صفحة الكاتب : نزار حيدر

لموقع (كتابات في الميزان) الاليكتروني؛ أَدَواتُ الفَوْضى! (٣)
نزار حيدر
 انّ من اخطر أدوات الفوضى هو المواطن نَفْسَهُ، على الرّغم من انّهُ المُستهدَف في كلّ هذه الفوضى.
   فكيف ومتى يكون الهدفُ اداةً؟!.
   هل رأيتم لاعباً يهدّف على فريقهِ؟ هكذا يكون المواطن المستهدَف اداة للفوضى!.
   فعندما؛ 
   *يغفل او يُستغفل المواطن يتحول الى اداة.
   *وعندما يجهل او يتجاهل الاسبابِ والمسببّات ويتعامل مع الأحداث والتطوّرات والمخاطر بمفهوم (آني شعليّة) يتحوّل الى اداة.
   *وعندما لا يهتمّ الا بمصالحهِ الشّخصيّة، فيصفّق اذا أمّنها، ويُعارض اذا ضاع منها شيءٌ، غير مبالٍ بفلسفة الفتنة التي يقول عنها ربّ الْعِزَّة {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} يتحوّل الى اداة.
   *وعندما يرفض المراجعة والمساءلة والمراقبة، بمعنى انّهُ لا يقبل ان تنقد أحدٌ او تدعو لمساءلة أحدٍ يتحوّل الى اداة.
   *وعندما يكون من جَوقة ابواق (العِجل السّمين) او كومبارس (القائد الضّرورة) يتغنّى بعبارة (بعد ما ننطيها) او يصدّق ان (الزّعيم الأوحد) هو (مختارُ العصرِ) مثلاً او (عنترَة) زمانهِ الممهّد الأوحد لعصر الظّهور او (لولاهُ لما نزلَ القطرُ) او انّهُ (القيادة التّاريخية) فينغمس في عبادةِ الذّات والشّخصيّة وينشغل بصناعة الطّاغوت يتحوّل الى اداة.
   *وعندنا يصدّق كل ما يصلهُ عبر وسائل التّواصل الاجتماعي من اخبار وتُهم وافتراءات وأكاذيب وتقارير وصور وافلام مفبركة، ودعايات التّسقيط ويبادر فوراً لنشرِها والتّرويج لها مشفوعةً بعبارة (كما وصلني) ليُخلي مسؤوليّتهُ مما ورد فيها من خُزعبلات يتحوّل الى اداة.
   *وعندما ينشغل بالنّتائج ويتغافل عن المقدِّمات، ويُجري تقييمهُ على أساس الهويّة والخلفيّة وليس على أساس الانجاز حصراً يتحوّل الى أداة. 
   وانّها اخطر اداة في التّرويج للفوضى، فاذا كان المُستهدف منها هو أداتها فماذا عسانا ان نفعل؟ وما ينفعُ ان نفعلَ؟!.
   للاسف الشّديد فانّ وسائل التّواصل الاجتماعي التي جمعتنا في غرفةٍ وَاحِدَةٍ فألغت المسافات ووحّدت الاهتمامات وفرضت رؤيتها علينا، باتت تلعب دوراً خطيراً جداً في تسطيح الوعي عندما ألغى المواطن من جدولهِ اليومي مطالعة الكتاب والبحث والمقال الجدّي، ليكتفي بغِذاء وسائل التّواصل الاجتماعي، واستعاضَ عن القراءةِ الجدّيّة بكلِّ شيء مُفبرك لا أساس لهُ من الصّحة، من جانب، وفي تحشية أدمغتنا بكمٍّ هائل من الاكاذيب والفبركات لدرجة انّها خلطت الامور بشكلٍ يصعب على المرء ان يميّزها، فلم يعد هناك مسافة بين الحقّ والباطل، الخبر الصّحيح من السّقيم، التّقرير المفبرك من السّليم، وهكذا، ولهذا السّبب ضاع المتلقّي بين حانة ومانة كما يقول المثل المعروف.
   وتتضخّم خطورة الفوضى عندما نعتمد على موادّها الأوّلية، الاكاذيب والافتراءات والفبركات، لبناء رؤية ورسم خارطة طريق وتحديد موقف واعتماد تحليل، الامر الذي يعني انّنا ننظّر للفوضى ونحوّلها من شَيْءٍ مرفوض او مُستهجن وغير مقبول الى جزءٍ لا يتجزّء من التغذية الفكريّة والثّقافيّة التي نعتمدها يومياً، وتلك هي المصيبةُ العُظمى!.
   السّؤال الرّابع؛ كيف نتعامل مع التجارب الذّاتية والغيريّة الحياتيّة والسياسيّة تحديداً؟.
   الجواب؛
   من نِعم الله تعالى على الانسان انّهُ رزقهُ الذّاكرة والى جانبِها التّجربة [التاريخ] ليقلّل من تضحياتهِ وهو يسعى لحياةٍ أفضل ويوفّر على نَفْسهِ الوقت، طبعاً هذا اذا وظّف الانسان هتَين النّعمتَين، امّا اذا منحَ ذاكرتهُ إجازة إجباريّة مدّتها العمرُ كلّهُ، وادار ظهرهُ للتّجارب سواء التّاريخية منها او حديثة العهد، وسواء كانت تجارب الاخرين او التجارب الخاصّة، او انّهُ قرأها للتسليّة كما تفعل جدّاتنا مع الصّغار وليس للعِظة والتعلُّم، او تعامل معها بشكلٍ انتقائي، فهو يتذكّرها اذا خدمتْ مصالحهُ ويتغافلها اذا أضرّت بها او خدمتْ غيرهُ، فانهُ سوف يُضاعف تضحياتهُ ويخسر الوقت بلا نتيجةٍ تُذكر او إنجازٍ ملموس، وهو حالُنا وللاسف الشّديد، لماذا؟ لأنّنا لا ندوّن وإذا دوّنّا لا نُراجع وإذا راجعنا برّرنا وإذا برّرنا فقدنا الدّرس والموعظة والتّجربة والخبرة، وفي أَحيانٍ كثيرةٍ نبرّر بطريقة التّمييز، فانا غير ذاك الذّي فشل، وتجربتي تختلف عن تجربتهِ، والظّروف التي أمرُّ بها تختلف عن ظروفهِ، وهكذا، ولذلك ترى الواحد منّا يكرّر التّجربة الفاشلة حذو النّعلِ بالنّعلِ، فشلٌ يجرُّ الى فشلٍ!. 
   السّؤال الخامس؛ هل يُمكن لبعض التجارب الفاشلة ان تُعيد حيويّتها في صناديقِ الاقتراع القادمة؟.
   الجواب؛ بالتأكيد، فتجارب العالم، القديمة والحديثة، تُشير الى هذه الحقيقة سواءً على الصّعيد الفردي (الشّخصي) او على صعيد الجماعة، الأُمم والشّعوب، طبعاً اذا قرّر الفرد او المجتمع ان يحوّل الفشل الى نجاح، ولكن لذلك شروط؛
   أولاً؛ ان لا نغفل عن التّجربة التي مررنا بها.
   ثانياً؛ ان لا نبرّر للفاشلين والفاسدين.
   ثالثاً؛ ان نُعيد قراءة الخطاب المرجعي تحديداً، وَالَّذِي كانَ السبّاق في التّرشيد والتّنبيه، مرّةً أُخرى بعقليّةٍ مُنفتحةٍ وبصيرةٍ ثاقبةٍ نقدِّم فيها المصلحة الوطنيّة العليا فوق كلّ المصالح الاخرى، بعد ن نضع عُقد الماضي والمشاعر والعواطف جانباً لنُعيد اكتشاف ما كان يقصدهُ هذا الخطاب الحكيم وما كان يعنيه في كلّ مرّةٍ كان يتوجّه للمواطن، فلا نلوي عنق الحقيقة كما كنّا نفعل في الماضي او نفسّرهُ بطريقةٍ تعسّفيّةٍ لنوظّفهُ في خدمة أجنداتنا الحزبيّة كما كنّا نفعل.
   طبعاً سنكتشف انّنا لو كنّا قد فهِمنا المراد الحقيقي كما هو، لما وصل الحال بِنَا الى ما هو عليهِ اليوم.
   رابعاً؛ ان يعمل كلّ واحدٍ منّا جردة حساب دقيقة لكلّ مرشّح سمِع مِنْهُ خطاباً انتخابياً فمنحهُ ثقتهُ، او استلم مِنْهُ مبلغاً او (مِدفئة نفطيّة) او (سندَ أرضٍ فضائيّة) او قائمة طويلة وعريضة بالوعود والعهود، ليتثبّت ما اذا كان قد نفعهُ كلّ ذلك بشيءٍ ام لا؟!.
   هل كان المرشّح الذي فاز بمقعدٍ تحت قُبّة البرلمان بصوتِ النّاخب، صادقاً بوعودهِ الانتخابيّة ام انّهُ كذّابٌ أشر، يصدُق عليهِ شعار الشّارع [كذّاب كذّاب]؟!.
   هذا من جانبٍ، ومن جانبٍ آخر، ينبغي العمل من الان من أجل تغيير قانون الانتخابات لكسر احتكار وهيمنة (العُجول السّمينة) وذيولها و (الحيتان الكبيرة) وأبواقها على المشهد السّياسي، فليسَ من المعقولِ والمقبولِ ابداً ان تُنتج أَيّة انتخابات قادمة، نيابيّة او محليّة، نَفْسِ الوجوهِ المحروقةِ التي لم تجلبِ الخيرَ للبلد!.
   أليس كذلك؟!.
   يتبع
   ١٣ شباط ٢٠١٦ 
                       للتواصل؛
‏E-mail: nhaidar@hotmail. com
‏Face Book: Nazar Haidar
‏WhatsApp & Viber& Telegram: + 1
(804) 837-3920

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/02/13



كتابة تعليق لموضوع : لموقع (كتابات في الميزان) الاليكتروني؛ أَدَواتُ الفَوْضى! (٣)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net