ووِلِدَ الحُسَين (عليه السلام)
مرتضى علي الحلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مرتضى علي الحلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
في اليوم الثالث من شهر شعبان المبارك من السنة الرابعة من الهجرة زُفَت البشرى الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بميلاد الامام الثائر ابي الاحرار
(الحسين)/ع/
فأسرع /ص / الى دار علي /ع /والزهراء ع
فقال/ ص /
لأسماء بنت عميس
(ياأسماء هاتي إبني ) فحملته اليه وقد لُفَ في خرقة بيضاء
فإستبشر الرسول/ ص /وضمه اليه وأذن في إذنه اليمنى وأقام في اليسرى ثم وضعه في حجره وبكى
فقالت أسماء فداك
أبي وامي ......ممّ بكاؤك ؟
قال/ص/ (من إبني هذا)
قالت أسماء /(إنه ولد الساعة)
قال /ص/
(يا اسماء تقتله الفئة الباغية بعدي لاانالهم الله شفاعتي)
ثم قال/ص/(يا أسماء لاتُخبري فاطمة فإنها حديثة عهد بولادته)
ثمّ تلقى الرسول الأكرم/ص/ أمر الله تعالى بتسميته
فإلتفت الى علي/ع/ وقال/ص/(سمّه حُسينا))إنظر
1/إعلام الورى بأعلام الهدى/الطبرسي/ص217.
2/ مقتل الحسين/ع/ الخوارزمي/ج1/ص87.
فمن هنا بدأت محنة الانسان الثائر الحسين/ ع/ إذ إنّها إقترنت بولادته /ع/بشرى ممزوجة بنبؤة غيبية صادقة في تحققها .
والتي بقت وتبقى تلامس الحياة وقت بعد وقت ,حقيقة لاتندثر إكتسبت قداستها من ربها
تعالى .
.عاشت عبر التاريخ ومرت بالاجيال البشرية
إنها قضية الحرية والانعتاق والشهادة في سبيل الله تعالى .
إنّ الحسين /ع /نال منزلة عظمية
من لدن الله تعالى فهو /ع/ من الخمسة المعصومين/ع/من أهل العباءة والمباهلة وأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بنص القرآن الكريم.
ومشمولٌ /ع/ بآية المودة والولاية وغيرها من سورة الإنسان وآية الأسوة الحسنة.
وهو /ع/عند رسول الله/ ص/ حظي بحب خاص ومقدس من لدن شخص الرسول /ص /
وكثيرا ما عبر عنه /ص/ في مواضع عدة .
فقد ذكر الترمذي وهو من ابناء العامة في صحيحة
أنّ الرسول /ص /قال/
( حسين مني وأنا من حسين أحبّ ألله من أحبّ حسينا حسين سبط من الاسباط )إنظر/في فضائل الخمسة/صحيح الترمذي/ج3/ص262.
وقال رسول الله /ص/
((من احبني وأحبّ هذين (أي الحسن والحسين/ع/ بعد ما أمسك بيدهما) وأباهما كان معي في الجنة))مناقب آل أبي طالب/ابن شهر أشوب/ج3/ص153.
فحقيقة حب الرسول الأكرم محمد/ص/لسبطه الحسين/ع/ من الشهرة بمكان بحيث نقلها المؤالف والمخالف.
ولانحتاج لمزيد من التدليل عليها بالأحاديث الكثيرة فمن شاء التوسعة فليراجع كتب المخالفين قبل المحبين فسيجدها شمسا ساطعة في بطن التاريخ.
فالحسين/ ع/إنطلق بشخصه الشريف وواقعه المعصوم من طهارة عباءة نبينا محمد /ص /ومن حجر علي /ع/ متغذيا من حنان الزهراء /ع/
مُجسدا رسالة الاسلام العزيز فكرا وعملا وسلوكا .
ذلك الحسين الانسان الكامل والرباني
الذي كان ينقل المؤن الغذائية على ظهره الشريف الى منازل الارامل واليتامى والمساكين
فوجد على ظهره/ ع /يوم الطف أثر
فسُئِل الإمام زين العابدين/ ع/ عن ذلك
فقال/ع/ هذا مما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين .
وأما في تواضعه /ع/ فذات يوم مرّ/ ع/ بمساكين وهم يأكلون كسرا على كساء فسلم عليهم فدعوه إلى طعامهم فجلس معهم
وقال لو أنه صدقة لأكلت معكم
ثم قال/ع/ قوموا إلى منزلي فاطعمهم وكساهم وأمر لهم بدراهم .
وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق
أنه /ع/ مر بمساكين يأكلون في الصفة (مكان يجتمع فيه الفقراء)
فقالوا الغداء فنزل/ع/
وقال إن الله لا يحب المتكبرين فتغدى
ثم قال لهم قد أجبتكم فأجيبوني قالوا نعم فمضى بهم إلى منزله وقال للرباب خادمته اخرجي ما كنت تدخرين
/إنظر /أعيان الشيعة/السيد محسن الأمين/ج1/ص 580.
الإمام الحسين/ ع/ كان يخاف الله تعالى في كل شيء
حتى قيل له يوما ما ماأعظم خوفك من ربّك ؟
فقال ع/ (لايأمن من يوم القيامة إلاّمن خاف
الله في الدنيا)/
وفي ليلة عاشوراء من محرم الحرام قد رأى العالم كله كيف أنّ الامام /ع/ لم يترك عبادة الله لحظة ابدا حتى أنه طلب من الاعداء إمهاله
ليلة واحدة للصلاة والاستغفار وتلاوة القرآن الكريم .
ومنه نستلهم هذه الدروس المقدسة
وأهمها أنّ الحسين /ع /عندما راى الجيش الزاحف من معسكر الاعداء في يوم عاشوراء
تأمل به طويلا ولم يزل /ع/ كالجبل الشامخ
وهوابن علي/ ع /فقد اطمأنت نفسه بذكر الله وتصاغر جيش الاعداء امامه فلم يخف ابدا.
فهذه مناجاته الملكوتية تدوي في اسماع الاحرار والعارفين عبر اثير العشق والحب الالهي فيقول /ع/
( أللّهُم أنت ثقتي في كل كرب وأنت
رجائي في كل شدة وأنت لي ّ في كل امر نزل بي ثقة وعدّة كم من هم يضعف فيه الفؤاد وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق ويشمت
فيه العدو انزلته بك وشكوته اليك رغبة مني اليك عمن سواك ففرجته عني فأنت وليّ كل نعمة وصاحب كل حسنة ومنتهى كل رغبة)
إنظر/تاريخ الأمم والملوك/الطبري/ج4/ص321.
وهنا طرح الامام الحسين /ع /ضرورة الارتباط بالله تعالى الذي يدافع عنه ومن اجل اعلاء كلمة الله العليا .
فالرجوع الى الله تعالى امر لامفر منه
فلا خيار للانسان الممتحن إلاّ أن يرجع الى ربه بوجه ابيض وقلب سليم ونفس راضية مرضية
مهما كان عظم البلاء والمحنة.
وهذا ما صنعه الحسين ع في مفردات دعائه (اعلاه) حيث أكّد /ع /
على الثقة العالية بالله تعالى وأنّ الفرج الحقيقي من الله تعالى .
وأخيرا فلنتعظ بقول الله تعالى
(( لقد كان في قصصهم عِبرَةٌ لأولي الألباب ما كان حديثاً يُفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون )) /111/ يوسف/ .
وهذه الأية الشريفة وإن كانت تؤسس لمنهاجية الأعتبار بالقصص الماضية من الأمم الغابرة
ولكنها تُخاطب النُخبة ((أولوا الألباب ))
وتطرح طريقا للأهتداء وإستنزال الرحمة الإلهية لقوم يؤمنون..
ولوإني أعتقد قاطعا أنّ الحسين/ع/ ليس مفردة تأريخية مرحلية تحيثت بحاضنة التأريخ الماضي
بل الحسين/ع/ وإن عاش في بطن التأريخ
لكنه تحول إلى قيمة حيّة بفضل ألله تعالى وبمنحه ذاته الشريفة قُربانا لله تعالى
.ومن هنا فنحن بمسيس الحاجة الوجودية للأخذ من منهج وفكر الحسين/ع/
وتقديري لكم جميعا ...
والسلام عليكم ورحمة ألله وبركاته..
/مرتضى علي الحلي /النجف الأشرف
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat