدة لنفسه! فأي أجحاف مقابل العطاء؟ وأين أولي الأمر من قوله تعالى ( هل جزاء الإحسان ألا الإحسان) الرحمن آية 60, وأي إحسان يكافأ بذل النفس؟
سرعان ما أزدحمت الصور في ذاكرتي, البدلات الأمريكية والتركية, السكائر الكوبية, الأحذية الإيطالية, العطور الفرنسية, سيارات الفيراري, ترليون النازحين ترليون الهلال الأحمر, مليارات فلاح السوداني السبعة, قصور المحيط في الكاظمية والكرادة, وأوراق الانتخابات والأجهزة اليابانية, والحبر التايلندي, والصناديق وحملات التمويل, وتوزيع الهدايا والهبات...ووو!
خزينة خاوية, وبلد على حافة الإفلاس, رجال يقدمون النفس, ويرضون بالقليل مؤامرات تحاك في الخفاء لضرب الحشد, متاجرة بدماء الشرفاء, أصطياد في الماء العكر , ووطن يبحث عن قرابين.
مقاتل يبحث عن ملابس قديمة ليلحق بركب الشهداء, وسياسي يقتني بدلات أنيقة ليقيم سهرات مع شركائه في اللصوصية, خنادق وفنادق, مضامين فارغة عارية, تبحث عن ما يسترها, حتى  وأن  كانت الأبدان تكسوها بدلات الفخمة, ومضامين أخرى ممتلئة, بكل المعاني المشرفة حد التخمة, حتى وأن الأبدان النحيلة تكسوها ملابس بالية,  وتبقى الحقيقة الوحيدة لو أن أشباه الساسة عُرضوا للبيع, مع ما يرتدون, في أسواق البالة, لما أقدم على أحد أقتنائهم, بأبخس الأثمان, بينما تبقى بساطيل من يتشرون البالة, أغلى من الحرامية وكراسيهم!
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مديحة الربيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/29



كتابة تعليق لموضوع : سياسي في سوق البالة!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net