صفحة الكاتب : كريم الانصاري

مصالحنا الاستراتيجية
كريم الانصاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 على سبيل المثال : نحن نختلف مع الولايات المتحدة الأميركية في العديد من المبادىء والأخلاق والرؤى ، ونراها دولةً  متجاوزةً سلطوية ... إلّا أنّها ترسل إلى العالم رسائل قصدية تجعل الكثيرين  - ولاسيّما النخب وذوي الاختصاص - في حالة تأمّل عميق وتوقّف طويل ..                                        
 تشنّ الحروب  وتتعامل انتقائياً مع مبدأ الديمقراطية - الذي تعتقد أنّها الراعي الأعظم له في العالم - فتُسقِط أو تسعى لإسقاط الحكومات الشرعية المنتخبة ، بينما تدعم في نفس الوقت الأنظمة الاستبدادية الظالمة .. تفسّر القضايا والأحداث والعناوين طبقاً لما تراه متّفقاً مع منافعها وتوجهاتها .. تختلق وتضلّل وتزيّف وتحرّف وتعمل مابوسعها للنيل من أعدائها وتحقيق مآربها...        
 هذا من جانب ، ومن جانب آخر تدافع عن الإنسان وكرامته وحقّه بالحرية والحياة الرغيدة ، بغضّ النظر عن اللون والجنس والدين ، فتراها تنتخب رجلاً أسودَ ينحدر من اُصول أفريقية  وديانة إسلامية رئيساً لها ، وتعمل المستحيل من أجل إنقاذ واستعادة جندي أو أيّ مواطن لها في أيّة بقعة كانت  من الدنيا...                                         باعتقادنا - ونحن نلحظ الحالتين المشار إليهما أعلاه - أنّنا إزاء برادوكس ، قبال تهافت ، أمام تعارض ، أو قل حالة من النفاق والشيطنة ... لكنّهم يرونها عين " المصالح الاستراتيجية " نعم " المصالح الاستراتيجية "التي هي فوق كلّ الاعتبارات والموازين .. شئنا أم أبينا فالواقع يقول : إنّها أميريكا هاهي الآن حاضرة بهذا الشكل والمحتوى ، بهذه القوّة والهيمنة وسلطة القرار ، بقطبيتها الاُحادية ،بدون أيّ منازع جدّي حالياً .                           أمّا نحن في البيت الواحد ، نحن الذين ندّعي انتماءنا إلى أرقى القيم والمفاهيم  - والتي هي حقّاً كذلك -فلازلنا متشظّين ،مبعثرين ،نفعيين ،استبداديين ،متزلّفين ،حربائيين ،صنميين ،قشريين ،استعراضيين ،اُسَريين ،لازلنا مجرّد ظاهرة صوتية  ، لازلنا مخمورين بفضاء المحسوبيات والمنسوبيات والتَوريات والشأنيات ، تتقاذفنا المظاهر وترمينا في أحضان الترف والبذخ والرغبات الذاتية ، فنغدو مشروعاً جاهزاً للاستسلام والخضوع .                                      
  متى ياترانا نفكّر ب "مصالحنا الاستراتيجية " ونعمل من أجلها بكل تفانٍ وإخلاص ، متى ياترانا نتجاوز الفضاءات المذكورة أعلاه وننطلق إلى بلورة المبادىء الحقّة بلورةً صادقةً لوجه الله تعالى ؟!  أم لازلنا لانعرف مصالحنا الاستراتيجية حتى ؟!  ألَم ننضج بعد ؟! ألَن يكفينا هذا الذي بنا ؟! إلى متى ثم إلى متى ؟؟ خصوصاً مع وضوح الحجّة الظاهرة ، السيرة الطاهرة لنبيّنا وأئمّتنا (ع) ، مراجعنا ، علمائنا ، نخبنا ، صالح المؤمنين ... أما آنَ للحجّة الباطنة أن تمارس دورها التكميلي ؟! أما آنَ للعقل أن ينطلق ليعرف " المصالح الاستراتيجية " فيذود عنها ويعمل على نشرها ؟! ولاسيّما أنّنا نعتقد ونجزم بكونها مصالح حقّة فيها خير البشرية وسعادتها .                       
كيف نترضي لأنفسنا أن يقتلوننا ويذبحوننا ويستبيحون أعراضنا  وينهبون أموالنا ويتلاعبون بمشاعرنا وينتهكون حرمة مقدّساتناويذلّوننا ويحذفوننا ولانفعل شيئاً يستحقّ الإشادة  والخلود في القلوب والعقول؟! ..                              هؤلاء أيضاً يرون أنّهم الانعكاس الحقيقي للدين الإسلامي والشريعة السماوية وأنّ الحفاظ على "المصالح الاستراتيجية " يفرض عليهم التعامل معنا بهكذا ظلم وقسوة .                      
قسماً بالله العظيم لولا الوقفة الأبوية المعهودة لداهمونا في عقر دارنا ،في النجف وكربلاء وبغداد حتى تخوم الجنوب ، ولفعلوا كما فعلوه بنا في سالف الأيّام  بل في حاضرها هنا وهناك ، وما   غُزي قومٌ في عقر دارهم إلّا ذُلّوا .    
 إنّها الفرصة الذهبية التي علينا اغتنامها كي نعرف مصالحنا الاستراتيجية جيّداً ، نعرفها من مصادرها الأصلية لاغير  ، نعرفها معرفة فهم واستيعاب وبلورة وتجسيد .  
  "إنّ الله لايغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا  مابأنفسهم " والحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّدٍ وآله الغرر الميامين .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم الانصاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/02/11



كتابة تعليق لموضوع : مصالحنا الاستراتيجية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net